عندما دعانا الله جل جلاله أن نقتدى برسوله الكريم محمد صلى الله عليه وسلم.. انما يدعونا أن نتحلى بالخلق القرآنى لأنه كان خلقه القرآن، وهو الرسول الكريم الذى أثنى عليه الله سبحانه وتعالى ووصفه بأنه على خلق عظيم. ولقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم وسيظل المثل الأعلى والقدوة الطيبة والأسوة الحسنة وصورة حية متكاملة عن الإنسان المؤمن الذى يرضى عنه الله عز وجل. والخلق القرآنى نور من الله عز وجل إلى العبد الصادق المؤمن.. منه يستمد الحياة والطريق إلى الله.. فإذا صفت النفس.. وطهر القلب.. ووضحت السريرة.. وانقشعت من على النفس غمامات الحقد والحسد.. عرف هذاالعبد الصادق طريقه.. فيكون منارا له فى حياته، وذكرى حسنة بعد مماته، وإرثا باقيا فى ذمة الله الى يوم الدين. والأخلاق لا وزن لها بدون الإخلاص فى النية والعمل، والإنسان الغنى بحق هو الإنسان الذى يتمتع بغنى النفس، وغذاء الروح، وشفاء القلب متمثلا فى اتباعه التوجيه الإلهى متحليا بالخلق القرآنى. ومن تحلى بالخلق القرآنى وعرفه حق المعرفة، وقى نفسه من آثام وشرور الدنيا، ولم يتبق له إلا النور والأمل والسعادة الحقيقية فى الحياة وما بعد الحياة. ولكن قبل أن يتحلى الإنسان بالخلق القرآنى يجب أن يكون حبه لله كاملا وعظيما وأن يملأه الإيمان العظيم بالله سبحانه وتعالى الذى سيدفعه إلى الرغبة القوية فى التحلى بالخق القرآنى الذى يجعله يراقب نفسه فى كل أفعاله وتصرفاته فيكون له نورا فى الحياة يملأ قلبه ووجدانه وعقله ونفسه وروحه وحياته وطريقه كله. والإيمان ضرورة حية للحياة الإنسانية.. ضرورة للفرد ليطمئن ويسعد ويرقى، وضرورة للمجتمع ليستقر ويتماسك ويبقى، فهو مصدر الأمان ، ومنبع السعادة، وطريق الأمل وسبيل التقدم والرخاء. والإيمان الحق هو الذى يخط آثاره فى الحياة كلها، ويصبغها بصبغته الربانية فى الأفكار والقيم والمفاهيم والعواطف والمشاعر والأخلاق والعادات، والنظم والقوانين. ومن المؤسف أن تظهر فئة من الناس تشوه صورة المجتمع الإسلامى.. أناس يفصلون بين الأخلاق والسلوك الإنسانى.. فيعطون لأنفسهم الحق فى أن يطعنوا الآخرين من الخلف، وأن يفسدوا بين الناس، ويعملون كل ما فى وسعهم ليضروا الآخرين، ولا يهتمون إلا بمصلحتهم الشخصية، حتى ولو كانت على أكتاف الآخرين. والشىء المؤلم أنهم يدعون بأنهم من أهل الدين والخير والصلاح ومن أصحاب المبادىء والقيم والأخلاق الكريمة، وعندما نواجههم بسلوكياتهم وأنها بعيدة عن الأخلاق الحميدة يقولون: الأخلاق شىء، والسلوك شىء آخر. ولنقف هنا وقفة مع هذه الفئة لنقول لهم: ( لا تنفصل الأخلاق عن السلوك الإنسانى، والإنسان كل متكامل.. فالأخلاق لا تتجزأ والمبادىءلا تنفصل، والإنسان المسلم الحق الذى يرضى عنه الله سبحانه وتعالى هو الإنسان الذى يكون ظاهره كباطنه، وأفعاله وأقواله ترجمة حية حقيقية لما فى داخله فتصبح أخلاقه فاضلة وسلوكياته حميدة، فيكون بذلك نموذجا طيبا وقدوة صالحة فى المجتمع. إن هذه الفئة من الناس صورة مشوهه للمجتمع الإسلامى ويجب أن نتطهر منها حتى نحيا فى مجتمع يؤمن بالحق والخير والعدل والقيم والمبادىء، وتسوده الرحمة والحب والإنسانية والأخلاق الحميدة والسلوكيات الكريمة التى تبنى ولا تهدم، وتعمر ولا تخرب.. فنحصد ثمار الخير من التقدم والرخاء والرفاهية. رحم الله امرءا عرف قدر نفسه، ورحم الله امرءا عاش على المبادىء والأخلاق الحميدة، فأصبحت سلوكياته مثلا وقدوة ونموذجا طيبا صالحا يرضى عنه الله عز وجل.. وتفتخر به الملائكة.. ويحتذى به الآخرون، وينعم الله عز وجل عليه بأن يدخله فى رحمته، وأن يكون مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين. إن أجمل ما فى الحياة الإيمان بالله.. وأعظم ما فى الوجود حب الله.. وأروع ما فى الدنيا السير فى طريق الله.. وأحل ما فى النفس الإنسانية التحلى بما جاء به القرآن من خلق كريم، وأدب حميد، وسلوك عظيم، فتنعم بالأمن، وتهنأ بالسكينة، وتسعد بالفيض الإلهى العظيم فى نور القرآن الكريم.