في بلد تكرس فيه الظلم حتى بات شيئا مألوفا.. في بلد لا يسمع فيه صوت المحتاجين والفقراء والباكين لأنهم خارج التغطية الصحية.. في بلد بحت فيه حناجر المعلمين فصعقوا بخراطيم الماء حتى سال الدم مستسلما.. في بلد أحرق فيه الدراويش أنفسهم ومات الأطفال من القهر والجوع والمرض. ماذا تبقى لكورونا كي تأخذه؟ اليوم على الفقير الا يخرج كي لايموت بالفيروس في الشارع على باب المستشفى أو أمام الكاميرات.. عليه ان يغلق باب بيته ويأكل أطفاله ثم ينطق الشهادة. هذا هو الموت المشتهى لفقير دهسته مطحنة الحياة، واليوم يدهسه الجوع كأي جرذ تافه.. اليوم على الأرملة التي كانت تنظف سلم العمارة وساحة المدرسة، كي تملأ الأفواه الخمسة المفتوحة..أن تعتكف في بيتها مع أيتامها خوفا من الكورونا.. وعليها أن تطبخ لهم حساء الحصى حتى يموتو تباعا من الصبر على ركبتيها.. لا أحد سيتذكر قوس ظهرها وعرق وجهها.. فلتمت والوباء بريء من روحها. اليوم تسابق الميسورون الى الأسواق الممتازة اشتروا كل لوازم الحياة واشترى الأغنياء كل لوازم الرفاهية السجائر وآلة القهوة لهم.. والمكسرات وحبوب منع الحمل وورق المرحاض لنسائهم.. والشوكولا والكورنفليكس لأطفالهم من ثقب الوطن طفل “أيت امحمد” يتابع المشهد ويضحك. التلفزة الوطنية تبث حفلة لالة لعروسة. تناديه أمه.. يتدحرج طفل آيت امحمد من رأس الجبل تدغدغه أعواد الزعتر فيقهقه ويدندن: كولونا كولونا الناس في الأطلس البعيد منسيون وسعداء.. الأشقياء يسكنون المدن.