قالت صحيفة "إلباييس" الإسبانية إن العديد من النساء المغربيات يعملن على كسر مجموعة من القوانين التي تميز ضدهن من خلال التسامح مع تعدد الزوجات أو زواج القاصرات، وحرمانهن من الميراث على قدم المساواة مع الرجال. ونقلت الصحيفة عن المسؤولة في جمعية "إنصاف" المغربية، أمينة خالد، قولها: "لقد تطور المجتمع المدني بسرعة كبيرة ويجب أن يتغير قانون المدونة أو قانون الأسرة ويتكيف. مشيرة إلى أن دستور 2011 نص على المساواة بين الجنسين، لكن التشريع لم يتم تكييفه بعد". وأضافت أمينة خالد أنه في بداية عهده، شجع الملك محمد السادس على إصلاح قانون الأسرة في عامي 2003 و 2004 والذي كان يعتبر متقدمًا داخل البلدان الإسلامية، لكنه ترك استثناءات قانونية مفتوحة انتهى بها الأمر إلى أن تصبح القاعدة. ولفتت إلى أن "القانون يحظر الزواج من القصر (حتى سن 18 عامًا)، على الرغم من أنه يسمح للقضاة بتفويض الفتاة القاصرة للزواج من رجل بالغ". وفي عام 2022، تم تسجيل أكثر من 20000 طلب زواج دون السن القانونية في المغرب وتم قبول ثلثي العدد (13652) من قبل القضاة، بحسب التقرير السنوي لرئيس النيابة العامة مولاي الحسن الداكي. وأشارت الصحيفة الإسبانية إلى أن مدونة 2004 تتيح حق النقض ضد تعدد الزوجات، إلا أن هناك رجال يلجؤون إلى الزواج من امرأة أخرى وعندما يرزقون بطفل يذهبون إلى المحكمة للتصريح بالزواج الثاني قبل الاعتراف بالأبوة. وفي حالة إصرار الزوجة الأولى على الرفض فإن القاضي يشير إلى حل الطلاق كبديل. في يوليوز الماضي، وفي الخطاب السنوي الذي أُقيم في ذكرى توليه العرش، خصص الملك محمد السادس جزءا من خطابه للحديث عن ضرورة إصلاح قانون الأسرة، حيث قال: "وإذا كانت مدونة الأسرة قد شكلت قفزة إلى الأمام، فإنها أصبحت غير كافية، لأن التجربة أبانت أن هناك عدة عوائق، تقف أمام استكمال هذه المسيرة، وتحول دون تحقيق أهدافها". وأضاف: "لذلك يتعين تجاوز الاختلالات والسلبيات، التي أبانت عنها التجربة، ومراجعة بعض البنود، التي تم الانحراف بها عن أهدافها"، مؤكدا على أن يتم ذلك، في إطار احترام مقاصد الشريعة الإسلامية، مع اعتماد الاعتدال والاجتهاد المنفتح، والتشاور والحوار، وإشراك جميع المؤسسات والفعاليات المعنية. وأشارت الصحيفة الإسبانية إلى أن هذه الإصلاحات قد طالب بها المجتمع المدني بإلحاح خلال العقد (2011-2021) الذي ظل فيه إسلاميو حزب العدالة والتنمية على رأس الحكومة في الرباط. أما الجكومة الحالية، تضيف "إالباييس"، فبالكاد اتخذت خطوات في هذا الاتجاه، ويقتصر البرلمان على تنظيم أيام دراسية لا تترجم إلى مبادرات تشريعية. وقال المصدر ذاته إن التمييز في قانون الميراث الذي يحرم المرأة جزئياً، أو حتى كلياً، من ميراث أسرتها، ومن حضانة الأطفال، الذي تفقده الزوجة المطلقة إذا تزوجت، يؤثر على جميع المغاربة بالتساوي، ونقلت عن الوزيرة السابقة، نزهة الصقلي، قولها إنه من الضروري إصلاح الظلم الجسيم الذي يفترضه فقدان حضانة الأطفال على المطلقة التي تتزوج مرة أخرى ، وهو ما لا يحدث للرجل بأي حال من الأحوال. وسلطت الصحيفة الضوء على قضية إرث النساء مقابل الذكور، مشيرة إلى أن البنات يرثن نصف ما يرثه أشقاؤهن الذكور، أما إذا لم يكن هناك ذكور فبحكم التعصيب فهن ملزمات بمشاركة الأصول مع الأعمام أو أبناء الأعمام، الذين يمكنهم تجريدهن من إرث الأسرة. وذكرت الصحيفة أن وزير العدل، عبد اللطيف وهبي، وعد بتشجيع مراجعة قانون الأسرة الذي لم يعد يستجيب لتطلعات المجتمع المدني الحضري. لهذا السبب، تضيف "إلباييس" أصبح هدفاً لانتقادات من الجماعات الدينية المحافظة، ولا سيما السلفيين ، الذين يطبقون تفسيرًا صارمًا للقرآن والأحاديث. كما يعارض الإسلاميون المعتدلون في حزب العدالة والتنمية مراجعة "المدونة" ، التي يرون أنها تشكل تهديدًا ل "الاستقرار الوطني"، إذ حذرت الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية من خطورة الدعوات التي برزت مؤخرا بخصوص تعديل مدونة الأسرة، والتي تدعو إلى المناصفة في الإرث، معتبرة أن الأمر يتعلق ب"جرأة غير مسبوقة" ستزعزع استقرار الأسرة والتماسك الاجتماعي، وستهدد استقرار الدولة المغربية، وفق تعبيرها.