تفاصيل حملة التحريض الصهيونية ضد الأزهر الشريف بعد مواقفه الداعمة للحق الفلسطيني مخططات تحريضية صهيونية جديدة تنتظر الأزهر فى الغرب فضيلة الإمام الأكبر كابوس تخشاه إسرائيل على ضوء الموقف الداعم والوضح لفضيلة الأمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، وتاكيده علي إن ما يمارسه الاحتلال الصهيوني الغاشم الآن في غزة من قصف مكثَّف، وقتل الأبرياء، وقطع للكهرباء والإنترنت، وتدمير لكل مظاهر الحياة، وحجب كلِّ مصادر الحقائق والمعلومات حول ما يحدث من مجازر وجرائم حرب، لهو إرهابٌ أعمى، وانتهاكٌ واضحٌ لكل المواثيق والأعراف القانونية والإنسانية. كان من اللافت هرولة معهد دراسات الأمن القومي في إسرائيل INSS- وهو مركز أبحاث تابع لجامعة تل أبيب يجري أبحاثاً في العديد من المجالات التي تشمل الدراسات الأمنية وتأثيرها على القضايا الاستراتيجية – لتكثيف المتابعة لما يصدر عن مؤسسة الأزهر الشريف من مواقف مشرفة ومن ثم التحريض ضده بدعوى أن مواقفه تندرج تحت إدعاءات التحريض ومعاداة السامية، وفي هذا الإطار استدعي المركز اثنان من خبراء الشؤون المصرية لرصد موقف الأزهر الشريف وهما، الباحثان "ميخائيل باراك" و"أوفير فينتر" المتخصصان في الشأن المصري والإسلام السياسي، لإعداد تقدير موقف شامل بعنوان "هل يتحول الأزهر من الإعتدال للراديكالية بسبب مواقفه المؤيدة للمقاومة الفلسطينية". استهلا الباحثان حديثهما بالقول "منذ المذبحة التي ارتكبتها حماس ضد إسرائيل يوم 7 أكتوبر، وفى ظل غياب إدانات رجال الدين في العالم العربي والإسلامي . برزت بوضوح التصريحات الداعمة للمقاومة الفلسطينية من جانب مؤسسة الأزهر في مصر، والتي تصنف كمنارة "للاعتدال الديني" وحاملة الراية الإيديولوجية للحرب ضد التطرف الإسلامي، حيث شن الأزهر حملة كان هدفها الرئيسي إشعال نار العداء لدى الرأي العام العربي والإسلامي ضد إسرائيل ومؤيدوها في الغرب. وزعما أن الأزهر اتخذ خطا مزدوجا فى السنوات الأخيرة فمن ناحية، حارب الخطاب والأيديولوجية المتطرفة لجماعة الإخوان المسلمين والمنظمات السلفية الجهادية مثل داعش، التي تعرض استقرار مصر والشرطة للخطر. ونشر فتاوى شرعية تقضي بمنع الانضمام لجماعة الإخوان المسلمين لأنهم يهددون استقرار مصر الاجتماعي، ومتورطون في الإرهاب، ويحرفون القرآن والسنة. بالإضافة إلى ذلك، يشارك الأزهر في تعزيز حوار التعايش والتسامح بين المسلمين والمسيحيين في مصر وخارجها، وبذلك جعل نفسه لاعبًا دينيًا عالميًا كمن يقود الجبهة الفكرية ضد المنظمات الإرهابية الإسلامية، باستثناء تلك التي تقاتل ضد إسرائيل، ومن ناحية أخرى، ظل الأزهر يرسخ باستمرار، منذ أكثر من عقد، خطابًا عدائيًا تجاه إسرائيل، بينما يمنح الشرعية الأخلاقية والشرعية للنضال العنيف ضدها. وخصص جزء من الخطاب لدعم نضال الشعب الفلسطيني ضد ما يسميه الأزهر ب "الكيان الصهيوني"، والتحذير من مخططاته المزعومة لتهويد فلسطين والاستيلاء على المسجد الأقصى، وفضح الجرائم المنسوبة إليه ضد الشعب الفلسطيني أمام الرأي العام العربي والدولي. وفي أوقات التصعيد بين إسرائيل والفلسطينيين، كما يتضمن الخطاب الأزهري دعوة للعرب والمسلمين للوقوف في طليعة النضال ضد إسرائيل. القلق الإسرائيلي من مواقف الأزهر الشريف وقائدة فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، جعل الباحثان الإسرائيليان يميطان اللثام عن مخاوف تل أبيب المتزايدة من تصريحات شيخ الأزهر ، ووصفاها بأنها ترسخ من الخط المتشدد تجاه إسرائيل. خاصة وأن فضيلته يحرص كثيراً على ترديد رسالة مفادها أن "كل احتلال ينتهي به الأمر إلى الزوال عاجلاً أم آجلاً"، أي أن وجود إسرائيل مؤقت ومحكوم عليه بالانقراض. ومما عزز من المخاوف الصهيونية من مواقف فضيلة الأمام الأكبر هو احتفاظه بعلاقات مستمرة وعلنية- على حد وصف الباحثان الإسرائيليان- مع قادة المقاومة الفلسطينية، خاصة وأنه وفي ديسمبر 2017، أشاد رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، إسماعيل هنية، بالشيخ الطيب لرفضه لقاء نائب الرئيس الأمريكي آنذاك، مايك بنس، احتجاجا على نقل السفارة الأمريكية إلى القدس، وفي فبراير 2019، استقبل الطيب وفدا من كبار مسؤولي حماس، بمشاركة هنية وصالح العاروري، الذين شكراه على وقوف الأزهر جانب الفلسطينيين. ليس هذا فقط، بل يبدو أن بيانات الأزهر الشريف التي صدرت منذ السابع من أكتوبر الماضي باتت تؤرق مضاجع الصهاينة فى كل وقت منذ اندلاع الحرب، حيث أبدى الباحثان الإسرائيليان مخاوفهما من تلك البيانات، خاصة وأن الأزهر ينشرها بعدد من اللغات الأجنبية العالمية ومن بينها اللغة العبرية، أبرز تلك البيانات، البيان الصادر في 18 أكتوبر، والذي جاء فيه أن "المدنيين الصهاينة في الأرض المحتلة لا يستحقون لقب "مدنيين" بل محتلي الأرض ومغتصبي الحقوق والمنحرفين عن درب الأنبياء والذين يعتدون على المقدسات التاريخية في القدس". مخاوف الكيان الصهيوني من مواقف الأزهر الشريف الراسخة حيال المقاومة الفلسطينية لم تقف إلى هذا الحد بل اعترف الباحثان الصهيونيان أنه من خلال بيانات الأزهر المتكررة منذ بداية الحرب على غزة، قدم الدعم الديني والمعنوي لأعمال حماس، وشجع أتباعه من الفلسطينيين والمصريين والعالم السني على إدانة الإرهاب الإسرائيلي، وبعد صلاة الجمعة يومي 13 و27 أكتوبر، خرجت مظاهرات من ميدان الأزهر، حيث ترددت شعارات: " نفدي الأقصى بالروح والدم" و"خيبر خيبر يا يهود جيش محمد سوف يعود". خاصة دعوة الأزهر للفلسطينيين بضرورة الوقوف وقفة رجل واحد ضد الاحتلال ومساعدة الشعوب العربية والإسلامية لهم بقدر ما تستطيع. كما اعترف باحثي مركز أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي فى ورقتهما البحثية بأن دعم الأزهر للمقاومة الفلسطينية يجعل من الصعب على الهيئات الإسلامية الأخرى في العالم العربي، الخاضعة لنفوذه، أن تطرح موقفاً ينكر تجاوزات المقاومة. ومن الأمثلة الواضحة على ذلك دولة الإمارات العربية المتحدة، التي ظلت تروج لروح التسامح الديني لسنوات عديدة. وبينما أدانت وزارة الخارجية الإماراتية مذبحة المدنيين الإسرائيليين، تبنى مجلس علماء المسلمين الذي أسسته الإمارات العربية المتحدة مع الأزهر لهجة أحادية الجانب ودعا إلى وقف "العدوان الإسرائيلي". كما امتنع رئيس مجلس الإمارات للفتوى عبد الله بن بيه عن إدانة تصرفات حماس، يبدو أن تلك المواقف المشرفة للأزهر الشريف لم تؤرق مضاجع الصهاينة فحسب ، بل جعلتهم يتخوفون من تلك المواقف مستقبلا، خاصة وأن الأزهر الشريف ينجح فى نشر رسائله لكافة العالم الإسلامي عبر وسائل الإعلام وشبكات التواصل الاجتماعي والمناهج الدراسية، كما إن الرعاية الدينية والسياسية التي يقدمها الأزهر للمقاومة الفلسطينية تسبب أضرارا لا يمكن إصلاحها، قد تصل إلى حد التحريض على حروب دينية من شأنها أن تعرض استقرار الشرق الأوسط للخطر. فى ختام تلك الورقة البحثية المشبوه طالب الباحثان الاسرائيلي أوفير فينتر وميخائيل باراك ضرورة مواجهة المواقف التي نتهجها الأزهر ، باتخاذ إجراءات مضادة فورية من جانب إسرائيل والمجتمع الإقليمي والدولي تتمثل فى المحاور التالية: أولاً، الضغط على النظام المصري لكبح جماح الأزهر: إذ يتعين على إسرائيل والولايات المتحدة والدول العربية المعتدلة، وعلى رأسها المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، أن تطالب الحكومة المصرية بالضغط على الأزهر الشريف حتى يمتنع عن نشر الرسائل المتشددة، وتأجيج التوترات السياسية والدينية وتشجيع نظريات المؤامرة. ولم يتوقف الجنون الصهيوني والرعب لديهم من فضيلة الأمام الأكبر إلى هذا الحد بل دعا الباحثان الاسرائيليان إلى ضرورة إجراء تغييرات دستورية في مصر حتى يمكن استبدال شيخ الأزهر. ثانياً، الإضرار بسمعة الأزهر العالمية: حيث يجب على دولة إسرائيل والمنظمات اليهودية وشركائها حول العالم لفت الانتباه الدولي إلى حقيقة أن الأزهر لا يقوم بالدور الذي حددته له مصر في الحرب ضد التطرف الفكري ، ولكنه يعزز الخطاب المعادي للسامية وتشجع الكراهية وأعمال الإرهاب ضد الإسرائيليين. وما دامت هذه السياسة لم تتغير، فسيتعين على الهيئات الإقليمية والدولية استخلاص النتائج اللازمة وإعادة النظر في علاقاتهم مع الأزهر وقادته. وإعادة النظر في قدرته على العمل كشريك موثوق به في الحوار بين الأديان ومكافحة التطرف الديني؛ بل وتشديد الرقابة على فروع الأزهر الدولية. ثالثاً، الإضرار بمصادر تمويل الأزهر: حيث ينبغي على الجهات الفاعلة الإقليمية والدولية التي تدعم الأزهر مالياً، بما في ذلك الإمارات العربية المتحدة، إعادة النظر في المساعدات المقدمة إلى المؤسسة. كما إن المساعدات الأمريكية المقدمة لمصر باسم مساهمتها في مكافحة الإرهاب يجب أن تكون مشروطة أيضًا بكبح جماح الأزهر. إجمالًا سيظل الأزهر الشريف بشيخه وعلمائه وأبنائه شوكة فى حلق الكيان الغاصب، تؤرقه مواقفه الوطنية والقومية المشرفة ليل نهار، فمهما خطط هذا الكيان ضده فمآل مخططاته إلى زوال ويظل الأزهر الشريف منارة داعمة للحق الفلسطيني تؤرق مضاجع الصهاينة أينما حلوا.