دوري أبطال أفريقيا.. طاقم كيني لقيادة مواجهة الجيش الملكي وصن داونز    حالات الإصابة ب"بوحمرون" داخل السجون ترتفع والعدوى تطال الموظفين    لا لتحجيم الحق في الإضراب!    العاهل الإسباني يؤكد على الطابع الخاص للعلاقات مع المغرب    صادرات إسبانيا إلى المغرب تقفز إلى 10.8 مليار يورو في 10 أشهر    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الأربعاء    كوريا.. مكتب التحقيقات في الفساد يوقف الرئيس المعزول    الاتحاد العام للصحفيين العرب يجدد دعمه للوحدة الترابية ولسيادة المغرب على كامل ترابه    للمرة الثانية.. تأجيل إعلان ترشيحات جوائز الأوسكار بسبب حرائق لوس أنجلس    مؤتمر إسلام آباد يدعم تعليم المرأة    استضافة الجزائر لتنظيم كردي في تندوف يدخلها في مواجهة مع تركيا وسوريا الجديدة    الاتحاد العام للصحفيين العرب يؤكد مساندته للوحدة الترابية للمملكة ودعمه للحكم الذاتي في إطار السيادة المغربية    استثمارات خليجية تنقذ نادي برشلونة من أزمته المالية الكبرى    رسميا.. "الكاف" يعلن تأجيل بطولة "شان 2024"    أرسنال يفتقد خدمات مهاجمه البرازيلي خيسوس بسبب الاصابة    توقعات أحوال الطقس اليوم الأربعاء    تقرير يكشف أن 66 قضية أمام المحاكم تخص نساء ورجال التعليم خلال 2024    79 إصابة بداء "بوحمرون" بين نزلاء 13 مؤسسة سجنية.. و7 إصابات في صفوف الموظفين    عاجل.. اندلاع حريق مهول في غابة جبل أغاندرو بجماعة عبد الغاية السواحل نواحي الحسيمة    بلقصيري تحتفي بالكتاب الأمازيغي والغرباوي في "آيض يناير"    إيض يناير 2975: الدار البيضاء تحتفي بالتقاليد والموسيقى الأمازيغيين    ثمود هوليود: أنطولوجيا النار والتطهير    رفض نقابي لإلغاء صفقة ومطالب بالتحقيق في اختلالات بجامعة بني ملال    تسجيل 79 حالة إصابة ببوحمرون داخل السجون المغربية    طنجة: وفاة زوجين اختناقا بسبب تسرب غاز البوتان    لجنة الأوراق المالية الأمريكية ترفع دعوى ضد إيلون ماسك بسبب "تويتر"    العيون تحتفل بحلول "إيض إيناير"    تساؤلات تطال مدونة الأسرة بشأن رهانات التعديل وإشكاليات المقاربة    الناظور.. افتتاح الدورة الثانية لمهرجان "انيا" للثقافة الأمازيغية    ضابط يتعرض لاعتداء في إنزكان    الرئيسان المصري والأمريكي يبحثان تطورات مفاوضات الوصول إلى اتفاق وقف إطلاق النار في غزة    رسميًا: الكاف يؤجل بطولة أمم إفريقيا للمحليين إلى 2025    احتفالات رأس السنة الأمازيغية بالرباط.. توقيع عدد من الاتفاقيات لتكريس الطابع الرسمي للأمازيغية    سنة أمازيغية ناضلت الحركة الأمازيغية من أجل ترسيمها مند عقود    الزنيتي ينضم إلى الوصل الإماراتي    رسميا.. "الكاف" تقرر تأجيل "الشان"    زيارة لتعزيز قطاع الصناعة التقليدية بجهة سوس ماسة : خطوة نحو التنمية    التردد الحراري.. تقنية حديثة لعلاج أورام الغدة الدرقية تُعوض الاستئصال    فضيحة أخرى للنظام الجزائري: استقبال وفد انفصالي من أكراد سوريا    اتهامات بوجود "تلاعبات" في مواعيد "الفيزا".. حقوقيون يطالبون بالتدخل العاجل    عروض الشهب الاصطناعية تُضيء سماء أكادير احتفالاً برأس السنة الأمازيغية 2975 (الفيديو)    تفشي داء بوحمرون يحيي أجواء كورونا في محاكم طنجة    لقجع : الزيادة في ثمن غاز البوتان غير مطروحة على طاولة الحكومة    توقعات احوال الطقس لليوم الثلاثاء    إسبانيا تفرض ضرائب قاسية على عقارات المغاربة    تنزيل قانون العقوبات البديلة يدخل مراحله النهائية    الدورة ال49 لجائزة الحسن الثاني وال28 لكأس الأميرة لالة مريم للغولف من 3 إلى 8 فبراير المقبل بالرباط    الدار البيضاء .. أمسية موسيقية احتفاء برأس السنة الأمازيغية الجديدة    الناصيري يكشف سبب حجب "نايضة"    استوديوهات هوليوود تتبرع بملايين الدولارات لدعم جهود الإغاثة من الحرائق    النفط قرب أعلى مستوياته في 4 أشهر مع تقييم تأثير العقوبات على روسيا    الإصلاح الضريبي يرفع الموارد الجبائية إلى 299 مليار درهم في 2024    المديرية العامة للضرائب تحدد سعر صرف العملات الأجنبية    الأمازيغية :اللغة الأم….«أسكاس امباركي»    فيتامين K2 يساهم في تقليل تقلصات الساق الليلية لدى كبار السن    ملفات ساخنة لعام 2025    أخذنا على حين ′′غزة′′!    الجمعية النسائية تنتقد كيفية تقديم اقتراحات المشروع الإصلاحي لمدونة الأسرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ربة بيت
نشر في العمق المغربي يوم 18 - 11 - 2023

في بداياتي المِهْنية وفي موسم دراسي ما في مكان ما كانت في فصلي تلميذتان شقيقتان، تجلسان أمام المكتب مباشرة، أبحث في وجهيهما عن القواسم المشتركة فلا أجد الكثير، لكن دائما أخطئ في الصغرى لأنها تبدو أكبر سنا لأن شقيقتها كانت هزيلة الجسد وكانت تتصرف بحكمة كعجوز صغيرة تسير بيت عيال تعددت فيه زوجات الأبناء.
إلى هنا كان الأمر عاديا لا يستحق التذكر ولا الكتابة ولا أراه يفيدكم في شيء.. قصتي مع الفتاتين تبدأ عندما سطرت جدولا على السبورة وطلبت من التلاميذ نقله إلى دفاترهم... انشغل الجميع برسم الجدول..في انتظار أن يرسموا أرجع معكم إلى مرحلة الثانوي وأنا تلميذ، كان أستاذنا في العلوم الطبيعية أستاذا متدينا غريب الأطوار، وكان يفرض علينا قوانين خاصة به داخل الفصل بمبادئ تعودنا الأمر وأصبح مألوفا نتقبله بصدر رحب... ومنها أنه لا يسمح للتلميذات بالدخول بلباس متبرج فلا بد من وزرة ساترة، كما يفرض عليهن أن يجلسن في المقاعد الخلفية حتى لا يفتنن الذكور. لكن الأغرب أنه يفرض علينا نوعا من قلم الرصاص (HB2) دون غيره، وأنا ممن كان هذا القلم فوق طاقتي لأن هناك قلما يؤدي الدور نفسه بثمن رخيص، كما كان أستاذنا يرفض أن نسطر بالكوس أو المنقلة، وأداة التسطير الوحيدة التي يقبلها هي المسطرة، وسبق أن توعدني لأنه وجدني أسطر بالكوس دون المسطرة...
عدت من شرودي عندما انتبهت إلى أن إحدى الشقيقتين تسطر بينما الأخرى تنتظرها حتى تفرغ. نظرت إليها مبتسما، وكان من عادتي بين الحين والآخر أن أشاكس تلامذتي لعلي أرسم ابتسامة على وجوه بعضهم ولكن أكسر رتابة الدرس أحيانا ليفهموا أننا يمكن أن نضحك ونجد.. اقتربت من مقعد الشقيقتين وقلت لها مازحا:
– هل أبوك بخيل إلى هذه الدرجة ليشتري لكما مسطرة واحدة؟
ابتسم بعض التلاميذ الذين كان على مقربة منهما لأنني لم أتحدث بصوت عال لكن الفتاة لم تبتسم، أجابت:
– أبي رحمه الله.
وجدتني في ورطة كبيرة وحرج، انتابني إحساس غريب، وسرت قشعريرة في جسدي، اقتنعت أنني تصرفت بشكل سيء، وأن مبرر جهلي بوفاة والدها مردود علي فهما تلميذتان في فصلي وكان علي أن أعرف، حتى وإن كانت مدارسنا لا تقدم لنا معلومات ضرورية عن المتعلمين كالوضع الأسري أو الحالة الصحية لبعضهم مثلا..
– رحم الله والدك، وأعتذر عن تعليقي.
مر الموقف بسلام، ولعل الفتاة نسيته كما يمكن أن تنسى الدرس والأستاذ، ولكنني لم أنسه أبدا وما زلت في كل بداية موسم أتذكره وأصره على سؤال تلاميذي على مهنة الأب والأم وإن كنت في الحقيقة لا أهتم أكثر للمهنة بقدر ما انتبه عندما يكتب أحدهم متوفي أو متوفية فأصححها إلى متوفى ومتوفاة وأترحم ثم أمر.
لكن ما أثار انتباهي هو موقف جزء مهم من التلاميذ الذين لا تكون والدتهم تزاول (مهنة) فيكتب بعضهم "بدون" أو "ربت بيت" فيكون علي مرة أخرى أن أخبرهم أن "ربة" بتاء مربوطة وأنشدهم:
ربابة ربة البيت تصبّ الخلَّ في الزيت
لها عشرُ دجاجات وديكٌ حسنُ الصوت
ثم راودني أن أكتب عن ربة البيت هاته التي يخجل البعض أن تكونها أمه خاصة إذا صادف أن جاوره من أمهاتهم "مهندسة، أستاذة، طبيبة، موظفة..." فيشعر وكأن أمه يقل شأنها أمام هؤلاء، وبالتالي فزملاؤهم يزيدون عليه درجة لأن أمهاتهن عاملات بأجر شهري ومنزلة اجتماعية رمزية.
ربة بيت كانت الأصل، كانت أم الجميع، قبل أن تنخرط النساء في العمل كن ربات بيوت وحتى العاملات أغلبهن يؤدين دور ربات البيوت بلا ملل..
انظر إلى نفسك كيف تكون بلا أم.. بلا خبز البيت، بلا شاي ساخن، بلا دفء، بلا بيت مرتب، بلا غرفة أنيقة، بلا صحن نظيف، بلا لباس مغسول، بلا كسكس جمعة، بلا نداء الصباح أن استيقظ، بلا فرحة بضيوف، بلا سؤال الجارة عن أمك وعن صحن وعن قدر... تخيل أما لا تمارس دور ربة بيت، تخيل حجم الفراغ في الحياة... حاول أن تفكر في الأجر الشهري الذي تستحقه هذه المرأة... إنك لا تستطيع أن تخصص لها أجرا ولا أبوك فعل ذلك، وهي لم تطلب أجرا.. يكفي أن تحضنها بقلبك وتفخر بها وتقدسها، وإن سئلت عن مهنتها فقل مرفوع الرأس وبعزة نفس "أمي ربة بيت".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.