طفلة الطفلة التي تمرغت في رمال الحزن، لحظة أن أبصرت الصاروخ يسقط بين أخويها، أنجبت طفلاً مجنوناً يحمل بين كفيه البندقية. بنت مجنونة حين خرج جميع أفراد المنزل هلعين، ترتعش أقدامهم، وتصطك أسنانهم خوفاً ورعباً من سقوط الصاروخ قبل انتهاء الدقيقتين، التي أمهلهم إياها رجل المخابرات للخروج من المنزل، فوجئوا بعد القصف بأن صغيرتهم ولجت المكان دون إذن من أحد وحملت دميتها مبتورة القدمين، ثم خرجت بحمَّام من الدم. طفل سقط مسجدنا مضرجاً بحجارته، وبات علينا أن نصلي في الفضاء الرحب، الفسيح. وفعلنا، كنا نصلي بجوار الركام الذي تناثر كالمطر ساعة أن تهاوت مئذنة المسجد وقبته الخضراء. .. في البعيد كان أحد صبية المخيم يحمل بين كفيه غمامة، يغطي بها روح أبيه الذي ما يزال ساجداً حتى اللحظة. ولد مجنون قال لأمه: سأخرج. صرخت في وجهه كمن أصابها الموت وقالت: لا تفعل. وفعل ........ ... حتى اللحظة لم يظهر له أي اثر. أطفال الطفل الذي خرج دون إذن من أحد، والذي لم يُعرف له أي اثر حتى اللحظة، فوجئ بأن الطفل الذي يحمل الغمامة فوق رأس أبيه يقف أمام قبر جارته ودميتها ملعقة بين السماء والأرض. ...... يُخرج صاحب الغمامة، مطراً غزيراً من جيبه يهديه للمجنون الذي حمل البندقية باكراً.