يحل اليوم رئيس الحكومة الإسباني بيدرو سانشيز، بالمملكة المغربية في زيارة رسمية له هي الأولى بعد انتخابه كرئيس للمملكة الإسبانية للمرة الثانية على التوالي، والثالثة منذ نجاح البلدين في حل الأزمة الدبلوماسية التي استمرت لما يقارب السنتين. وحسب ما أكدته وسائل إعلام إسبانية، فإن الرحلة هدفها تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين، في مجموعة من المجالات، وعلى رأسها المجال الاقتصادي، إذ أكد بيان صادر عن الجانب الإسباني، عن "عمق العلاقات التي باتت تربط البلدين"، مشيرا إلى أن المغرب "جار صديق وحليف استراتيجي لإسباني في العديد من المجالات". زيارة الرئيس الإسباني، رفقة وزير الخارجية، خوسيه مانويل الباريس، تطرح تساؤلات حول أهمية الزيارة، والسياق الذي جاءت فيه، مع تسليط الضوء على أهم الملفات الممكن طرحها خلال هذا اللقاء والتي يأخذ حيزا مهما في العلاقات الثنائية بين الطرفين. ديناميكية جديدة في هذا السياق أكد خبير الشؤون الاستراتيجية، هشام معتضد، أن الزيارة المرتقبة لرئيس الحكومة الإسباني تندرج في إطار الديناميكية الجديدة للعلاقات الإستراتيجية بين المملكتين، والتي تهدف إلى تنزيل رؤية متجددة لقيادات البلدين، خاصة بعد لقاء سانشيز مع الملك محمد السادس، في أبريل 2022 بالرباط والتي كللت بإعلان إسبانيا عن موقفها الرسمي الجديد بشأن قضية الصحراء. وأوضح المتحدث في تصريح ل "العمق"، أن "هذه الزيارة تأتي لتجديد موقف إسبانيا السياسي والدبلوماسي بخصوص ملف الصحراء، وتأكيد إسبانيا دعمها لمخطط الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية للأقاليم الصحراوية باعتباره الأكثر جدية ومصداقية وواقعية لحل الصراع المفتعل. التزام سياسي وفي حديثه عن توقيت الزيارة، اعتبر المحلل السياسي، أن الزيارة تأتي في خضم تطورات جيوسياسية وأخرى جيوستراتيجية تعرفها المنطقة، خاصة فيما يتعلق بالعلاقات الإسبانية المغاربية وعلاقة مدريد بالقارة الإفريقية. وتابع أن الحكومة في مدريد تراهن على الرباط من أجل الحفاظ على توازناتها الحيوية في إفريقيا وتنمية استثماراتها الاقتصادية على مستوى شمال إفريقيا، خاصة بعد الخلاف الدبلوماسي لإسبانيا مع الجزائر، واللا استقرار السياسي الذي يهيمن على السياسة الخارجية الجزائرية إتجاه مدريد. وحسب المصدر ذاته فإن القيادة الإسبانية تحاول من خلال هذه الرحلة، التأكيد لنظيرتها في الرباط عن التزاماتها السياسة وانخراطها الجدي بخصوص تثمين الروابط الإستراتيجية بين البلدين والتعبير عن حرصها الكامل للدفاع عن موقفها الجديد بخصوص ملف الصحراء وأن إسبانيا ماضية بكل قناعة عن التشبث برؤيتها الجديدة بخصوص هذا النزاع المفتعل. الهجرة والتعاون الاقتصادي وحديثا عن أهم الملفات الممكن طرحها على طاولة النقاش بين المغرب وإسبانيا، خلال الزيارة المرتقبة اليوم، أشار المتحدث إلى أن "ملف الهجرة غير الشرعية، والتعاون الأمني والاستخباراتي والاستثمارات الاقتصادية، بالإضافة إلى ملف إدارة المجال الجوي في الجنوب والفضاءات المشتركة على المستويات الحدودية البحرية، كلها ملفات ضمن أخرى ستكون حاضرة بقوة أثناء هذا اللقاء الحكومي لإسبانيا بالمغرب". وفي معرض تصريحه، أوضح المتحدث أن الزيارة تسعى لإعطاء بعد دبلوماسي جديد للعلاقات المغربية الإسبانية، التي كانت دائمًا تتميز بحساسيات وحسابات دقيقة ومعقدة، لكن مع التوجه البراغماتي والعقلانية السياسية كمقاربة جديدة اعتمدها المغرب في علاقته مع الحكومة الإسبانية، استطاع الفضاء المغرب-إسباني الخروج من نفق التريث السياسي و الانزواء الإستراتيجي إلى الرغبة في تحقيق التكامل الاقتصادي. وفي ختام حديثه شدد، هشام معتضد، على أن تأجيل زيارة وزير الخارجية الإسباني للجزائر جاء بعد محاولة القيادة الجزائرية الضغط على إسبانيا للتراجع عن موقفها بخصوص ملف الصحراء، ولكن الحكومة في مدريد أكدت على أن الرؤية الجديدة لإسبانيا بخصوص هذا النزاع المفتعل لا يمكن مراجعتها لأنها منبثقة عن قناعات سياسية ووثائق تاريخية كما أنها شأن داخلي ولا يندرج في إطار المزايدات السياسية أو المتاجرة الدبلوماسية. جدير بالذكر أن إسبانيا أضحت الشريك التجاري الرئيسي للمملكة الإسبانية، كما يعملان معا لحل مجموعة من القضايا وعلى رأسها الهجرة ومكافحة تجارة المخدرات، كما أن العلاقات بين الطرفين شهدت طفرة نوعية بعد الموقف الصريح لمدريد من قضية الصحراء المغربية، واعتبار الحكم الذاتي هو الحل الأنسب لفض نزاع الصحراء المغربية.