دفع القرار الجديد من صانع القرار الإسباني بخصوص دعم المقترح المغربي للحكم الذاتي في الصحراء المغربية، إلى إعادة التوازن والهدوء في العلاقات المغربية الإسبانية، بعد شهور من الجمود الذي ينتقل إلى مرحلة التوتر الدبلوماسي يوقض معه ملفات حارقة من تحت الرماد، لتلهب العلاقات وتوقف أي تعاون، خاصة في ظل ماكانت الحكومة الإسبانية تنهجه من حفاظ على علاقات مع الرباط ولو في مستوياتها الدنيا، وفي الان ذاته تعامل مع جبهة البوليساريو الإنفصالية. تحول تاريخي في العلاقات وخروج مدريد من منطقة الحياد السلبي في النزاع المفتعل لأول مرة منذ 47 عاما، خلف ردود فعل واسعة وما تزال، حاملة في طياتها تكهنات حول ما جرى من توافقات دبلوماسية لإتخاذ اسبانيا هذا الموقف، هل هذا الإقرار له علاقة بملفات على ذات الوزن؟، سؤال بدده إعلام إسبانيا عندما ذكر أن المغرب تفاعل في حدود مع خطوة حكومة سانشيز، إذ لم يتجاوز عتبة الترحيب بالموقف الإسباني واعتباره بمثابة خطوة جديدة لتضييق الخناق على "البوليساريو" فقط لا غير.
ومن الملفات العالقة بين الجانبين، ملف سبة ومليلية المحتلتين، التي قالت عنهما صحيفة "ABC" الإسبانية، من أن المملكة لم تتخلى عنهما، دليلها في ذلك ما أقره مسؤولون في السياسة المغربية على غرار تصريح سعد الدين العثماني، إبان رئاسته للحكومة السابقة، وادريس لشكر الكاتب العام للإتحاد الإشتراكي للقوات الشعبية، والأمين العام السابق لحزب الإستقلال، عباس الفاسي.
الموقف الجديد لمدريد، بحسب الصحيفة، بالقدر الذي سيعيد الطمأنينة للعلاقات الثنائية الديبلوماسية والاقتصادية بين البلدين لشهور أو بضعة سنوات، لكنه يظل دون ربح كبير لإسبانيا، لاسيما فيما يتعلق بسبتة ومليلية.
وفي الوقت الذي يرتقب فيه زيارة رسمية لوزير الخارجية الإسباني، خوسي مانويل ألباريس إلى الرباط، بدورها، وفق الصحيفة لا تحظى باهتمام كبير بقدر الاهتمام الإعلامي المغربي بالزيارة المرتقبة لوزير الخارجية الأمريكي، أنطوني بلينكن إلى الرباط بداية الأسبوع المقبل، ما يعتبر دليلا اخر على أن المملكة المغربية تُدرك أن أهمية الدعم الأمريكي لملف الصحراء هو أهم وأكثر وزنا من الدعم الإسباني.
وتسجل أن المغرب مايزال يحتفظ بأوراق ضغط على إسبانيا، كالهجرة والأرهاب والصيد البحري وتهريب المخدرات، حالما يرتكب رئيس الحكومة الإسبانية بيدرو سانشيز خطوة أخرى خاطئة كما هي عادته، أو حينما يُقرر الملك محمد السادس تحريك الملف في أي وقت من الأوقات.
يذكر أن علاقات المغرب واسبانيا دخلت منعطفا جديدا بعد قرار مدريد التاريخي، ما أسهم في فتح قنوات التواصل الدبلوماسي، بعدما أدركت الحكومة الإيبيرية، وفق خبراء الوزن الهام في الوضع الجيو سياسي في منطقة شمال افريقيا وعلاقاته الإقتصادية والسياسية مع قوى دولية، مادعا الفاعل الإسباني إلى تغليب المصلحة في تماه مع منطق المصالح التي تحكم العلاقات بين الدول.