اتخذت الجهات المعنية ببلادنا اليوم العاشر من شهر أكتوبر كل سنة يوما وطنيا للمرأة المغربية وذلك تقليدا للجهات الدولية التي اتخذت اليوم الثامن مارس كل سنة يوما عالميا للمرأة، وهكذا أصبحت المرأى مثلها في ذلك مثل بعض الحرف والفنون والأمراض لها يوم وطني وعالمي للحديث عن شؤونها وعن الاحتفال بها والاهتمام بأمرها، وبذلك يتم فصل شؤون المرأة عن الشأن العام للمجتمع إذ لا يوجد يوم للرجل ولكنه يوجد يوم للفرس أو حتى أسبوع وبذلك يمتاز عن المرأة وهذا في الواقع تقليد انطلق من الشعور السائد لدى الناس. أن المرأة بوضعها هي لها قضايا تخصها خارج قضايا الأمة والمجتمع، بل إن المجتمع لن يكون إلا بوجود المرأة فإذا كان للمسرح يوم أو الشعر أو الموسيقى أو السرطان أو غير ذلك يوم من الأيام التي يحتفى بها فذلك شيء مهم في حد ذاته نظرا لدور ما ذكر وغيره في حياة الناس، ولكن ما هي نسبة الناس الذين يتذوقون الشعر ويتفاعلون معه، أو الذين يشاهدون المسرح أو يقرأونه؟ وما هي نسبة الناس الذين يتذوقون الموسيقى أو الفن التشكيلي وما هي الآثار التي يتركها عدم وجود ذلك في حياتهم؟ إن الجواب عن هذا نسبي لأن الشروط الضرورية لذلك غير متوفرة لكل الناس، ولكن هل هناك إنسان أو حتى مجرد حيوان لا يشعر بضرورة وجود الأنثى ليشعر هذا الكائن بالدفء في حياته، بل إن بناء هذه الحياة حتى في مملكة الحيوانات العجماوات والطيور لن يتم ذلك وأحرى الإنسان، ومن هنا يتضح أن المرأة ليس لها يوم في السنة فقط ليشعر الناس بدور المرأة ومكانتها ودورها في المجتمع وفي الحياة الإنسانية بصفة عامة، بل لها كل الأيام السنة بالساعة والدقيقة والثانية، ولذلك عاش الإنسان منذ البداية وهو يحس هذا الإحساس ويشعر هذا الشعور بل ان هناك مدرسة في دراسة تكوين المجتمعات وتطورها تحدد مرحلة معينة تعتبرها المرحلة التي كانت مرحلة سيادة الأمومة حتى أن بعض المؤرخين يرى في نسب (المهدي بن تومرت) المؤسس للدولة الموحدية في المغرب ما يشير إلى ما كان سائدا في القبائل الامازيغية من سيادة المرأة وترؤسها للمجتمع وللقبيلة، إننا هنا لا يعنينا صدقية الاستنتاج أو عدمه لأنه ليس موضوعنا ولكن الذي نود الإشارة إليه هو أن الناس كانوا يرون المرأة أهلا للمسؤولية مثلها في ذلك مثل الرجل، يعيشون على هذا الأساس. ونحن إذا تركنا هذا جانبا وتوجهنا نحوا آخر في تصور دور الرجل والمرأة ورجعنا إلى أصل النشأة والكينونة الإنسانية والمصدر الذي بين أيدينا الذي يتحدث وهو موثق نصيا وواقعيا هو القرآن فهذا الكتاب الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه يحدثنا عن نشأة الرجل والمرأة وأنهما من نفس واحدة وبث منهما رجالا كثيرا أو نساء. وعندما يحدثنا القرآن في ذلك المشهد العظيم وهو مشهد انتقال آدم من الجنة إلى الأرض نجد ذلك الأمر الإلهي لآدم “أنت وزوجك” هذا الزوج الذي جعله الله سكنا ومودة ورحمة كيف تطور إلى ما هو عليه عند بعض الناس في مختلف مراحل التاريخ الإنساني، فالتكريم الذي أنعم الله به على الإنسان كان تكريما شاملا للرجل والمرأة فآدم ليس له أبناء بدون حواء وآدم ذكرانا وإناثا فيما بعد ذلك هم إخوة وأشقاء يتعاونون في السراء والضراء. وفي هذا السياق درج تاريخ الإنسانية ودعوني من الملوك والقادة والزعماء ولكن لنتحدث عن الأنبياء والرسل فماذا كان وضع امرأة نوح فهي نموذج للمرأة السوء، ولكن ماذا عن امرأة إبراهيم (سارة) وماذا عن زوجته الأخرى (هاجر) فهذه نسل منها إسماعيل وذريته وتلك نسل منها إسحاق وذريته، ولكن ما دور (أم) (موسى) وما قصتها وقصة (امرأة) فرعون فهذا معروف ومعروف دور كل منهن في خدمة الإنسانية وخدمة رسالة الأنبياء والرسل، وما قصة (موسى) مع بنتي الرجل الصالح في مدين وما قصة ما حصل أثناء الرحلة. وعيسى وما قصته مع مريم و (زكرياء) ولنأت إلى آخر نبي ورسول محمد بن عبد الله وما قصته مع أمه آمنة ومع زوجه خديجة ومع بقية نسائه ومع بقية المؤمنات، اللائي كان له معهن قصة سجلها القرآن سجلها التاريخ وهن يبايعنه البيعة الشهيرة، (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ على أَن لَّا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا وَلَا يَسْرِقْنَ وَلَا يَزْنِينَ وَلَا يَقْتُلْنَ أَوْلَادَهُنَّ وَلَا يَأْتِينَ بِبُهْتَانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ وَلَا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ فَبَايِعْهُنَّ) الآية: 12 الممتحنة. فهذا هو دور المرأة التي تسعى بالفعل لبناء مجتمع صالح، وتسعى لإنقاذ الإنسانية المعذبة، فدور المرأة هو دور كبير في المجتمع ولا أظن ان الناس الذين يتحدثون في هذا اليوم يدركون هذه الرسالة حق الإدراك، وإذا دورها فهل ما يقومون به هو من أجل ترسيخ هذه الرسالة أم هم يفعلون ذلك لأمر آخر؟ إن ما يعالجه الناس في هذه اللقاءات وما يشبهها اليوم ليس على وجه التأكيد في هذا السياق الذي نتحدث عنه، فالناس قد رسموا لأنفسهم طريقا آخر قد لا يلتقي مع تلك الرسالة العظيمة والأمانة الكبرى التي تحملها المرأة على اختلاف الزمان ومراحل التاريخ، فالناس تعنيهم المناصفة ولكن في أي شيء وأي شأن؟ وما هو هذا الشيء الذي يقسمونه أو يريدون قسمة بالتساوي بالتباري؟ قد يكون الوظائف الإدارية، قد يكون التمثيل النيابي، قد يكون الاعتداء على النصوص القطعية منها فيما يتعلق بالإرث وغيره، قد يكون مخالفة واضحة في مخالفة بيعة النساء مثل الدفاع عن الحرية في الزنى إذ كان بالرضى وغير هذا من الأمور الأخرى، تزاوج المثليين أو الشواذ والسحاقيات، ولكن المناصفة في بناء الأسرة وتربية الأجيال والالتزام الأخلاقي وصيانة الأعراض وحرمة الإنسان، إذ هدا يعتبره من الماضي من المعالجة التقليدية للمناصفة وليس المعالجة الحداثية ذلك خيار البعض وهو خيار لن يرجى منه خير في كل الأحوال، أما خيارنا فهو أننا نرى للمرأة دور آخر ومناصفة حقيقة في الإصلاح الاجتماعي، وهو ما نحاول إعادة التذكير به في حديث الجمعة اليوم. *********** نشاط متميز نحن اليوم في أسبوع عرف نشاطا متميزا اهتم فيه الناس أو قل بعض الناس بالمرأة وشؤونها في المجتمع المغربي، ولاشك أن الكثير من النساء اللاتي يعنيهن هذا الاحتفال لا يشعرن به لان لهن أمورا أخرى ملئت عليهن نفوسهن ولم تتح لهن فرصة تذوق معنى ان يكون للمرء يوم يذكره فيه الناس بالتبجيل والاحترام، ويرون ضرورة فهم أوضاعه بكل أبعادها وتجلياتها ولاشك أن الإنسان في هذه الأرض المغريبة ذكورا وإناثا مشاكل وأي مشاكل ، فالرجل والمرأة على حد سواء مسؤول كل منهما عن وضع الأبناء والبنات وما يفرضه القيام بهذه الأعباء من مسؤوليات. وضع منغص ومن هنا كان الشك القريب من اليقين ويتجاوز الظن إن الأسرة المغربية المثقلة بهموم البطالة، وضآلة الأجر ان كان هناك عمل وهجوم الأمراض وما يجب ان يتوفر من المال للعلاج، وتكاليف السكن وعبء أداء فواتير الماء والكهرباء وعيش محنة التنقل والمواصلات، كل ذلك وغيره فرض نفسه على هذه الأسرة وفي المقدمة المرأة، ويقف أمامها من ينغص عنها هذا الاحتفال. تساؤل مشروع ولذلك يكون مشروعا التساؤل عن أثر هذا اليوم للمرأة في حياة المرأة، كما يتساءل الناس وهم يحتفلون باليوم العالمي لحقوق الإنسان عن هذه الحقوق والناس يعانون من كل صنوف المس الخارق والجسيم حسب التعبير المتداول بهذه الحقوق ولعله ليس من الصدفة أن تشير المندوبية السامية في هذه الأيام بالذات تقريرها عن حالة الفقر بالمغرب وما تعانيه الأسرة من ضنك العيش ومن الفقر المدقع وان ننشر كذلك تقريرا يفيد عن الأعباء الإضافية التي تتحملها المرأة الأرملة والمطلقة في العناية بالأطفال والأسرة وإعالتها، وأن هناك مآت الآلاف من النساء يقمن بدون الرجل والمرأة في نفس الآن، وان ذات إليه لهؤلاء السيدات لا تسمح لهن بالعيش الهني ولا حتى بالكاد العيش في إطار الكفاف الذي يقال له اليوم الأقل الحيوي، ليشعر الإنسان بالكرامة. الدور الأساس لقد كانت المرأة فيما سلف من زمان هذه الأمة تقوم بالدور الأساس بتعاون مع أخيها الرجل، لتوفير الضروري من الحاجيات دون هذه الضجة المفتعلة ودون هذه الجعجة و لاطحين، ولكن في زمان يكثر فيه القول ويقل العمل، ويكثر فيه الصخب ويقل العطاء لا يملك الإنسان إلا أن يسجل هذا الذي يحدث. لقد كان للمرأة دور عندما قال الرسول عليه السلام : والمرأة راعية ومسؤولة عن رعيتها. الإعلام والإصلاح وبعد ما قرأت بعض ما كتب عن آثار تطبيق مدونة الأسرة من إصلاح الأسرة المغربية ودور المرأة وجدت أن الذي حصل هو هذا الأثر الإعلامي عن كون المرأة حصلت على حقوق مهمة في تدبير شأن الأسرة ضمن تشريع متقدم. وهذا الأمر أعطى للمغرب مكانة لدى الجهات المعنية بالسعي لتحديث الإسلام وجعله علمانيا أكثر وقريبا أكثر من التشريع الكنسي الذي نقلت عنه التشريعات الأوربية كثيرا مما كان سائدا مثل منع الطلاق وغيره. ولم يحدث كثيرا من التغيير في واقع المشاكل التي أتت المدونة في نظر البعض لعلاجها. تذكير وفيما يخصني فقد كنت شاركت بعد تطبيق المدونة بسنة في ندوة تذكرت فيها ببعض الأمور وأجدني بعد كل هذا ألاحظ أن تغييرا كان مومولا لم يحصل وإنما زادت الأمور تعقيدا ومن باب التذكير بما قلت أعيد ذلك الجزء من الحديث الذي كان منذ عشر سنوات على أساس أنه لا جديد تحت الشمس. تشريع للاحتياط والواقع انه كان مرور سنة ويمكن ان نقول احد عشر عاما على صدور مدونة الأسرة فرصة للتقويم واستعراض ما يمكن ان يكون قد ظهر من فجوات وثغرات وسلبيات، وإذا لم تكن هناك إحصائيات دقيقة فيمكن ملاحظة مفارقتين عجيبتين في الموضوع أولا هما ان الولاية بقي وضعها على ما كان عليه الأمر قبل المدونة الجديدة وما يعني أنها تشريع للاحتياط وكان ما في المدونة القديمة كفيل بهذا الاحتياط، ومعناه انه لم يكن طرح الموضوع بكل تلك الحدة التي طرح بها أثناء الإعداد لتعديل المدونة القديمة. نسب ثابتة الأمر الثاني هو أن نسبة الطلاق لم تقل على ما كانت عليه ان لم تكن زادت رغم تضارب الإحصاءات والمشاكل المترتبة عليه ازدادت في بعض الأحيان كما أن الزجر الجنائي ليس حلا على حساب رأي بعض المحامين الممارسين وغير ذلك من الملاحظات التي ذكرها ويذكرها المباشرون للقضايا في المحاكم من محامين وقضاة وعدول، ويمكن متابعة هذا الأمر فيما ينشر من مقالات وأبحاث. كشاف وليس المرة الأولى التي يكون فيها التطبيق كشافا للعيوب والمحاسن، وما يتبع ذلك من سلبيات وإيجابيات، وبالأخص في هذا المجال الذي يخضع لجوانب نفسية وذاتية ولا أقول الأهواء والنزوات، ومهما يكن فالذي ساقني إلى كتابة هذه السطور هو ما اشعر به من رغبة في الإصلاح وعاطفة نحو الأسرة والمرأة المغربية وهمومها. وقد قادتني هذه الرغبة والعاطفة منذ حوالي أربعين سنة ويمكن القول الآن منذ خمسين سنة إلى إلقاء محاضرات في موضوع المرأة المغربية أمام تحديات الحضارة المعاصرة في ثانوية مولاي إدريس بفاس أولا وكان لها الصدى الطيب آنذاك مما جعل الإخوة يطلبون مني إعادة تقديمها في أندية وملتقيات متعددة وقد كان وضع المرأة آنذاك غير مطروح بالحدة التي يطرح بها الآن. النقاش الدائم لقد كان وضع المرأة في المجتمعات الإسلامية كغيرها من المجتمعات أثير حوله كثير من النقاش، ولا يزال، وكان ولا يزال موضوع تجاذب الرأي والرأي المضاد فكنت تجد من بين الرجال والنساء من يدافع عن رأي وفي مقابله جماعة أخرى من رجال ونساء تدافع عن رأي مقابل، كما كانت المبالغات من طرف تقابل بمبالغات من الطرف الآخر، ولا يزال الأمر على هذا النحو حتى الآن وقد قرأت في الأيام الأخيرة كتابا بعنوان: النساء في الفكر السياسي الغربي تأليف باحثة أمريكية وترجمة أمام عبد الفتاح امام ومما جاء فيه من بين الآراء الرائجة والتي تعرضها مؤلفة الكتاب في شأن دور المرأة والأسرة وما يترتب عن ذلك من الإخلال بالمساواة التي يطالب بها بعض أنصار المساواة المطلقة: إلغاء الأسرة «فليس غريبا أن يطالب قطاع عريض من أنصار المرأة المعاصرين بإلغاء الأسرة على اعتبار أنها مؤسسة طالما أسهمت في قهر النساء، فإن “أوكلي” –على سبيل المثال- تهاجم الأسرة نفسها، كما أنها لا تتورع عن مهاجمة تحليل بارسوت لها، حيث تقول إن إلغاء دور ربة المنزل، وذلك الافتراض التلقائي بأن دور المرأة هو تربية الأطفال- هي خطوات ضرورية في اتجاه تحقيق المساواة التي تنشدها النساء. وإن كانت هذه الخطوات هي في حد ذاتها ليست كافية، ذلك أنه ينبغي إلغاء مؤسسة الزواج أيضا، لأنها معوق أساسي في سبيل المساواة بين الجنسين في مجال العمل”. الزواج معوق وتضيف صاحبة الكتاب «على أنني أتفق أنه –وفي الظروف الحالية- فإننا إذا ما نظرنا إلى أوضاع العمل والزواج نجد أن الزواج فعلا هو “معوق أساسي” ويؤكد ذلك على سبيل المثال أن نسبة النساء العاملات في إنجلترا من بين من لم يتزوجن تفوق نسبة الرجال الذين يحترفون العمل بثلاث بل بأربع مرات. على أن هذا ليس معناه أنه بالنظر إلى التغيرات الجذرية التي طرأت على هياكل وظروف العمل، فإنه يستحيل تواجد هيكل أسري معدل متوافق مع المساواة بين الجنسين في المجال المهني. التحرر من الحمل «وتخطو “شولاميث فايرستون” خطوة كبيرة أبعد في هذا الاتجاه بتطلعها إلى ذلك اليوم الذي لا يتم فيه القضاء على مؤسسة الزواج فحسب، بل وتحرر فيه النساء تماما من الحمل والإنجاب فكما أشرنا، فيما سبق، فإن “فايرستون” لديها الحق في القول بأن الأسرة: “قد ساهمت في تأصيل الفئوية الجنسية من منطق بيولوجي” وأن “هيكل الأسرة هو مصدر للقهر النفسي، والاقتصادي، والسياسي للمرأة». غير أن ذلك لا يعني –من ناحية أخرى- أن نعترف أن أي تركيب أسري هو بالضرورة غير متوافق مع المساواة بين الجنسين. وفضلا عن ذلك فإن “فايرستون” ترتكب الخطأ نفسه الذي وقع فيه معظم مناهضي حقوق المرأة وهو اعتبار دور المرأة في المنزل، والمتعلق بالضرورة بالإنجاب من الناحية البيولوجية، وتؤكد على ذلك بقولها. الطبيعة ظالمة “إن الطبيعة هي التي أوجدت اللامساواة الجوهرية، إذ يتعين على نصف البشر أن يقوموا بولادة وتربية أبنائهم جميعا”. وتنتهي “فايرستون” إلى أن الطريقة الوحيدة لتحرير المرأة هي أن يحل الإنجاب الصناعي محل الإنجاب الطبيعي خلافا لما يقوله أعداء تحرير المرأة من أن دور المرأة المتعلق بجنسها لا يمكن الاستغناء عنه. (ص من331 إلى 333). استهجان الأمومة إلى هذا الحد وصل الأمر بهذه المرأة من زعيمات الحركة النسوية بحيث تضيق بوضع الأمومة إلى الحد الذي تدعو فيه باستعجال إلى ابتكار طريقة للإنجاب الصناعي وما يستلزم ذلك من حمل ورضاعة حتى لا يتخذ هذا الإنجاب مطية للتمايز بين الرجل والمرأة، وذكرني رأيها برأي أولئك النسوة اللائي عقدن مؤتمرا سنة 1945 بمصر طلبن فيه بحذف نون النسوة من اللغة العربية لأنها تشعر بالميز كما تبرمن من الحمل والرضاع وكتب عزيز فهمي قصيدة في هذا الموضوع ساخرا ومما جاء في القصيدة: نون النسوة هل أتاك حديثهنه هذا القرار وثيقة النون تخدش سمعه النون فرض كفاية الميم أحسم للخلا بريء النساء من الأنو عفن الخباء وما الحيا عبء الأمومة فادح حسب العقائل ما احتمل ما للغواني والرضا النون ليست نونهنه أفصح وذكر جمعهنه ن… وما أرق شعورهنه يكفي النساء فروضهنه ف، فلا تثيروا كيدهنه ثة مذ ملكن قيادهنه ة إذا لزمن خدورهنه حسب العقائل حملهنه ن، وما حملن من الأجنة عة؟ إن هذا الفرض سنه الشعر يواكب هكذا يعبر هذا الشاعر بسخرية عن هؤلاء النسوة اللائي ثرن على وضعهن وسعين إلى تغيير اللغة وطبيعتها، وبالمناسبة فإن الشعر واكب تطور المرأة في مطالبها وأحوالها تارة بالتأييد وأخرى بالتصويب وثالثة بالتأنيب الرقيق اللطيف كما جاء في أبيات أحد الشعراء وهو يفاجأ بثوب المرأة يتقلص إلى ما فوق الركبة ولم يملك إلا أن يعبر هذا التعبير الرفيق والمناسب فقال: لحد الركبتين تشمرين كأن الثوب ظل في صباح أتظنين الرجال بلا شعور بربك أي نهر تعبرينا يتقلص حينا فحينا ربما لأنك لا تشعرينا لا أظن أن الشاعر ينفي الشعور على المرأة ولكنه يثير الانتباه إلى ضرورة الإحساس بمشاعر الرجال وهي على تلك الحال. المرأة المغربية محظوظة وعلى أي حال فالمرأة المغربية تعتبر محظوظة لأن الحركة الوطنية الاستقلالية المغربية كان على رأسها علماء متفتحون ومدركون لمقاصد الشرع وما قرره الإسلام للمرأة من حقوق وحدده من واجبات في إطار وظيفتها الاجتماعية والتربوية وغيرها لذلك لم تعرف المرأة المغربية صراعا مع هذه الحركة بل ان قادة هذه الحركة وفي مقدمتهم الأستاذ علال الفاسي رحمه الله كانوا من المدافعين عن المرأة وحقوقها. ثورة فكرية وبالرجوع إلى كتاب النقد الذاتي نجد أن ما تضمنه من أفكار ونظريات في إصلاح الأسرة المغربية وحماية المرأة وإفساح المجال أمامها لتلعب الدور المنوط بها يعتبر آنذاك ولا يزال ثورة فكرية واجتماعية بالنسبة لقضايا كثيرة ومتنوعة ومن هذا المنطلق وهذه الروح دافع عن المرأة وعن الأسرة كما تصدى لكثير من القضايا والشبه التي أثارها بعض المتغربين في سنة 1956 وفي كتاب (رأي مواطن) مقالات وردود في هذا الموضوع وقد عمل نفس الشيء آنذاك العلامة المختار السوسي رحم الله الجميع ولم يقف الأمر عند هذا الحد بل انه عندما تفشى بشكل غير طبيعي الزواج المختلط كتب سلسلة مقالات دفاعا عن الأسرة المغربية والمرأة المغربية وبالأحرى المجتمع المغربي. ومحذرا من الآثار السلبية على الناشئة والجسم الاجتماعي المغربي. شروط النجاح ومهما يكن فإن المجتمعات الإنسانية لا تصلح أو تنجح بالنظريات والأفكار الشاذة وإنما تنجح بالاتزان والروية ومسايرة الفطرة وطبيعة الأمور، والتطرف في الإصلاح كما في غيره قد يولد العكس، و ايا ما كان فإن تطبيق المدونة الجديدة يسير السير الطبيعي الذي يأخذه كل إصلاح ولنضمن له النجاح لابد ان نقوم بخطوات مدعمة له، وهذا واجب المجتمع ولكن على المرأة ان تلعب فيه دور الريادة لقد كان الهدف من العمل لتعديل المدونة هو ضمان العدل وتماسك الأسرة والمجتمع. التأثير السلبي ولاشك أن هذا لا يتوقف فقط على المنظومة القانونية، ولكنه يتوقف اكثر على العوامل الأخرى المتفاعلة داخل المجتمع ومن المؤكد ان بعض التصرفات وأنواعا من السلوك يؤثر سلبا على الإصلاح المنشود، من ذلك تفشي ظاهرتا تناول الخمر والمخدرات وغيرها من المغيبات والمسكرات، وهذا جانب يجب ان توليه المرأة الأولوية في عملها الجمعوي والاجتماعي لحماية الأسرة وحماية المجتمع هناك جمعيات أخذت على عاتقها بعض القضايا والأمور في خدمة الأسرة والمجتمع. المرأة والآفات الاجتماعية ولكن لحد الآن لم نر بين هذا الكم الهائل من الجمعيات من تصدي لظاهرة شرب الخمور وتداولها بين أفراد المجتمع لقد كانت المرأة في فترة الكفاح الوطني تقوم بعمل اجتماعي فاعل مواكب للعمل الوطني وقد تناول الزعيم علال جزء منه في كتابه حديث المغرب في المشرق، واليوم تنشط المرأة مثلا في مجال محاربة الأمية وهذا جيد ولكن من واجبها الأكيد حماية الأسرة في الخمر هذه الآفة التي تنخر كيان المجتمع في كل المجالات المادية والمعنوية فميزانية الأسرة يذهب جزء كبير منها في هذا الأمر الضار. والأطفال يضيعون في تربيتهم وتمدرسهم. الدور البناء وحتى إذا نظرنا إلى الجانب الذي يحلو للبعض أن ينظر إليه فإننا نجد كثيرا من حالات الطلاق تأتي من جراء هذا وكذلك الكثير من الجرائم، وستقوم المرأة المغربية بدور بناء وفاعل في تقدم المجتمع وتطوره التطور الإيجابي فيما إذا تحركت ونشطت همتها لتأسيس جمعيات مهمتها الإصلاح الاجتماعي وفي مقدمة هذا الإصلاح حماية الأسرة من التفكك والضياع بسبب تناول الخمر والمخدرات، ان التعبئة في هذا المجال مع كل ما تستلزمه هذه التعبئة من وسائل الاتصال وغيرها يعتبر أمرا مطلوبا بإلحاح ينبغي للمرأة المغربية أن تقوم به. التقدمية المطلوبة ان التقدمية الحقيقية هي السعي لبناء مجتمع قوي صاح لا يترنح بترنح أبنائه بفعل مسكر أو مخدر، ان القضاء على الخمر وسيلة من وسائل الادخار والإنفاق السوي في المجتمع، جيد ان تكون عندنا جمعيات لمختلف الأنشطة الاجتماعية ولكن الأجود من ذلك هو وجود جمعيات تقوم بهذا العمل وتتعهده بالتربية المتواصلة واستعمال كل الجهد الممكن للإقناع. العمل الجمعوي فإذا كانت الجهات المسؤولة لحد الآن لا تستجيب لوضع تشريع من شأنه الحد من هذه الآفة فان العمل الجمعوي والفاعل داخل المجتمع كفيل بأن يكون له الأثر الكبير، ويتحقق من خلاله الإصلاح الاجتماعي المرغوب، لقد كانت هناك تجربة كتابة العرائض في هذا الصدد ولكنها لم تستمر ولم تصل إلى مداها، ولذلك ينبغي ان يأخذ العمل منحى آخر. نماذج العمل لقد اتخذت بعض الدول قرارا بمنع ليس الإشهار فقط للخمر والتدخين ولكن قررت منع عرض الأفلام التلفزية التي تكون فيها لقطات لتناول الخمر أو التدخين، ان الإسلام حرم الخمر وحرم كل علاقة بها زراعة وتجارة وصناعة وتناولا الخ. فهل نقدر المصلحة التي تعود علينا وعلى أسرنا ومجتمعنا عندما نتمكن من تطهيرها من هذه الآفة ونسعى بكل الوسائل الممكنة لذلك انه دور وعلى المرأة أن تلعب دور الريادة فيه. المكانة والدور ولعل من المهم ونحن نحيي يوم المرأى أن نلتفت إلى هذه الأدوار الحيوية التي ينبغي أن تقوم بها الأسرة والمرأة في المقدمة، لأنها في كل الأحوال هي من يؤدي الدور ومن يسعى جاهدا لإصلاح الأحوال والنهوض بالأمة. استنساخ ضار ولا يمكن أن نستنسخ حياة مجتمعات أخرى تنتمي إلى حضارة غير حضارتنا ولها تقاليد وأعراف سابقة على الوضع الحالي، وعالجت شؤونها على هذا الأساس وربما تكون هذه الأمم والشعوب تسعى للتخلص من عادة ضارة وأسلوب عيش غير مناسب ولكننا في غمرة التقليد والاهتمام بما هو أجنبي تجد بعض عناصر الأمة يندفعون وهم لا يدرون إلى أمور يتبرم منها الناس في مجتمعات أخرى ويسعون للتخلص منها، ولكننا نحن لا ننظر إلى ذلك كله لأن التقليد في بعض الأحيان يؤثر على حاسة الفكر والتمييز. القلب والمحرك وعلى أي حال فإن المرأة هي المجتمع، هي المدرسة، هي لب وأساس كل شيء على صعيد المجتمع فهي بمثابة القلب، لذلك اهتم بها الإسلام ووضعها في المكان الصحيح داخل المجتمع فهل تنتبه المرأة وينتبه الرجل في مجتمعنا لهذا الدور قبل فوات الأوان ذلك ما نرجوه. والله من وراء القصد. حديث الجمعة: المرأة والإصلاح الاجتماعي وإنقاذ المجتمع من الآفات الاجتماعية..؟