خطوة هامة يخطوها المغرب في تعاطيه مع شؤون الطائفة اليهودية المتسقرة بالمملكة وخارجها، بعد مصادقة المجلس الوزاري الذي ترأسه أمس الأربعاء الملك محمد السادس، مرفوقا بولي العهد الأمير مولاي الحسن، بالقصر الملكي بالرباط، على تدابير وازنة وغير مسبوقة تم إعدادها تنفيذا للتعليمات الملكية السامية، بشأن تنظيم الطائفة اليهودية المغربية. وقال بلاغ الناطق الرسمي باسم القصر الملكي، عبد الحق المريني، إن التدابير التي قدمها وزير الداخلية في عرض مفصل أمام الملك، "تستمد روحها من الأمانة العظمى، التي يتولاها جلالة الملك، أمير المؤمنين، الضامن لحرية ممارسة الشؤون الدينية، لكل المغاربة على اختلاف عقائدهم الدينية، وتكريسا للرافد العبري كمكون للثقافة المغربية الغنية بتعدد روافدها". وجاءت الخطوة ضمن منظومة متكاملة تم إعدادها بعد مشاورات موسعة مع ممثلي الطائفة اليهودية وشخصيات منتسبة لها، وهمت بالتفصيل إحداث "المجلس الوطني للطائفة اليهودية المغربية"، والذي سيتولى السهر على تدبير شؤون الطائفة والمحافظة على التراث والإشعاع الثقافي والشعائري للديانة اليهودية وقيمها المغربية الأصيلة. وستنبثق عن المجلس لجان جهوية تقوم بتدبير القضايا والشؤون اليومية لأفراد الطائفة. ويتعلق الأمر أيضا ب"لجنة اليهود المغاربة بالخارج" والتي ستعمل على تقوية أواصر ارتباط اليهود المغاربة المقيمين بالخارج ببلدهم الأصلي، وتعزيز إشعاعهم الديني والثقافي، والدفاع عن المصالح العليا للمملكة. وثالثا، إحداث "مؤسسة الديانة اليهودية المغربية" التي ستسهر على النهوض والاعتناء بالتراث اللامادي اليهودي المغربي والمحافظة على تقاليده وصيانة خصوصياته". يأتي هذا التنظيم الجديد للطائفة اليهودية المغربية في وقت يتواصل فيه بوتيرة متسارعة التقارب بين المملكة وإسرائيل، بعد عودة تطبيع علاقات المغرب مع إسرائيل في أواخر 2020 في إطار "اتفاقات إبراهيم" التي رعتها الولاياتالمتحدة في عهد رئيسها السابق، دونالد ترامب. وفي غياب معطيات رسمية، يقدر عدد أبناء الطائفة اليهودية المغربية المقيمين حاليا في المملكة ما بين 3 إلى 4 آلاف يهودي، وهم بذلك أكبر طائفة يهودية في شمال أفريقيا. وجذور اليهود ضاربة في المغرب، وقد زادت أعدادهم بقوة في هذا البلد في القرن 15 بعدما هربوا إليه إثر طردهم من جارته إسبانيا. وفي نهاية أربعينيات القرن الماضي ناهز عدد اليهود المغربيين المقيمين في المملكة 250 ألف شخص. وكان ناصر بوريطة، وزير الشؤون الخارجية والتعاون الأفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، قد صرح في دجنبر الماضي، أن هناك حوالي مليون يهودي من أصل مغربي، يقطنون بإسرائيل. وفي مارس الماضي، وخلال المؤتمر الصحافي الذي عقده وزراء خارجية المغرب والإمارات وإسرائيل ومصر والبحرين وأمريكا على هامش انعقاد "قمة النقب" في إسرائيل، أوضح بوريطة أن خطوة عودة العلاقات ليست نابعة من مصالح ضيقة، "وإنما تعبّر عن قناعة وعلاقات تاريخية بين المغرب وإسرائيل وبين الملك والمجتمع اليهودي، إذ إنّه لكل إسرائيلي أصول مغربية"، وزاد: "هذه ليست مزحة، هذا واقع".