أحالت الحكومة الفرنسية سفيرها بالجزائر، فرانسوا غويات، إلى التقاعد بعد حوالي ثلاث سنوات من الخدمة في الجزائر. ونشر القرار الذي وقعه وزير أوروبا والشؤون الخارجية في 10 فبراير 2023 في الجريدة الرسمية للجمهورية الفرنسية، أمس الجمعة، يسمح لفرانسوا غويات الوزير المفوض المطالبة بحقوقه التقاعدية، بحدود العمر، اعتباراً من تاريخ 1 أوت 2023′′. وبحسب القرار، فإنه "ابتداءً من هذا التاريخ سيتم شطب فرانسوا غويات من سلك الإطارات" الدبلوماسية. ويأتي هذا القرار في ظل أزمة سياسية حادة بين البلدين على خلفية عملية تهريب الناشطة أميرة بوراوي إلى فرنسا عبر تونس. يأتي هذا في وقت تمر فيه العلاقات الجزائرية الفرنسية بأزمة جديدة بعد اتهام الجزائر السلطات الفرنسية بتهريب ناشطة سابقة في حراك الجزائر عبر الحدود البرية مع تونس إلى فرنسا. وكانت صحيفة "الخبر" الجزائرية قد أوردت خبرا تفيد فيه بأن رئيس الجزائر عبد المجيد تبون قام يوم الثامن من فبراير باستدعاء سفير الجزائربفرنسا سعيد موسي فورا للتشاور، بعد حادثة هروب الناشطة المدعوة أميرة بوراوي إلى فرنسا بمساعدة من دبلوماسيين وجهاز المخابرات الفرنسية. وأوردت الصحيفة ذاتها أن الجزائر أدانت "بشدة" انتهاك السيادة الوطنية من قبل موظفين دبلوماسيين وقنصليين وأمنيين تابعين للدولة الفرنسية، شاركوا في عملية إجلاء سرية وغير قانونية لرعية جزائرية يعتبر تواجدها على التراب الوطني ضروريا بقرار من القضاء الجزائري، حسبما أفاد به بيان لوزارة الشؤون الخارجية والجالية الوطنية بالخارج. وكشفت وسائل إعلامية فرنسية أن المعنية "مواطنة فرنسية وتحمل جنسية الدولة الفرنسية وهي الآن في مأمن". صحيفة جون أفريك الفرنسية سلطت الضوء على سياسة الكيل بمكيالين الجزائرية إذ كان من المنطقي أن تكون لغتها تجاه تونس التي سمحت بدخولها أراضيها بطريقة غير مشروعة ،والتي حصلت من رئيسها قيس سعيد بإذن للعودة إلى فرنسا. وقالت جون أفريك إن السلطات الجزائرية اختارت تصعيد اللهجة ضد فرنسا على خلاف تونس التي اختارت منطق المهادنة، بعد مغادرة الناشطة أميرة بوراوي مساء الاثنين 6 فبراير الأراضي التونسية على متن طائرة تابعة لشركة ترانسافيا الفرنسية باتجاه ليون. وذكرت الصحيفة ذاتها أن طبيبة النساء الجزائرية بوراوي قد حاولت بالفعل مغادرة تونس بالطائرة يوم الجمعة الماضي، لكن الشرطة التونسية ألقت القبض عليها واحتجزتها لدخولها البلاد بطريقة غير شرعية، قبل أن يعيد لها القاضي التونسي الذي مثلث أمامه الاثنين الماضي جواز سفرها الفرنسي والإفراج عنها ووضعها تحت حماية البعثة الديبلوماسية الفرنسية بتونس. وبحسب صحيفة لوموند اليومية، فإن بوراوي، التي كانت ممنوعة من مغادرة البلاد في الجزائر منذ إدانتها، دون أمر قضائي، بالسجن لمدة عامين بتهمة "الإساءة إلى الإسلام" ، "تم الترحيب بها في السفارة الفرنسية". قبل الحصول على "إذن من الرئيس التونسي قيس سعيد بالعودة إلى فرنسا". وقالت إن إجراء تبون استدعاء سفير بلاده للتشاور ليس جديدا، حيث استدعت الجزائر بالفعل ممثلها الدبلوماسي في باريس في عامي 2020 و 2021. وأشارت الصحيفة ذاتها إلى أن السلطات الفرنسية لم ترد في البداية على كلام المسؤولين الجزائريين، ولم يصرح المتحدث باسم الخارجية الفرنسية قبل الخميس 9 فبراير الجاري حيث أشار الدبلوماسي إلى أن بوراوي "مواطنة فرنسية" ، وقد تم دخولها إلى البلاد في إطار "إجراء ليس بأي حال من الأحوال خارج عن المألوف". كما رفض التعليق على استدعاء السفير وأكد أن فرنسا تعتزم "مواصلة العمل لتعميق علاقتها الثنائية مع الجزائر من أجل شراكة متجددة "أقرها الرئيسان الجزائري والفرنسي نهاية غشت الماضي. وقالت الصحيفة إن الجميع يتساءل عما إذا كانت هذه الأزمة المفاجئة بين العاصمتين يمكن ان تلغي الزيارة المعلنة للرئيس تبون إلى فرنسا في مايو المقبل، والتي بدت بالفعل ضعيفة بسبب الإعلان عن رحلة الرئيس الجزائري إلى موسكو في الشهر نفسه، وفق تعبير الصحيفة.