بعد 115 سنة من الآن، قد تتمكن النساء العاملات في الدول العربية من الحصول على أجور متساوية مع الرجل. هذا توقع قدمه تقرير "الفجوة العالمية بين الجنسين" لعام 2022 الصادر في تموز عن المنتدى الاقتصادي العالمي. أشار التقرير إلى أن ردم الفجوة في الأجور بين الجنسين في دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا يحتاج إلى هذا العدد الكبير من السنوات، مقارنة ب59 سنة تحتاجها الولاياتالمتحدة، و67 سنة تحتاجها أميركا اللاتينية لمعالجة الأمر. ومنذ سنوات تناضل النساء، عربيا وعالميا، لمواجهة هذه المعضلة التي تحرمهن من حقوق متساوية مع الرجال في بيئات العمل، ويمثل اليوم الدولي للمساواة في الأجور، الذي يُحتفل به في 18 سبتمبر كل عام، محاولة لضمان عدم إهمال هذه القضية. لكن النتائج لا تزال متواضعة وفق مؤشرات التقارير الدولية فالنساء لا يجدن في الأنشطة التقليدية المساندة الحلول الفعالة لتمكين المرأة العاملة من الحصول على فرصتها في أجور عادلة ومناصب قيادية. ورغم الاحتفال سنويا بهذا اليوم العالمي لإلقاء الضوء على هذه القضية الحساسة، إلا أن منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بها ثاني أكبر فجوة بين الجنسين، بعد جنوب آسيا، في مسألة الأجور. والملفت للانتباه أن المنطقة لم تحرز أي تقدم ملموس يمكن تسجيله، مقارنة بالسنوات السابقة، أي أن جهود الدول في هذا الإطار ترواح مكانها رغم بعض التقدم الطفيف هنا وهناك. على مستوى الشرق الأوسط، تعتبر إسرائيل والإمارات ولبنان الأفضل أداء من حيث ردم الهوة بين المراة والرجل في الأجور والقيمة المتساوية للعمل، في حين أن قطر وعُمان والجزائر هي الأسوأ أداء. ومقارنة بعام 2021، أحرزت السعودية والمغرب والكويت تقدما في جهود تقليص الفجوة بين الجنسين، وفق التقرير. القيادة في العمل ولا يتعلق الأمر بالأجور فقط، بل ب"العمل المتساوي القيمة"، أي أن المرأة، خاصة في الدول العربية، لا تحصل على ذات الفرص لتقلد مناصب قيادية مثل الرجل، وهذه معضلة عالمية أيضا. ورغم أن حصة المرأة في المناصب العليا والقيادية شهدت زيادة عالمية مطردة على مدى السنوات الخمس الماضية (2017-2022)، وفق المنتدى الاقتصادي العالمي. إلا أنه لم يبلغ المستوى المطلوب لردم الهوة بين الجنسين. ففي عام 2022 ، بلغ التكافؤ العالمي بين الجنسين لهذه الفئة 42.7 بالمئة، وهي أعلى درجة تكافؤ بين الجنسين حتى الآن. وبشكل عام، تبلغ الحصة العالمية للنساء في الأدوار القيادية في بيئات العمل 31 بالمئة. مع الأخذ بعين الاعتبار اختلاف النسب في مجالات وحقول العمل. وتشير أرقام المنتدى الاقتصادي العالمي إلى أن هناك مجالات عمل معينة تشهد مستويات قريبة من التكافؤ بين الجنسين في القيادة، مثل المنظمات غير الحكومية (47 بالمئة)، والتعليم (46 بالمئة)، والخدمات الشخصية والرفاهية (45 بالمئة). على الجانب الآخر تشهد مجالات عمل أخرى توسعا للفجوة في القيادة بين الجنسين وتحديدا في مجالات الطاقة (20 بالمئة)، والتصنيع (19 بالمئة) والبنية التحتية (16 بالمئة). عالميا عالميا، تتقاضى النساء حول العالم أجورا أقل من الرجال أيضا، وتقدر الفجوة بين الجنسين بنحو 20 في المئة. وتكافح الدول من أجل ردم الهوة، لكن الأمر ليس بهذه السهولة. على سبيل المثال، تعد أيسلندا أفضل دولة على مستوى تقليص فجوة الأجور بين الجنسين (0.908) نقطة، تليها فنلندا (0.860) نقطة، ثم النرويج (0.845) نقطة، لكن أوروبا، رغم تقدمها مقارنة مع دول العالم الأخرى، إلا أنها تحتاج إلى 60 سنة لتحقيق هذا النوع من المساواة، ما يعني أن المرأة ستنتظر كثيرا في كل مكان. النساء الأكثر تضررا من الجائحة وبينما تفسر الخصائص الفردية، مثل التعليم أو وقت العمل أو المهارات أو الخبرة، جزءا من فجوة الأجور بين الجنسين، إلأا أن منظمة العمل الدولية تؤكد أن جزءا كبيرا من ذلك يرجع إلى التمييز بين الرجل والمرأة، على أساس الجنس، وليس الكفاءة. يضاف إلى ذلك أن النساء من بين الأكثر تضررا من جائحة كورونا، حيث الأمان الوظيفي والدخل، والتمثيل غير المتناسب في بعض القطاعات الأكثر تضررا، والتقسيم غير المتكافئ والجنساني للمسؤوليات الأسرية. وأثرت هذه العوامل سلبا على عمل المرأة، مما يهدد بعكس عقود من التقدم المحرز نحو المساواة بين الجنسين في بيئات العمل. "شفافية الأجور" ووفق دراسة لمنظمة العمل الدولية، بعنوان، "تشريع شفافية الأجور: الآثار المترتبة على منظمات أصحاب العمل والعمال"، فإن تدابير "شفافية الأجور" يمكن أن تساعد في معالجة فجوة الأجور بين الجنسين، وتقليل أوجه عدم المساواة بين الجنسين في سوق العمل. وقد تزود "شفافية الأجور" العمال بالمعلومات والأدلة التي يحتاجونها للتفاوض بشأن معدلات الأجور وتزويدهم بالوسائل لتحدي التمييز المحتمل في الأجور. وبالنسبة لأصحاب العمل، يمكن أن تساعد "شفافية الأجور" في تحديد ومعالجة التمييز في الأجور الذي قد يؤثر سلبا على أداء المؤسسة وسمعتها. أرقام عن واقع المرأة العربية وفق منظمة العمل الدولية، يبلغ معدل مشاركة المرأة العربية في القوى العاملة 18.4 في المئة، وهو الأدنى في العالم، مقارنة بالمتوسط العالمي، الذي يبلغ 48 في المئة. وعلى النقيض من ذلك، تتجاوز معدلات مشاركة الرجل في القوى العاملة (77 في المئة) المتوسط العالمي (75 في المئة). كما تبلغ نسبة بطالة المرأة في الدول العربية 15.6 في المئة، وهي ثلاثة أضعاف المعدل العالمي. وتشير أرقام المنظمة إلى أن وجود النساء في المناصب الإدارية متدنٍ في المنطقة العربية، إذ إن 11 في المئة فقط منهن يشغلن مناصب إدارية، مقارنة بالمتوسط العالمي الذي يبلغ 27.1 في المئة. وتعاني المرأة من ظروف وتحديات تفقدها الكثير من الفرص والمزايا بسبب عدم مراعاة كثير من الشركات والمؤسسات في الدول العربية حقوقهن كنساء، ومنظمة العمل الدولية تشير إلى أن "العمل غير المأجور في رعاية الأطفال يجعل المرأة تنفق عددا من الساعات يزيد بنحو خمس مرات عما ينفقه الرجل في أعمال الرعاية غير المأجورة".