يقول الأقران بمؤسستنا إن قسمنا محظوظ بسلوى، ويصرون على تسميته قسم سلوى.. سلوى مشهورة بالمؤسسة لأن أباها رجل سلطة معروف بالمدينة، ومشهورة أيضا لأنها تصر على عدم ارتداء الوزرة، أتعبت المدير والحارس العام وفي النهاية استسلما للأمر الحاصل، هل لمكانة أبيها تأثير في ذلك لا ندري، ولكنها حتى عندما تلبس وزرة حسب مزاجها أو جبرا لخاطر الإدارة تلبس وزرة قصيرة ضيقة خفيفة كقميص صيفي.. وتواظب على ارتداء "دجينز" يشخصها كما هي ويعلن ممتلكاتها دون لبس.. ولأنها تعرف ما ستصنع بالتلاميذ في الساحة فإنها تضع محفظتها المدرسية على ظهرها مرتخية إلى ردفيها لتخفي شيئا من ذلك الشيء.. لكن بمجرد ما تدخل القسم تنزع حقيبة الظهر تلك، ولهذا السبب بالضبط يحسد التلاميذ الآخرون قسمنا، وبعضهم يأتي لزيادة ساعة إضافية ونحن نعلم سبب مجيئه، فلا يعقل أن يتغيب عاقل حصص الرياضيات والفيزياء من أجل حصة في مادة ليست أساسية في شعبتنا... زميلنا السني حسام حاول أن ينصح سلوى بطريقته، كتب ورقة ينصحها بالستر ودسها في كتابها... في الغد جاءته منزعجة، قالت له أمامنا " أنت مكبوت، إن كنت أفتنك وأشتت تركيزك كما تقول فلا تنظر إلي.." سكت حسام، دخل القسم وجلس في مقعده وبدا ينقش "لا حول ولا قوة إلا بالله" على الطاولة.... انتبهنا أن أستاذ الرياضيات كأنه دخل بطريقة غير مباشرة في معركتنا مع سلوى، فهو كما بدا لنا يشجع تمردها، وقيل إنها واحدة من مجموعة يزيدها ساعات إضافية.. ولذلك إذا ذهبت سلوى تستفسره عن شيء في آخر الحصة فنحن لن نخرج حتى تخرج، وكم مرة قال لنا إذا انتهيتم تفضلوا لكننا لم نتفضل. ورغم أن الأساتذة الآخرين يتفادون الإذن لسلوى لتكتب على السبورة مراعاة لمشاعرنا أو خوفا من تعليقاتنا فإن أستاذ الرياضيات لا يجد حرجا في ذلك.. ويحاول أن يفكّه قليلا حصة الرياضيات حتى لا تكون باردة مملة؛ ليس فقط بقيام سلوى إلى السبورة، ولكن بتسمية زائد ما لا نهاية وناقص ما لا نهاية ب"زائد ثمانية ناعسة، وناقص ثمانية ناعسة".. وعندما قامت سلوى إلى السبورة لتحل التمرين علق بدر من المقعد الخلفي "زائد ثمانية واقفة".