تشير تقارير حديثة إلى أن المغرب أصبح ثاني أكثر الدول استخداماً لموقع "ChatGPT" على مستوى العالم، وهو ما يعكس مستوى الوعي المتزايد لدى المغاربة بأهمية التكنولوجيا الحديثة. وبحسب استطلاع "ثقة المستهلكين لعام 2023" الذي أجرته مجموعة "بوسطن" الاستشارية، فإن نسبة مستخدمي هذا التطبيق في المغرب تصل إلى 38%، مما يجعل المملكة تتفوق على دول مثل كوريا الجنوبية، والولايات المتحدة، واليابان، والصين، بينما تحتل الهند الصدارة بنسبة 45%. في هذا السياق، صرح الخبير في البرمجيات، أنس أبو الكلام، بأن احتلال المغرب لهذه المرتبة العالمية يعكس سوقًا قوية ومتنامية لتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، مؤكدا أن هذا الانتشار الواسع لاستخدام "ChatGPT" يعزز من فرص الاستثمار في هذا القطاع، سواء من خلال تطوير تطبيقات محلية تعتمد على الذكاء الاصطناعي أو عبر تعزيز الشراكات مع شركات عالمية. ويوضح التقرير، وفق أبو الكلام أن "هناك مستقبل واعد للمغرب في مجال التكنولوجيا، مدعومًا بالاستثمارات الدولية والدعم الحكومي والحماس المحلي. وإذا استمرت هذه الديناميكية الإيجابية في الاستخدام والتبني، فإن المغرب قد يصبح مركزًا إقليميًا للابتكار في مجال الذكاء الاصطناعي، ما يعزز من مسيرة التنمية الشاملة للبلاد". وأشار أبو الكلام في تصريح لجريدة "العمق"، إلى أن "شركات التكنولوجيا الكبرى مثل Oracle وHuawei ترى في المغرب وجهة استراتيجية، نظراً لموقعه الجغرافي المميز الذي يمكن أن يجعله محوراً رئيسياً نحو الأسواق الإفريقية". موضحا أن "شركة Oracle تعتزم إنشاء أكبر مركز لها في إفريقيا بالمغرب، وهو مشروع يؤكد الثقة التي تضعها هذه الشركات في قدرة المغرب على استقطاب الاستثمارات الكبرى في مجال التكنولوجيا". وشدد على ضرورة "أن نكون واعين لتأثير الذكاء الاصطناعي على سوق العمل. فمع زيادة "الأتمتة" واعتماد التكنولوجيا، قد يتم استبدال بعض الوظائف التقليدية بالتقنيات الذكية، مما قد يؤدي إلى فقدان الوظائف لبعض الأفراد، خاصة في القطاعات التي تعتمد بشكل كبير على المهارات اليدوية أو الروتينية". ولفت المتحدث إلى أن الحكومة المغربية تلعب دورًا محوريًا في دعم هذا التوجه من خلال وزارة التعليم العالي ووزارة الانتقال الرقمي. إذ تعمل هذه الوزارات على إنشاء مؤسسات تعليمية متخصصة في الذكاء الاصطناعي وتطوير البنية التحتية الرقمية، مما يعزز من مكانة المغرب كبيئة ملائمة للنمو التكنولوجي. من جهة أخرى، اعتبر أبو الكلام "أنه لا يمكن إغفال الحماس الكبير الذي يظهره الشباب المغربي تجاه التكنولوجيا الحديثة، خصوصًا تلك التي تتيح فرصًا لتحقيق دخل مستدام"، مبرز أن "هذا الشغف يعكس ديناميكية المجتمع المغربي واستعداده لاستقبال أحدث الابتكارات التكنولوجية، مما يعزز من دور المغرب كمركز ناشئ في مجال التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي على المستوى الإفريقي". وأشار أبو الكلام إلى أنه في إطار دعم الذكاء الاصطناعي، أعلنت اليونسكو في نوفمبر 2023 عن إنشاء مركز من الفئة الثانية للذكاء الاصطناعي في إفريقيا تحت رعاية المغرب. كما انضمت المملكة إلى مشروع تجريبي لتقييم جاهزيتها للذكاء الاصطناعي باستخدام طريقة تقييم الجاهزية، مما وضع المغرب في طليعة الدول العربية والإفريقية في هذا المجال.