يعتبر التعليم ركيزة أساسية لبناء المجتمعات ، لما يقوم به من دور التهذيب والبناء لشخصية الأجيال .لأن الأسرة هي المدرسة الأولى التي توجه طفلها للمدرسة الثانية لتتولاه بالشحن المعرفي ،والرعاية الأخلاقية . وقد يبذل رجال التعليم قصارى مجهوداتهم للرفع من مستوى الأجيال ، لكن يظل الخلل قائما ،وتظل الشخصيات المتدحرجة بين المرغوب والممنوع متواجدة والحيرة متواصلة. والسر وراء هذه الظاهرة هو تراجع الدور الثقافي والفني الذي لا يستقيم مجتمع بدونه ،ولا ترقى أمم وثقافتها وفنها يتراجع .لأن الثقافة عموما بجميع الوانها المعرفية والفنية تغذي الروح كما يغذى الجسد بطعام صحي يمنع اعتلاله ويحصنه من الأمراض التي يمكن أن تفتك به ؛ كذلك الثقافة بفنونها الجميلة ومعارفها المتنوعة ترقى بالروح عن كل تطرف من شأنه أن ينزل بها إلى الحضيض . والخطأ الجسيم الذي يمكن أن يقع فيه مجتمع ما هو عندما يتصور أن صلاح الأجيال يعتمد على إصلاح منظومة التعليم لوحدها ،غافلين كل الاغفال عن منظومة الثقافة بكل ألوانها المعرفية والفنية .ويستغربون عندما يتكون لديهم جيل مشتت الفكر ، متناقض الهوية ،مهلهل الشخصية …بل والأخطر من هذا أن جيلا بهذه الأمراض الروحية يتحول إلى عجينة طيعة تشكلها كما تشاء وترغب بدون أية مقاومة فكرية نيرة . والجميل هو أن الغيورين على ثقافة البلاد وفنها وما له من دور في تربية الأجيال قد انتبهوا ،وتيقظوا رغم كل الاكراهات وعملوا على العناية بتربية الأجيال من خلال الثقافة والفن .من هؤلاء برز منظمو المهرجان الدولي للفيلم التربوي بالجبهة بشراكة مع المركز الثقافي التابع لوزارة الشباب والثقافة والتواصل ، الذي إضافة إلى الأفلام القصيرة التي عرفها قدم درسا في الأخلاق عندما رشح رئيس لجنة التحكيم الفنان عبد الكبير الركاكنة جائزة كبرى لفيلم جزائري في وقت تعرف فيه العلاقات السياسية للجزائر مع المغرب منعرجا خطيرا لا تحترم فيه لاقانون جوار ولا عروبة ولا إسلام .وهذا هو الدور الحقيقي للفن تهذيب وتثقيف الروح الانسانية لتجنح نحو السلام والمحبة التي تجمع الشعوب بدل أن تفرقها ، وتصل رحم الإنسانية بدل أن تقطعه ،وتحقق التآخي للعيش الكريم . فما أحوجنا للثقافة والفن بدونهما لا معنى للحياة .