تستمد الحياة أصولها وجذورها وأخلاقياتها من الدين الذي يهدي الي الأقوم ويرشد الي الصلاح والتقوي. وهو ورسالة تدعو كل انسان الى التأمل والتبصر للوقوف على أسرار الحياة. والإنسان عبارة عن خلق وسلوك ينتج عنها موقف، ويحتاج الإنسان إلى معرفة الأخلاق، والأخلاق لا تنبع إلا من الايمان والدين ثم تترجم هذه المعرفة الأخلاقية إلى سلوك. اذن الدين يثمر الأخلاق، والأخلاق تؤدى الى سلوك حميد نابع من الدين. فإذا الانسان تمتع بسلوك الاخلاص، فهذا نبع من خلق الاخلاص ومعرفته به وبقيمته فترجمت هذه المعرفة الى سلوك يتسم به وهذه المعرفة استمدها الانسان من الدين. وكذلك الرضا.. الإنسان الذى يتمتع بسلوك الرضا ينبع سلوكه من معرفته بأثر الرضا فى حياته الذى استمد هذه المعرفة من الايمان والدين. والفرق بين الإنسان الراض والساخط هو استشعار الانسان ا لراضى بنعمة الله وفضله فى كل لحظة فى حياته حتى المحنة التى يواجهها يشع فيها بالخير، فظاهره العذاب ولكن فى باطنه الرحمة، فأصبح سلوكه هوالرضا عن كل شىء يصيبه ان خيرا شكر، وان شرا صبر. والحياة الخالية من التمسك بالدين هى حياة ضائعة تغيب عنها لمسات السعادة، والسعادة الحقيقية الكاملة هى الكامنة فى حب الله والنابعة من التمسك بالقيم والارتباط بالدين والخلق الكريم وان يكون الولاء لله وحده. وافضل الدلائل على ضرورة التمسك بالدين فى الحياة سلوكيات أنبياء الله- الصفوة المختارة حيث كان الدين هو المرشد لهم ومنبعهم الأصلى فى معالجة ما يقابلونه فى الحياة من صفات ومحن كانت تتطلب الصبر والخلق الكريم. والأخلاق جزء من الدين،ولا وزن ولا قيمة للانسان بدون أخلاق يتحلى بها وقيم يتمسك بها فيصبح انسانا يقتدى به. ولقد أثنى الله عز وجل على رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم: ( وأنك لعلى خلق عظيم ) ( القلم: 4 ) ولقد لخص رسالته عليه الصلاة والسلام فى قوله: ( انما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق ) كما قال عليه الصلاة والسلام فى حديثه النبوى: ( أكمل المؤمنين ايمانا أحسنهم خلقا ) رواه الترمذى والدين لا يقف عند حد الدعوة الى مكارم الأخلاق وتمجيدها بل انه هو الذى يرسى قواعدها، ويضبط مقاييسها الكلية. وقد قال الفيلسوف الألمانى فيختة: ( الأخلاق من غير دين عبث ) وفى تقرير للقاضى البريطانى ” ديننج ” فى احدى القضايا التى كان يحقق فيها حيث قال: ( بدون الدين لا يمكن أن تكون هناك أخلاق، وبدون أخلاق لا يمكن أن يكون هناك قانون). والأخلاق مرتبطة بجميع العلوم والمعارف.. اذا آمنا بذلك نجد أن كل معارفنا مرتبطة بالدين لأنها ممتزجة بالأخلاق. اذن الدين هو المصدر الوحيد الذى يعرف منه حسن الأخلاق من قبيحها، وهو الذى يربط الانسان بمثل أعلى وقيم سامية يتمسك بها، وهو الذى يحد من أنانية الفرد وسيطرة عاداته ويخضعها لأهدافه ومثله، ويرى فيه الضمير الحيى الذى على أساسه يرتفع صرح الأخلاق. اذن السلوك الفاضل لا يأتى الا من خلق حميد، والخلق لا ينبع الا من الدين والايمان الذى يحقق للانسان ا لسعادة والحياة الأمنة المطمئنة. د. ناهد الخراشى الكاتبة والمحاضرة في العلوم الإنسانية