يقول الإمام الشافعي (نعيب زماننا والعيب فينا... وما لزماننا عيب سوانا..). بهذا البيت نتسهل موضوع مقالنا هذا، والذي يعد من المواضيع الأكثر تداولا في الوقت الحالي، لنقول أن العيب ليس في «مدونة الاسرة واحكامها» والتي ننعتها بين الفينة والأخرى بالتقصير، ونحمِّلها مآسينا ونكباتنا ومصائبنا ومشاكلنا الاسرية والعائلية، بل إن العيب في «البعض منا»، الذي مازال يستخدمها كحجة ليعلق عليها كل عيوبه الاسرية، والمشاكل التي يتخبط فيها، والتي في الحقيقة هو من تسبب فيها من خلال عدم معرفته الكافية بمضمونها ولسوء تطبيق وتنفيذ احكامها. حقيقة هناك تساؤلات كثيرة نذكر منها: ما سر العلاقة الزوجية والاسرية الناجحة، ذلك السر السحري الذي يجعل صاحبيها يشعران بالسعادة معظم الوقت، ويجعلهما أيضًا قادرين على تحمل كل مشاق الحياة؟ هل فعلا قانون مدونة الاسرة كفيل لإنجاح وإنصاف العلاقات الزوجية والاسرية ؟ ماهي الدوافع لتحريك المرأة واندفاعها في طلب تغيير المدونة، وبالتالي طلب المساواة المطلقة مع الرجل على الرغم من معرفتها المسبقة أن هذا الطريق ربما سيكون محفوف بأشواك ومخاطر ولو على حساب مصالحها النفسية والصحيةوالأسرية؟ وما السبب في تقليد الثقافة السلبية الغربية التي أدت إلى التفكك الأسري وضياع الهوية وموت القيم بداخلنا كما سببت في انتشار نسب الطلاق لدينا خصوصا طلاق الشقاق والطلاق الخلعي وبالتالي عزوف وعدم رغبة البعض منا في الزواج وتكوين أسرة؟ وهل فعلا الكل مع المطالبة بالمساواة المطلقة وتعديل المدونة بشكل احادي وجدري؟ وما الحكمة الإلهية في أن يكون الذَّكر والأنثى مختلفين ليقوم كلُّ جنسٍ منهما بالدَّور المنوط به، والذي يتناسب مع طبيعته وتكوينه؟ وما الحكمة من ذكر الله سبحانه وتعالى ووضع منزلة عقد الرجل والمرأة كميثاق الأنبياء والرسل مع الله في تبليغ الرسالة؟ ولماذا نكابر عند المشاعر والتعبير الصادق فيما بيننا؟ ولماذا لا نساند بعضنا البعض في أوقات الشدة والابتسامة على محيانا؟ وما سر انتشار الكبرياء والتكبر وحب المال بين الأزواج وتأثيرهم على الاسرة؟ كلها تساؤلات قد تفرض علينا وواقعنا الحالي حتمية الجواب عليها وبشكل منطقي، ولم لا إيجاد مخرجات كفيلة لإنجاحها حتى تتناسب وثقافة وطبيعة تكويننا، وحتى تخولنا من المضي في حياتنا الأسرية بكل حب وثقة وتفاهم وبدون القاء العيب على مدونتنا وزماننا. حقيقة نود وبكل صدق أن نحيّي ونكرّم بعض النساء والرجال اللذين حولا مجتمعاتنا تحوّلاً جذريًّا من خلال دفاعهم وبكل نزاهة وشرف عن حقوقنا بشتى مجالاتها، وذلك من خلال مطالبتهم بالمساواة في حدودها العادلة والوازنة بين الرجل والمرأة، حسب التربية والدين والشريعة، والتكوين الجيني للطرفين، في ظلّ التحدّيات المروّعة والتضحيات الشخصيّة التي يتعرضن لها. وكذلك في نفس الوقت أود أن أعيب على البعض الأخر "سواء الرجل أو المرأة" الذي يستغل أطروحة المساواة والتعديل من أجل إشباع الرغبة الذاتية والمالية أو حبا في الانتقام من الطرف الأخر لا غير، وبالتي بهذا نجده يسيء لأسرته وثقافته ومجتمعه ككل، مما قد يسبب في تقلص دَور الاطراف معا داخل اسرهن ومجتمعاتهن، ويجعل النظر في الحقوق خارج السِّياق الاجتماعي المخصص له، كما يساهم في تغيير مفهوم الأسرة. فصراحة إخواني وللحد من هذه الاكراهات والمشاكل وطلب المساواة غير العادلة والدخيلة على مجتمعاتنا وحضارتنا وثقافتنا، التي أصبحت تفرضها علينا بعض الأفواه بحجة المساواة والتغيير فقط، يجب علينا وبكل صدق أن نكون صريحين وصادقين عند مواجهة أنفسنا وذاتنا وبعضنا البعض، وذلك من خلال الجلوس ومحاورة أنفسنا وبعضنا البعض لمعرفة وتوضيح نوع المساواة الحقيقية التي نرغب فيها، بشرط احترام ثقافتنا وحضارتنا وتوابيتنا الدينية العليا، وتحديد صف المساواة والحقوق الذي نرغب السير فيه وبكل صدق. نعم نحن مع المساواة وعدم الظلم والتفكيك الاسري وغيرها من الأمور التي لا نحبها لإخواننا وأخواتنا وأبنائنا وبناتنا وأمهاتنا وأباءنا وغرهم من الأشخاص، ولهذا نرى بأن السبيل الوحيد والناجح لتحقيق توازنا أسريا، سواء خارج او داخل مدونة الاسرة، وحتى نضع أنفسنا في الميثاق الغليظ الذي وضعنا الله فيه هو ما يلي: – أولا حتمية توعية اجيالنا بالقوانين والتربية بمفهومها الثنائي " التربية الموروثة والفطرية والتربية المكتسبة مع الحياة والدراسة " وبشكل سهل، من خلال المناهج والمقررات والمنشورات الاشهارية. – خلق ضوابط وقوانين تتماشى وطبيعة وعادات وتقاليد وثقافة المجتمع ودينه، دون الميوعة فيه والخروج على الطبيعة المألوفة، كالتي أصبحنا نشاهدها بكثرة خلال أيامنا الأخيرة (كالمثلية وقلة الاحترام والخيانة والنبش في الاخر وحب الذات بدون أدني أي احترام للقيم والدين). – حث الدوائر والجهات الحكومية والشركات بجميع قطاعاتها بتوفير وظائف مع دوام مرن لبعض نسائنا، تتناسب وظروفها العائلية، لكي تستطيع الموازنة بين عملها ومنزلها واسرتها. – العمل على إيجاد رؤية استراتيجية تناسب الظروف والاستقلالية المالية للمرأة المطلقة بابناء، من خلال أولويات العمل المشروط بالدخل ونفقة الرجل. – الام مدرسة لهذا وجب التشجيع على تصحيح مفهوم دور المرأة العاملة في منزلها لخدمة أسرتها بأنه عمل لا ينقص من قيمتها مقارنة بالعاملة خارج البيت، وبالتالي المطالبة بمنح تحفيزات على مجهوداتها داخل المنزل وذلك من خلال منحها بطاقة تمكنها من الحصول على تحفيزات وتخفيضات بالأماكن الترفيهية والموصلات العمومية، لأنها تلعب دور المعلمة لتربية أجيال المستقبل وتكميل دور المعلمين بالمدارس في إثراء معارف اطفالها ونجاحهم الدراسي والسهر على صحتهم وحسن تصرفهم في المجتمع. – العمل على تشجيع العائلات ومنحهم تخفيضات تخولهم من بعض الأعمال الترفيهية مع أبنائهم بأقل كلفة وبجميع الأماكن السياحية للخروج من دوامات الحزن والاكتئاب والانتقام. – التشجيع على عدم تطليق المرأة التي لديها أبناء، إذا لم تكن هي من يرغب في ذلك إلا في الحالات النادرة والمكرهة ومعاقبة الشخص المتسبب في ذلك ماديا ومعنويا. – تحديد عقوبات فعلية مادية أو حبسية عند الاخلاء ببند من بنود مدونة الاسرة. – إعطاء رمزية قانونية للخطوبة ولما لا تكون عقد مبدئي للزواج مصادق عليه من المقاطعات بحضور الشهود محدد المهلة يضمن حق الطرفين ويعاقب عن تارك الاخر بدون سبب وعلة، لكي يضمن شيئا ما بعض حقوق الطرفين من الاستغلال والاطماع. – الرفع سن الطفل الى 12 سنة بدل 7 سنوات إذا رغبة المطلقة الزواج والاحتفاظ بالحضانة دون شرط. – مساواة استمرار النفقة لغاية 25 سنة بالنسبة للطفل الذي يتابع دراسته او غير، الا في حالة اثبات عمل الطفل. – عدم الاقتصار على الوثائق المادية فقط على الرجل بل حتى المرأة كذلك. وأخيرا اختم مقالنا هذا بدعوة صادقة من القلب وهي" اللهم أصلح شتات أمورنا وأصلح فيما بين نسائنا ورجالنا واسرنا وتبتهم على الهداية والتفاهم الصادق".