يمكن القول على أن معظم الدراسات والأبحاث التي تناولت تاريخ الصحافة تجمع على أن ظهور هذه الأخيرة جاء متأخرا في المغرب الأقصى قياسا بالدول الغربية أو بعض البلدان الإسلامية كتركيا والشام ومصر، وذلك لأسباب عديدة، كما تؤكد هذه الدراسات أن نشأة الصحافة وتطورها عرف شكلا متميزا في مدينة طنجة لأسباب منها الأهمية الاستراتيجية التي يكتسيها موقع المدينة كبوابة شمالية مفتوحة على أوروبا ، حيث جعلت من طنجة العاصمة الدبلوماسية للمغرب منذ أواخر القرن الثامن عشر، ومنها المشروع الفرنسي الامبريالي الرامي إلى ضم المغرب إلى إمبراطورية فرنسا الاستعمارية بإفريقيا، خاصة بعد إن اتخذت فرنسا قرارا بإعلان الجزائر إقليما فرنسيا سنة 1848 واحتلالها لتونس سنة 1881وارتفاع حدة الأطماع الاسبانية بعد حرب تطوان ، ثم ضعف المخزن عن مسايرة الركب الحضاري وعدم قدرته على الحفاظ على السيادة الوطنية،فضلا عن غياب نصوص تشريعية تنظم أسس مهنة الصحافة وضوابطها القانونية والظاهر، أن الصحف التي ظهرت بطنجة أواخر القرن التاسع عشر كانت بمثابة مرآة للصراع الدولي حول المغرب ، وأداة فعالة سخرتها المفوضيات الأوروبية قصد الدعاية والترويج لأطروحاتها الامبريالية والدفاع عن مصالحها بالمغرب ، وكأسلوب جديد يسهل إنجاز المشروع الاستعماري في أحسن الظروف وبأدنى التكاليف المادية والبشرية، بمجرد الإعلان عن توقيع معاهدة الحماية سنة 1912 ، دخل المغرب في منعطف حاسم أصبح معه خاضعا لنمط سياسي جديد مزج بين مكونات النظام المخزني التقليدي ومؤسسات وأجهزة الحماية وإدارتها. وكان من الطبيعي أن يرافق هذا المنعطف ، تحولات عميقة لأوضاع البلاد سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وثقافيا. وكان من الميادين الذي طالها التغيير ميدان الصحافة التي » شهدت طفرة نوعية وعددية وأضحى المشهد الإعلامي المغربي بالمنطقة السلطانية يعج بعدد وفير من الجرائد المختلفة المشارب والأغراض ، واكبت عن كثب التطورات السريعة التي كانت البلاد مسرحا لها في ميادين شتى « ،سيما وأن فترة الحماية شهدت نزوح أعداد كبيرة من المعمرين القادمين إما من الميتربول أو من المستعمرات القريبة خاصة الجزائر وتونس وهم يحملون معهم عادات وممارسات دأبوا عليها في تلك البلدان ، ولعل من تلك العادات اليومية استهلاك الجرائد وتسخيرها لمآرب متعددة، فضلا عن تدفق المؤسسات والمجموعات الرأسمالية الكبرى نحو المغرب بحثا عن هامش للربح السريع عبر الاستثمار في القطاعات الإنتاجية المربحة ولعل أبرز هذه المجموعات » مجموعة ماص »Groupe Mas)التي ظل حضورها في مغرب الحماية متميزا في قطاع الصحافة والطباعة والإشهار والتوزيع. واليوم يحق لنا أن نتساءل عن مستقبل الصحافة بالمغرب،وبصفة خاصة الصحافة الحزبية؟فما هي عوامل بروز الجمعيات الوطنية للصحف الإلكترونية للدفاع عن الصحافة الإلكترونية كصحافة حديثة بمجتمع اليوم الذي بات يعرف بالمجتمع الرقمي بامتياز؟ ولمعالجة هذا الطرح الاشكالي فإننا سنقوم بإبراز تطور الصحافة الحزبية بالمغرب وعلاقتها بالصحافة المستقلة في مبحث أول،على أن نتولى أيضا في مبحث ثاني الحديث عن الصحافة الإلكترونية والجمعيات الوطنية للصحف الإلكترونية والتصميم الموالي يبين ذلك المبحث الأول :الصحافة الحزبية وعوامل نشأة الصحافة المستقلة المطلب الاول: مفهوم الصحافة الحزبية « البنية والهوية الفقرة الأولى: الهوية الأيديولوجية الفقرة الثانية: البنية البشرية واللوجستيكية المطلب الثاني: مفهوم الصحافة المستقلة وعوامل ظهورها الفقرة الأولى: تعريف الصحافة المستقلة الفقرة الثانية: عوامل ظهور الصحافة المستقلة المبحث الثاني: الصحافة الإلكترونية والجمعيات الوطنية للصحف الإلكترونية المطلب الاول: مفهوم الصحافة الإلكترونية وتحدياتها الفقرة الأولى: تعريف الصحافة الإلكترونية وتقييمها(الإيجابيات و السلبيات). الفقرة الثانية: التحديات التي تطرحها الصحافة الإلكترونية. المطلب الثاني: الجمعيات الوطنية للصحف الإلكترونية الفقرة الأولى : المفهوم والسياق الفقرة الثانية: الجمعيات الوطنية للصحف الإلكترونية بين المدونة والمواثيق الدولية * ماستر التشريع ومنازعات المعلوماتية والاتصالات الرقمية