بداية، المغرب عازم على تطوير صناعته الدفاعية، ووضع ترسانة قانونية متكاملة باعتماد القانون رقم 10-20 المتعلق ب "عتاد وتجهيزات الدفاع والأمن والأسلحة والذخيرة". ومؤخرًا، خلال الاجتماع الأخير لمجلس الوزراء في فاتح يونيو 2024، تمت المصادقة على مشروع مرسوم بإنشاء منطقتين للتسريع الصناعي للدفاع، يهدف إلى توفير مناطق صناعية لاحتضان الصناعات المتعلقة بمعدات وآليات الدفاع والأمن وأنظمة الأسلحة والذخيرة. وبذلك، اتخذ المغرب خطوة حاسمة بالانتقال من المرحلة النظرية إلى المرحلة العملية. وقد حدد القانون المذكور بدقة الفلسفة العامة التي ينبغي أن توجه تنفيذ مثل هذا النشاط الذي، بطبيعة الحال، له بعد خاص ويتطلب تنظيما خاصا نظرا لطبيعته التي لا تعد نشاطا إنتاجيا وصناعيا بسيطا. إذ لا بد من اتخاذ عدد معين من الاحتياطات لتجنب أي انزلاق و"انفلاتات" يمكن أن تضر بالمصالح العليا لبلادنا. وفي هذا الصدد، سيكون من المفيد التذكير باختصار بنص القانون 10-20. يصنف المرسوم المواد والمعدات الدفاعية والأمنية والأسلحة والذخيرة وفق ثلاث فئات: أ، ب، ج – الفئة (أ) «عتاد وتجهيزات وأسلحة وذخيرة الدفاع»: تضم عتاد الحرب وأسلحة وذخيرة الدفاع ومكوناتها وفروعها وأجزاءها وكل نظام أو برنامج معلوماتي أو معدات للمراقبة أو الرصد أو الاتصال المخصصة حصرا للعمليات العسكرية البرية أو الجوية أو البحرية أو الفضائية؛ – الفئة (ب) «عتاد وتجهيزات وأسلحة وذخيرة الأمن»: تضم الأسلحة والذخيرة، ومكوناتها وفروعها وأجزاءها وكل نظام أو برنامج معلوماتي أو معدات للرؤية أو المراقبة أو الرصد أو الاتصال أو التنقل أو الحماية التي يمكن أن تخصص سواء للحفاظ على الأمن والنظام العامين أو للاستعمال العسكري؛ – الفئة (ج) «الأسلحة والذخيرة المخصصة لاستعمالات أخرى»: تضم أسلحة القنص والرماية الرياضية، والأسلحة المستعملة في انطلاق المنافسات الرياضية، والأسلحة التقليدية وأسلحة الهواء المضغوط، وكذا ذخيرة هذه الأسلحة ومكوناتها وفروعها وأجزاءها؛ وعلى هذا الأساس، فإن تصنيع أو استيراد أو تصدير هذه المنتجات يخضع لإشراف صارم وينظم بموجب القانون حسب الفئة المعنية. ولهذا الغرض تحدث "اللجنة الوطنية" لعتاد وتجهيزات الدفاع والأمن والأسلحة والذخيرة. كما سيتم إحداث لجنة للمراقبة لدى اللجنة الوطنية يعهد إليها، لحساب هذه الأخيرة، بمراقبة الأنشطة التي يقوم بها الحاصلون على التراخيص المنصوص عليها بالقانون المذكور؛ وبالإضافة إلى ذلك، ينص القانون على عقوبات صارمة في حالة ارتكاب بعض المخالفات. وتختلف هذه العقوبات تبعا لطبيعة الجريمة، ويمكن أن تصل إلى 20 سنة سجنا وغرامة قدرها 5 ملايين درهم! نعتقد أن الوقت قد حان لتُطور بلادنا صناعة الدفاع لعدة أسباب، الأول يكمن في حقيقة أنه منذ نهاية الحرب الباردة، لم يعد إنتاج الأسلحة يقتصر على القوى العظمى، إذ دخلت السوق دول صاعدة جديدة مثل كوريا الجنوبية وتركيا وسنغافورة وإسرائيل وإيران... وفي القارة الإفريقية نجد جنوب إفريقيا ونيجيريا ومصر. ولذلك فمن المشروع تماما ألا يكون المغرب من بين آخر من يفعل ذلك. السبب الثاني لهذا الاختيار هو اقتصادي: حيث يمكن لقطاع إنتاج المعدات الدفاعية العسكرية أن يشكل رافعة حقيقية لتعزيز الصناعة المدنية بفضل التأثيرات التي سيمارسها هذا النشاط من حيث البحث العلمي والابتكار والمعرفة. لذلك، سيكون من الحكمة ألا يبقى هذا "القطاع المستقبلي"، الذي يستخدم التكنولوجيا المتطورة، معزولاً عن الاقتصاد بأكمله. حيث أن التقدم الذي سيتم إحرازه في هذا المجال يجب أن يفيد القطاعات الأخرى من خلال خلق صلات من المرجح أن تعمل على تحسين القدرة التنافسية لاقتصادنا ككل. السبب الثالث والأخير الذي يدعم الصناعة الدفاعية يكمن في تعزيز سيادتنا وخفض "الفاتورة العسكرية" المقدرة بحوالي 4٪ من الناتج الداخلي الإجمالي. ومن خلال اختيار سياسة استبدال الواردات وسياسة "صنع في المغرب"، لن تتمكن بلادنا من تقليص عجز ميزان المدفوعات فحسب، من خلال الاستحواذ على جزء من القيمة العالمية محليا، بل ستساهم أيضا في خلق فرص الشغل وتنمية البحث العلمي. وعلاوة على ذلك، من البديهي أن تقود بلادنا إلى إقامة شراكات مربحة للجانبين وتشكيل تحالفات استراتيجية مع الدول الصديقة، مع ضمان استمرار التنويع الذكي لشركائنا كما تم تنفيذه على مدى العقود الماضية. من خلال إرساء أسس صناعته الدفاعية، يسعى المغرب إلى توطيد السلام العالمي وضمان أمنه، وحيثما أمكن، أمن أصدقائنا الأفارقة المعرضين للتهديدات الإرهابية والمناخية وغيرها. وسيظل ملتزما دوما بالحفاظ على استقلاله، وضمان أمنه الجماعي وسلامة أراضيه. لن يتخلى أبدًا عن هذا الاختيار المغروس في جيناته. مما يمنحه المزيد من المصداقية على المستوى الدولي. ترجمه للعربية عبد العزيز بودرة