كما كان متوقعا حصل التحالف الحاكم في الجزائر على الاغلبية المطلقة في الانتخابات التشريعية التي جرت أمس الخميس، بينما ارتفعت نسبة العزوف عن المشاركة رغم حملة واسعة قادتها الحكومة. فمن أصل 462 مقعدا في المجلس الشعبي الوطني، فاز 164 بينهم 50 امرأة من مرشحي حزب جبهة التحرير الوطني برئاسة عبد العزيز بوتفليقة بينما حصل حليفه حزب التجمع الوطني الديمقراطي على 97 مقعدا بينهم 32 لنساء. وبذلك يحظى الحزبان مجتمعين بالأغلبية المطلقة، بحسب نتائج رسمية أعلنها وزير الداخلية الجمعة. وتقلص الفارق بين حزبي السلطة كما توقع المراقبون من 153 مقعدا في 2012 (221 لجبهة التحرير مقابل 68 للتجمع الوطني) الى 67 مقعدا. ويتدعم تحالف جبهة التحرير والتجمع الوطني بمقاعد الوافد الاسلامي الجديد تجمع امل الجزائر (19 مقعدا) والحركة الشعبية الجزائرية (13 مقعدا) والتحالف الوطني الجمهوري (8 مقاعد) الداعمين للرئيس بوتفليقة. وتبقى « جبهة التحرير هي القوة السياسية الاولى في البلاد كما كانت منذ 1954 » تاريخ تاسيس الحزب الذي قاد حرب تحرير الجزائر وهي تقبض الحكم بيد من حديد بدعم من المؤسسة العسكرية الحاكم الحقيقي في الجزائر. وحصل الاسلاميون المعارضون على 48 مقعدا ممثلين في تحالف حركة مجتمع السلم وجبهة التغيير (33 مقعدا) واتحاد العدالة والنهضة والبناء (15 مقعدا). وأعلن وزير الداخلية نور الدين بدوي في مؤتمر صحافي الجمعة ان نسبة المشاركة بلغت 38,25% وهي أقل من تلك المسجلة في 2012 حيث بلغت 43,14% في حين قال رئيس حركة مجتمع السلم عبد الرزاق مقري ان « نسبة المشاركة الحقيقية هي 25% والنسبة المعلنة مضخمة مضيفا أنه « لولا التزوير لحصلنا على 120 مقعدا وليس 33 (…) نحن القوة المعارضة الأولى بالبلد وسنتعامل بكل مسؤولية مع هذه القوة التي لدينا ». وبين باقي احزاب المعارضة، حصل حزب جبهة القوى الاشتراكية على 14 مقعدا وحزب العمال على 11 مقعدا بينما لم يحصل حزب التجمع من اجل الثقافة والديمقراطية سوى على 9 مقاعد. وتراجعت هذه الاحزاب مقارنة بالانتخابات السابقة مقابل صعود الاحزاب الموالية للحكومة والمستقلين الذين حصلوا على 28 مقعدا. ورأى حزب جبهة القوة الاشتراكية ان هذه النتائج « تضعف البلد وتقوي المسؤولين المتسببين في الازمة متعددة الابعاد ». وذكرت صحيفة الوطن الصادرة الجمعة ان احداث عنف بين مناصري الاحزاب في عدة مكاتب تصويت بسيدي بلعباس (غرب) والبويرة (جنوب شرق) ادت الى توقيف العملية الانتخابية. وشهدت الحملة الانتخابية شهدت « صراعا بين حزبي السلطة (جبهة التحرير والتجمع الوطني) يوحي بحرب مواقع تحضيرا للانتخابات الرئاسية » سنة 2019. وجرت الانتخابات في ظل تدابير أمنية مشددة، حيث انتشر 45 ألف شرطي في المدن، و87 الف عنصر من الدرك الوطني في المناطق الريفية لتأمين اكثر من 53 ألف مركز اقتراع. وقاطع الانتخابات حزبا « طلائع الحريات » برئاسة رئيس الحكومة الاسبق علي بن فليس الخاسر في الانتخابات الرئاسية سنة 2014، وحزب « جيل جديد » برئاسة سفيان جيلالي. ومنذ استقلال الجزائر عن الاستعمار الفرنسي في 1962، ظل حزب جبهة التحرير الوطني مسيطرا على السلطة كحزب وحيد الى 1989، ثم كحزب الاغلبية منذ بدء العمل بالتعددية الحزبية، باستثناء الفترة الممتدة بين 1997 و2002 التي حصل خلالها التجمع الديمقراطي على الاكثرية.