تشهد العلاقات المضطربة على مر التاريخ بين فرنساوالجزائر هزات جديدة، لكنها لم تصل إلى درجة التصعيد الحالي الذي يشهده البلدان، وجاء التوتر الحالي نتيجة لتبادل التصريحات الحادة والاحتقان الدبلوماسي الذي يعكس مرحلة دقيقة قد تصل إلى نقطة اللاعودة. آخر مظاهر هذا التصعيد تركز حول قضية جوازات السفر والتأشيرات، وكذلك الاتفاقيات المبرمة بين البلدين في هذا الصدد، خاصة اتفاقية الهجرة لعام 1968، والاتفاقية الموقعة في 2013 التي تعفي المسؤولين الجزائريين من التأشيرات. في هذا السياق، صرح وزير العدل الفرنسي، جيرالد دارمانان، في مقابلة مع قناة LCI الفرنسية يوم الأحد الماضي، عن رغبته في إلغاء الاتفاقية التي تسمح للمسؤولين الجزائريين بدخول فرنسا دون تأشيرة. وأضاف "يبدو لي أن المساس بالزعماء (...) أكثر ذكاء وفعالية ويمكن القيام به بسرعة كبيرة"، داعيا إلى إلغاء هذه التسهيلات. وأشارالوزير إلى أن هذا "الإجراء الانتقامي" لن يكون له تأثير على "ال10 بالمائة من مواطنينا الذين تربطهم روابط دم وأرض وثقافة" بفرنسا. و كانت العلاقات بين فرنساوالجزائر المضطربة أصلا قد توترت، في الأيام الأخيرة، بعد أن أوقفت السلطات الفرنسية في مدينة مونبلييه جنوبي البلاد، الجزائري المعروف بلقب "بوعلام"، البالغ من العمر 59 عاما، وألغت تصريح إقامته بسبب اتهامه ب "الدعوة إلى تعذيب معارض للنظام الجزائري" الذي تم ترحيله إلى الجزائر الخميس الماضي، إلا أن السلطات الجزائرية منعته من دخول البلاد، ليتم إعادته إلى فرنسا في نفس اليوم. وفي تصريح له، قال وزير الداخلية الفرنسي برونو روتايو إن "الجزائر تسعى لإذلال فرنسا"، إلا أن الجزائر ردت، يوم السبت، على تلك الاتهامات، مشيرة إلى أنها "حملة تضليل وتشويه" ضدها. من جانبه، أشار دارمانان إلى ضرورة الاحترام المتبادل بين البلدين، قائلاً "يجب أن تحترم الجزائرفرنسا، كما يجب على فرنسا أن تحترم الجزائر"، مضيفا أن التصعيد غير مقبول. وفي سياق متصل، دعا رئيس الوزراء الفرنسي السابق غابريال أتال إلى "إلغاء" اتفاقية عام 1968، التي تمنح الجزائريين وضعا خاصا في التنقل والإقامة والعمل في فرنسا، وهو ما أشار إليه دارمانان، قائلا إن هذه الاتفاقية قديمة ويمكن مراجعتها. وأثار توقيف الكاتب الفرنسي الجزائري بوعلام صنصال في الجزائر العاصمة توترا إضافيا، حيث دعا دارمانان إلى الإفراج عنه فورا.