سيسجل التاريخ قريباً،بأن حزب التجمع الوطني للأحرار،في عهد السيد الأمين العام عزيز أخنوش،استكمل هياكله،وأصدر قوانين منظمة للمنظمات الموازية، وفقا لمقاربة تشاركية تروم بلورة الحقل السياسي،على عكس الأحزاب المتبقية التي لا تفتح مقراتها الا خلال مرحلة الانتخابات الجماعية أو التشريعية،وتقوم بمغادرتها مباشرة بعد انتهاء عملية الفرز. وفي إطار الدينامية التي تشهدها بلادنا العزيزة على مستوى التفاعل مع البيت الإفريقي،يُسجل التاريخ مرة أخرى بأن الكفاءة التجمعية،هي الأولى تتفاعل مع الخطابات الملكية وتُعلق عليها بكل جرأة،ولعل الرافضين لهذه الكفاءة سيقولون بأن السيد الأمين العام رجل اقتصادي لا علاقة له بالسياسة،لكن المقولات الشعبوية انتهت،والدستور يضمن لكل مواطن مغربي الحق بأن ينخرط في العمل السياسي، ويضع بصمته في الساحة السياسية المغربية،فضلا عن انضمامه للحزب منذ سنوات. وإن كانت بعض الأحزاب السياسية،تتلاعب بالتزكيات والميزانيات التي تعجز في الأخير عن توضيح طرق صرفها، أو اعتمادها على السياسة كمسلك للإغتناء، فإن السيد الأمين العام،فضّل الدخول عالم السياسة بماله الخاص وهذه حقيقة لا غبار عنها، كونه رجل أعمال يُدير مجموعة اقتصادية بارزة، إلى جانب شغله عضوية مؤسسات بنكية وإدارية بداخل الاقتصاد المغربي. وموازة مع ذلك، عوض الاغتناء الغير المشروع بوعود كاذبة وزائفة للمواطن،وعوض شخصنة الحقل السياسي،فإن حزب التجمع الوطني للأحرار كحزب المرحلة الراهنة يُعيد النظر في هياكله،وفقا للديمقراطية الداخلية،ككل الأحزاب،وذلك لإعادة الاعتبار للحقل السياسي المغربي الذي جعل المواطن يعيش عزوف سياسي، بسبب تشويه السياسة من قبل الإعلام،وبسبب غياب الديمقراطية الداخلية،كالذين يقومون بتوريث الأمانة العامة لأبناءهم،أو الذين يمرِّرون خطاب المظلومية. ولقد جاء الأمين العام للحزب بمشروع جديد،يحمل في طياته استكمال مختلف الهياكل بالحزب،وخلق شبيبة حزبية قوية بالمغرب،من خلال اعتماده على الشباب من جهة،والمرأة من جهة أخرى، بناءا على دورها الفاعل في التنمية الاجتماعية والاقتصادية بالمغرب،وفي احترام تام للمناصفة الدستورية،الأمر الذي أزعج الكثير من الخصوم الذين كانوا ينتظرون هيمنة حزب وحيد داخل المشهد السياسي المغربي، ونسيان هذا الحزب الذي قدم الكثير داخل الساحة السياسية المغربية. وعلاوة على ذلك فإن التاريخ أيضا سجل نقطة سوداء في سجل بنكيران الذي حاول إقحام السياسة في القضاء،مع الإشارة إلى أن استقلالية القضاء لم تكن واردة آنذاك،وهو ما جعله يتهم وزرائه باتهامات ضمنية ب"الغدر والتآمر" موجهة إلى التجمع الوطني للأحرار آخر الملتحقين بالتحالف الحكومي بعد انسحاب حزب الاستقلال،لإنقاذ الحكومة. وهو الأمر الذي جعل أعضاء الفريقين التجمعيين بالبرلمان يحذرون بنكيران من مغبة أن يتسبب استهداف الحزب في التأثير السلبي على مؤسسات البلاد، والمساس بمصداقية وجدية النموذج الديمقراطي المغربي الذي لا رجعة فيه، متوعدين باستعمال كل الوسائل المتاحة لتجسيد تضامنهم المطلق مع القياديين المتابعين، انطلاقا من قناعتهم الراسخة بنزاهتهم واستقامتهم. وبقي الأعضاء الغاضبون داخل الحزب، يُندِّدون بالهجمات المتوالية التي يتعرض لها حزبهم بمختلف هياكله، وهو ما فرض خيار "ترك اجتماع البرلمانيين مفتوحا لتتبع المستجدات في هذا الملف البالغ الأهمية"، مع "الدعوة إلى رص الصفوف والتعبئة المستمرة لصد كل الهجمات التي يتعرض لها الحزب ومناضلوه، والتي تهدف إلى النيل من سمعته وتاريخه". وكان طبيعي أن يقدم السيد صلاح الدين مزوار استقالته من الحزب بعد الانتخابات التشريعية الأخيرة،في سياق حصول الحزب على عدد المقاعد لا بأس بها،الأمر الذي جعل صناديق الإقتراع تُعطي الحق للسيد عزيز أخنوش، من أجل قيادة الحزب بحكمةٍ ويقظة وتبصُّر،وحتى في المفاوضات السياسية لتشكيل الحكومة كان قراره صائب لأن الحكومة مؤسسة دستورية يجب الدخول إليها بناءا عن قناعة وبتماسك قوي،وليس من منطق النظر إليها كغنيمة لإغراء الحلفاء الذين لا يبحثون الا عن المسؤولية دون أن يكونوا في مستوى تقلدها، وفي مستوى الأمانة التي تُسند لهم. وهكذا لم يكن بنكيران،الاّ شخص،دفعه الغُرور السياسي إلى الإستقواء والنفخ في الهواء، مُوجها مدفعيته مرة ثانية نحو نفس الحزب في شخص أمينه العام،بأنه فاز في الانتخابات وأن السيد الأمين العام يريد تشكيل الحكومة،وهو ما ينم عن غياب المسؤولية للشخص التي تدخل في نظرية « الأمر والتنفيذ »،وبعد أن تعامل مع التشكيل الحكومي بطريقة لا مسؤولة قرر الحزب أن لا ينخرط في الحكومة،دون أحزاب أخرى تحتاج لهم الساحة السياسية الراهنة. وهكذا يمكن القول بأن حزب التجمع الوطني للأحرار،حزب سمته الأساسية،الاشتغال بصمت،وتعاليمه القاعدة الشبابية الحالية،والمرأة التجمعية التي أصبحت نموذجاً أساسياً نحو بناء مسار المستقبل تحت شعار « الإصلاح » ومواكبة الدينامية السياسية الراهنة على المستوى الإفريقي والدولي،بالإضافة الى أن مشروع الأمين العام الجديد أحسن فيه صُنعا،لأن المنظمات الموازية عِماد المؤسسة الحزبية،وتساهم في الرقي بها إلى مستوى أفضل نحو الاستحقاقات القادمة في مطلع 2021.