لم تكن مباراة ديربي الدارالبيضاء بين الرجاءوالودادعادية بأي مقياس، كانت مسرحًا عالميًا نصبها إحدى الليالي التي لا تنسى في تاريخ كرة القدم من حيث الحضور الجماهيري المميز، بخلاف الإثارة على الميدان التي لم يكن لها شبيه، 4-4 وريمونتادا رجاوية في اللحظات الأخيرة قادت الفريق الأخضر إلى ربع نهائي كأس محمد السادس للأندية العربية الأبطال «البطولة العربية». على ملعب محمد الخامس الذي يسع 45 ألف متفرج، قُسم الميدان بين طرفي المباراة، الرجاء والوداد، صاحبي الديربي ذي التقاليد العريقة في الأراضي المغربية، وما حدث كان مذهلًا. خلال 90 دقيقة من عمر المباراة التي كانت مثيرة في الملعب، كانت الإثارة حاضرة بمنتهى القوة في المدرجات، معركة إظهار الجمال في المدرجات، والتشجيع بمنتهى الشغف. الغرفة 101 مباراة الذهاب التي انتهت بالتعادل 1-1، كانت مسرحًا ل«تيفوهات» -أي دخلات ما قبل المباراة- عديدة بين جماهير الفريقين، لكن بانت السيطرة ودادية على المدرجات عبر تيفو «التنين» الذي يضخ النار في مدرجات الفريق الأحمر، جماهير الرجاء انتظرت حتى الثالث والعشرين من نوفمبر كي تعيد الكرة كرتين، وتظهر جمالها الأخضر في المدرجات. بدأ الأمر ب«تيفو» مذهل حمل أكثر من معنى، لقد كان التيفو الأول في المباراة يحمل كلمة «الغرفة 101» باللغة الإنجليزية، في إشارة إلى رواية جورج أورويل الشهيرة «1984» والتي كانت غرفة التعذيب بها برقم 101، في إشارة إلى تعذيب الخصم، وهو ما حدث بالفعل، بهدف متأخر سجله بين مالاونجو أقصى الوداديين خارج البطولة. حرفا ال O في كلمة «Room» بالإنجليزية كتبا على هيئة جمجمتين، في إشارة إلى الموت، ومن ناحية أخرى إلى شعار الجماهير الرجاوية التي يرمز لها في بعض الأحيان ب«الكائنات الفضائية الخضراء». ديربي 5-1 جمهور الرجاء في نفس اللقطة ذكر الوداديين بأثقل هزيمة لهم في الديربي بنتيجة 5-1 وذلك عام 1995، وذلك بإشارة من مجسم مثّل النجم صلاح الدين بصير أسطورة الرجاء وهو يشير بنتيجة المباراة «5-1». الأساطير الثلاثة كان بصير يتوسط في ذلك «التيفو» أسطورتين أخريين، ليتم تصدير المشهد الكامل بثلاث أساطير رجاوية أمام المدرج المرسوم عليه بإتقان كلمة «الغرفة 101» بحروف إنجليزية، ووابل من الألعاب النارية وقنابل الألوان التي وسمت المدرج الرجاوي باللون الأخضر. الأساطير الثلاثة هم –إلى جانب بصير- نجوم المغرب، يوسف سفري، واللاعب الحالي في الفريق محسن متولي، والذي أحرز ركلة جزاء على طريقة «بانينكا» الشهيرة في رد على ركلة الجزاء التي نفذها اللاعب الودادي محمد ناهيري بذات الطريقة. «البطة» الودادية على طريقة فيلم «دونالد داك» الكرتوني الشهير، صور الرجائيون بالرداء الأحمر نادي الوداد، ونثروا في تيفو «ثلاثي الأبعاد» الأموال على جسم «البطة» الودادية في إهانة للفريق الأحمر. يطلق الجمهور الرجاوي على الوداديين لقب «البط» في إشارة إلى رمز الفريق الودادي باللغة الإنجليزية «WAC» وهو ما يترجم بالعربية إلى «واك» كما لو كان صوتًا لبطة. «إطفاء» الوداديين فور تسجيل الوداد أحد الأهداف الأربعة له في اللقاء، رفع جمهور الوداد «تيفو» ثلاثي الأبعاد لثلاثة من رجال الإطفاء وهم يحاولون إطفاء المدرج المشتعل، المدرج كان مشتعلًا حقًا بسبب الألعاب النارية المذهلة التي أشعل بها الوداديون الملعب، بالإضافة إلى عمل رسم في المدرج لقلعة في رمز إلى القلعة الودادية، وتيفو يرمز إلى ملك يجلس على عرشه في إشارة إلى التفوق الودادي وثلاثة من خدمه يرتدون اللون الأخضر في إشارة إلى أزياء الرجاء. تيفو للجماهير الودادية كل هذا إلى جانب عدد من التيفوهات الأخرى، أحدها كان أمام قنابل دخان أخضر في المدرج الرجاوي وهو يظهر ساحرًا مستوحى من فيلم «A Clockwork oranje» وهو يدعو بيديه إلى المدرج الأخضر، وتنساب بين يديه سحب الدخان الأزرق كما لو كان يحمل في يده قنبلة يفجرها بالمدرج الأخضر. كما أتى «تيفو» في المدرجات الرجاوية في وقت من المباراة يظهر مفتاحًا يخترق رأس رجل في إشارة إلى «الفهم» الذي يطالبون به من ينتقدونهم، بالإضافة إلى إظهار الجمهور الودادي عشرات الرسائل المكتوبة والتصاوير لأساطير النادي ورموزه أهمهم محمد بن الحسن التونسي العفاني (الأب جيكو) مؤسس ناديي الوداد والرجاء، كل هذا خلف أهازيج من الجانبين توحي بما تعنيه القمة المغربية. بشكل عام، قدر عدد دخلات «التيفو» التي حدثت خلال المباراة بين جمهوري الفريقين ب13 «تيفو» 5 من تلك الدخلات حملت طابع «الأبعاد الثلاثة». يوم لا ينسى في المغرب وخارجها، لا يمكن نسيان مستوى الفرجة الجماهيرية في يوم كذلك، وكما كان الأداء راقيًا داخل الميدان، كان كذلك في المدرجات بين جمهورين عرفا كيف يصنعان الحدث. *آس الإسبانية