نعمان لحلو، فنان مغربي، جمع من كل سلّم موسيقي ترنيمة ولحنًا، مطرب وملحن ومؤلف وباحث موسيقي ومحاضر، اشتهر بغنائه للمدن المغربية حتى أضحى اسمًا راسخًا في الأذهان. لحلو (53 عاما) مثقف عنيد، صاحب مدرسة فنية متفردة، اختار السير عكس التيار من البداية، يتحدث عن الفن الراقي بأنفة ونبل، يردد دائما « انطلق نحو آفاق الدنيا الرحبة ولا تنس أبدا أنك مغربي ». 9 أغنيات عن 9 مدن مغربية، كشف وجهها الجميل، وثقافتها المحلية، ومناظرها الخلابة، ومآثرها التاريخية مع دمج للموروث في بعده الإنساني، رحلة غنائية أنثروبولوجية أشهر بها لحلو بلده فشهره. استهل مشواره الفني بأغنية « أمانة عليك يا مركب أوصلني لبلادي المغرب، الظلمة ما فارقت عيني من يوم ما غادرت المغرب »، ليقدم من خلالها شهادة ميلاد فنان في ساحة الإبداع الوطني قبل عقدين من الزمن، فكانت معها بداية نجم اسمه « نعمان لحلو ». وبعد عودته إلى المغرب إثر فترة غياب في المهجر، صدح بأغنية جديدة يقول مطلعها: « بلادي يا زين البلدان يا جنة على حد الشوف (النظر) يا أرض كريمة مضيافة وجمالها ناطق بحروف »، ومنذ ذلك اليوم لا زال أبناء المغرب الأقصى يرددونها، حتى حصدت الوصافة بعد النشيد الوطني. وحبا في تراث بلاده، انتقد عبر فيديو كليب « المدينة لقديمة »، « اغتيال » المدن التاريخية، في رؤية نقدية لأحوال المدن العريقة التي لم يهتم بها جيله، في إبرازها وإحيائها، أغنية خلقت الجدل في المشهد الفني عام 2007 بكلمات ولحن مختلفين، كسّر بهما الصورة التقليدية. مطرب المدن وفي مسار تفرد به لحلو، أطلق فيديو كليب عن مدينة شفشاون (شمال)، قال في مطلعه « يا شفشاون يا نوارة يا لحبيبة يا لمنارة »، لترتفع الأصوات بعدها من كل مدينة تنادي لحلو أن يغني عنها، حتى تصل ثقافتها المحلية لباقي المواطنين. ونفض رمال التهميش عن مدينة « تافيلات » (جنوب شرق)، فدندن لها قائلا « نخيل ووديان وواحات ورمال ذهبية.. شتاء وربيع وصيف.. نحن أبناؤك يا تافيلات ». وقال عن مدينة مراكش (وسط) « يا بهجة الأيام يا الزاهية بنوارك.. عروسة غزالة والفرحة ما زالت في قلب دارك »، أما مدينة وزان (شمال)، صدح فيها يا « دار الضمانة، نجمة ضاوية في الأعالي، طريق الزاوية يا العالية، وزان تنادي.. تسمع المنادي.. يا ساداتي ». رفع « لحلو » من قدر مدينة فاس (شمال)، فغنّى لها « من أرض مولاي إدريس حتى بيت المقدس.. طلبنا التسليم »، وعن مدينة الصويرة (غرب)، عزف على إيقاع إفريقي « طَلَعت الجبال وقَطَعت البحور.. وجُلت الدنيا عرض وطول.. ولم ألق مثلك يا الصويرة يا موكادور، جُلِ العالم ودُور.. وعمرك (مستحيل) تنسى موكادور ». وتحدث مع عروس شمال المغرب متسائلا « أي سر فيك يا طنجة.. قلبي سافر ليك وما رجع..أي سر فيك ». كما أطلق قبل أيام قليلة فيديو كليب عن مدينة « زاكورة » (جنوب شرق) متغزلا فيها « الصباح نشر عَلَمَهُ في أبهى وأحلى صورة.. والنخل نفض كمامو.. وليمام بلغ سلامو.. يا الغزالة يا زاكورة ». المطرب المغربي، لم تقتصر أغانيه على المدن بل عالج قضايا اجتماعية وصحية، فغنّى عن السرطان والماء وقوارب الهجرة. لحلو، ظل وفيا لوطنه، رغم أسفاره خارج المغرب، واضطراره للاستقرار فترة من الزمن في مصر والولاياتالمتحدةالأمريكية، كما صادق نجوم الفن العربي، أبرزهم اللبنانيين زياد الرحباني ووديع الصافي والمصري محمد عبد الوهاب، واستفاد منهم عبر بوابة إعجابهم بموهبته. تجربة الولاياتالمتحدة: من 1984 إلى 1990 وهو في 19 ربيعا شد نعمان الرحال نحو مدينة أورلوندو بولاية فلوريدا، بعد ذلك إلى ولاية ميامي، حيث بدأ العزف على آلة العود والغناء بالرواق المغربي ب »والت ديزني » ثم بعد ذلك إلى لوس أنجلوس، حيث التقى بالموسيقار محمد عبد الوهاب (1902 – 1991) الذي أعجب بصوته وموهبته في الغناء ونصحه بالذهاب لمصر. تجربة مصر: من 1990 إلى 1993 و 2001 إلى 2004 اتجه نعمان فيما بعد إلى مصر، وهناك أيضًا سجل حضورًا لافتًا، وبدأ يشق طريقه في عالم الفن، باعتماده مطربًا وملحنًا في الإذاعة والتلفزيون ودار الأوبرا، لتعلن بداية مسيرة فنية كان فيها لحلو شاملًا ملحنًا ومغنيًا وكاتب كلمات. اختار ابن مدينة فاس، أن يسير وراء الفن بدل الركض وراء الشهرة، وتعرض للانتقاد بعد قرار استقراره بالمغرب، في وقت اختار البعض من جيله مواصلة مسارهم في دول كانت تصنف « عاصمة للفن » ومرتعا لانطلاقة أي فنان عربي.