الحلقة (2) كما سبق وقلنا في المقال السابق أن التعاونيات يمكن أن تلعب دورا مهما في التنمية الاقتصادية والاجتماعية وذلك بشكل مستدام. وأشرنا إلى أن المشكل الرئيس في رأينا هو التربية على المفهوم بحد ذاته قبل التكوين على التقنيات المصاحبة للمفهوم. في هذا المقال سنحاول كما قلنا من قبل وضع بعض اللبنات في التربية على التعاون تاركين المجال لذوي الخبرة في مجال التربية للإسهام معنا في هذا المشروع الذي نعتبره ضخما وبغاية الأهمية. المدخل الأول : المنظومة التربوية في بلادنا تعتمد بالأساس على نظام تنافسي يقود التلاميذ إلى نوع من الفردانية في التفكير والفعل، بهذا الشكل تنتج لنا المنظومة التربوية مجموعات من الأشخاص الأنانيين الذين لا يؤمنون بالأعمال الجماعية. وفي رأينا فالتربية على التعاون يجب أن تكون من مرتكزات التربية الأولية للأطفال وذلك عن طريق مجموعة من الأنشطة التشاركية التي يمكنها أن تنمي حس الطفل في التشارك والتعاون. ويجب الأخذ بعين الاعتبار الجهوية في هذا المجال بالتركيز أكثر على المجال القروي والشبه حضري الذي ينشط فيه العمل التعاوني. المدخل الثاني : تنهج الجامعات، على خلاف المنظومة التربوية الأولية، في معظم الأحيان نظام العمل بمجموعات وهذا قد يلعب دورا مهما في « تكوين » الأفراد على أساسيات العمل التعاوني التشاركي، ولكن المشكل يبقى في أن هذه الأعمال في أغلبها ذات طابع بحثي يخدم مصالح المكون أكثر من الطالب، وهذه الجامعات هي التي يمكن أن تقدم اليد العاملة المتخصصة للتعاونيات. أما الأعمال الجماعية ذات الطابع التطبيقي فهي حكر على المدارس العليا التي يشتغل أغلب خريجيها في القطاع الخاص أو القطاع العام. في رأينا يجب على الجامعات تخصيص شعب خاصة بالتعاونيات ليس فقط في مجال التدبير والإنتاج، بل أكثر منه في مجالات العلوم الإنسانية التي يمكنها أن تفكر وتفهم التعاون كظاهرة مجتمعية وفلسفية وتاريخية وجغرافية. فنحن في حاجة ماسة في هذه الآونة إلى الفهم والتحليل أكثر منه إلى التدبير والتسيير. والعمل بالمدخلين سيمكننا من إنتاج جيل من الأسفل يتعامل مع معنى التعاون وجيل ومن الأعلى يفهم مفهوم التعاون. وبذلك نعمل كما الكماشة من أجل تثبيت المفهوم في المجتمع المغربي. *باحث متخصص في الاقتصاد الاجتماعي