أسفرت النتائج الرسمية للانتخابات التشريعية التي شهدتها الجزائر الخميس عن فوز التحالف الحاكم بين حزبي جبهة التحرير الوطني الذي يرأسه عبد العزيز بوتفليقة والتجمع الوطني الديمقراطي، ما سيمنح الأغلبية المطلقة في المجلس الشعبي الوطني. وبلغت نسبة المشاركة 38,25% واعتبرت المعارضة أن هذه الأرقام مبالغ فيها. حصل حزب جبهة التحرير الوطني الذي يرأسه عبد العزيز بوتفليقة على 164 مقعدا من أصل 462 في الانتخابات التشريعية التي شهدتها الجزائر الخميس، بينما حصل حليفه حزب التجمع الوطني الديمقراطي على 97 مقعدا، ما يمثل الأغلبية المطلقة في المجلس الشعبي الوطني، بحسب نتائج رسمية. وأعلن وزير الداخلية نور الدين بدوي في مؤتمر صحافي الجمعة نتائج الانتخابات أن نسبة المشاركة بلغت 38,25% وهي أقل من تلك المسجلة في 2012 حيث بلغت 43,14%، بينما لم تتعد في 2007، 35,65%. واعتبرت المعارضة أن هذه الأرقام مضخمة. وتقلص الفارق بين حزبي السلطة كما توقع المراقبون من 153 مقعدا في 2012 (221 لجبهة التحرير مقابل 68 للتجمع الوطني) إلى 67 مقعدا فقط. وكان الامين العام للتجمع الوطني الديمقراطي أحمد أويحيى استبق وزير الداخلية باعلان تحقيق حزبه تقدما بخمسين بالمائة مقارنة بالانتخابات السابقة، في بيان نشره الجمعة. ويتدعم تحالف جبهة التحرير والتجمع الوطني بمقاعد الوافد الاسلامي الجديد تجمع امل الجزائر (19 مقعدا) والحركة الشعبية الجزائرية (13 مقعدا) والتحالف الوطني الجمهوري (8 مقاعد) الداعمين للرئيس بوتفليقة. ولم ترتفع نسبة المشاركة بالرغم من أن وزارة الداخلية مددت وقت الانتخاب بساعة واحدة في أغلب مكاتب التصويت التي فاقت 53 ألفا. وكانت آخر نسبة أعلنتها وزارة الداخلية قبل ثلاث ساعات من غلق مكاتب التصويت في الخامسة مساء (16:00 ت غ) بلغت 33,53% منخفضة قليلا عن نسبة التصويت بنفس التوقيت في 2012 حيث بلغت 33,97%. وحصل الإسلاميون المعارضون الممثلون في تحالف حركة مجتمع السلم وجبهة التغيير (33 مقعدا) واتحاد العدالة والنهضة والبناء (15 مقعدا)، على ما مجموعه 48 مقعدا. أما في ما يخص باقي أحزاب المعارضة الأخرى فقد حصل حزب جبهة القوى الاشتراكية على 14 مقعدا وحزب العمال على 11 مقعدا بينما لم يحصل حزب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية سوى على 9 مقاعد. وتراجعت هذه الأحزاب مقارنة بالانتخابات السابقة مقابل صعود الأحزاب الموالية للحكومة والمستقلين الذين حصلوا على 28 مقعدا. وذكرت صحيفة الوطن الصادرة الجمعة أن أحداث عنف بين مناصري الأحزاب في عدة مكاتب تصويت بسيدي بلعباس (غرب) والبويرة (جنوب شرق) أدت إلى توقيف العملية الانتخابية. وبحسب الصحيفة فإن مناضلي حزب جبهة التحرير الوطني حاولوا تزوير الانتخابات في هذه المناطق. وكانت الهيئة العليا لمراقبة الانتخابات قد أعلنت انها تقدمت ب34 شكوى لدى النيابة العامة تتعلق ب"جرائم انتخابية" دون أن تحدد نوع هذه الجرائم. وكان البارز في انتخابات الخميس ظهور الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة وهو يدلي بصوته على كرسي متحرك، يتنقل بواسطته منذ إصابته بجلطة دماغية في 2013. وصوت بوتفليقة بمكتب الاقتراع بمدرسة البشير الإبراهيمي بحي الأبيار بوسط العاصمة الجزائرية. "مؤشر على الانتخابات الرئاسية" شهدت الحملة الانتخابية تراشقا بالتصريحات بين أحمد أويحيى والأمين العام لجبهة التحرير الوطني جمل ولد عباس، حول من "يمثل الرئيس بوتفليقة". وبرز تصريح ولد عباس عندما قال "نحن الدولة والحكومة والرئيس هو رئيس حزبنا". ويرى المحلل السياسي شريف دريس بدوره أن الحملة الانتخابية شهدت "صراعا بين حزبي السلطة (جبهة التحرير والتجمع الوطني) يوحي بحرب مواقع تحضيرا للانتخابات الرئاسية" سنة 2019. ويضيف "هذه الانتخابات ستعطينا مؤشرات على الانتخابات الرئاسية القادمة ومن سيكون مرشح السلطة، إذا لم يترشح بوتفليقة لولاية خامسة". ويحكم عبد العزيز بوتفليقة البلاد منذ 1999. وجرت الانتخابات في ظل تدابير أمنية مشددة، حيث انتشر 45 ألف شرطي في المدن، و87 ألف عنصر من الدرك الوطني في المناطق الريفية لتأمين أكثر من 53 ألف مركز اقتراع. وقاطع الانتخابات حزبا "طلائع الحريات" برئاسة رئيس الحكومة الأسبق علي بن فليس الخاسر في الانتخابات الرئاسية سنة 2014، وحزب "جيل جديد" برئاسة سفيان جيلالي، وكلاهما يعتبر أن "الانتخابات التشريعية القادمة لن تحمل أي تغيير". بالنسبة للناشط السياسي المعارض سمير بلعربي الذي شارك في حملة لمقاطعة الانتخابات في 12 ولاية(محافظة)، "الجزائري لم يعد يثق في مؤسسات الدولة". ومنذ استقلال الجزائر عن الاستعمار الفرنسي في 1962، ظل حزب جبهة التحرير الوطني مسيطرا على السلطة كحزب وحيد إلى 1989، ثم كحزب الأغلبية منذ بدء العمل بالتعددية الحزبية إلى اليوم، باستثناء الفترة الممتدة بين 1997 و2002 التي حصل خلالها التجمع الديمقراطي على الأكثرية.