اعتبر المجلس الاقتصادي والاجتماعي والببئي، أن عدم احترام وتفعيل عدد من المؤسسات العمومية للقانون المتعلق بالحق في الحصول على المعلومة، من أسباب انتشار الأخبار الزائفة بالمغرب. وأوضح المجلس، في مخرجات رأيه حول "الأخبار الزائفة"، أن تواصل الإدارات والمؤسسات العمومية "بطيئة وغير متفاعلة بالقدر الكافي"، مضيفا أن القانون المتعلق بالحق في الحصول على المعلومات "إما غير مطبق على النحو السليم أو غير مطبق بالمرة" مسجلا "عدم انتظام تحيين المواقع الإلكترونية للمؤسسات والإدارات العمومية"، ومعتبرا هذا الأمر من أسباب انتشار الأخبار الزائفة بالمغرب. ومن أسباب انتشار الأخبار الزائفة، يؤكد المجلس، تراجع الصحافة الورقية وظهور صحافة إلكترونية، رغم تطورها الهائل، إلا أن ذلك تسبب، حسب مجلس الشامي، في تشتت المشهد الإعلامي، مسجلا عدم وجود مجموعة إعلامية كبيرة بالقدر الكافي. وذكر المجلس بأن عملية إخبار الجمهور كانت محصورة في كبريات المؤسسات الصحفية أو الدول وكان ولوج القطاع أمرا صعبا حيث كانت الجهة التي تنشر الخبر معلومة الهوية، مشيرا إلى أن ظاهرة انتشار الأخبار الزائفة ظهرت مع وسائل التواصل الحديثة، حيث صارت المعلومة، حسب المجلس، "بلا قيود ودون الحاجة للإفصاح عن هوية صاحبها خاصة أنها تقوم على الربح المالي المحض". وأضاف المجلس أن النموذج الاقتصادي للمنصات الرقمية يقوم على الإشهار على الأنترنت عبر الوصول لأكبر عدد ممكن من المستعملين "مهما كلف الأمر"، مبرزا أن 1 في المائة من المستعملين ينتج 33 في المائة من المحتوى المتداول عبر منصات التواصل الاجتماعي، والتي يستحيل، وفق المجلس، التحقق من المحتوى المتدوال فيها. وذكر المجلس بأن التكنولوجيات الحديثة أتاحت إنتاج كمٍّ هائلٍ من المعطيات عبر شبكات التواصل الاجتماعي، والمدوَّنات والمواقع الإخبارية والإلكترونية وغيرها، مضيفا أنه، في هذا الصدد، يتم على نطاق واسع تداول معلومات وأخبار ناقصة أو غير صحيحة أو غير دقيقة أو مغلوطة تماما، ومشيرا أنه تبعا لذلك يجد المواطن نفسه أحياناً في حالة ارتباك جرّاء هذه المعلومات والأخبار التي قد تكون مضللة وقد يكون لها تأثير على قراراته. واعترف المجلس بأن عملية التحقق من المعلومات المتداولة على الشبكات الإلكترونية يبقى أمراً ليس بالسهل، لاسيما في ظل، ما اعتبره، تواصلت مؤسساتيا عموميا محتشما على شبكة الأنترنت بشكل عام وعلى شبكات التواصل الاجتماعي بشكل خاص، مشيرا إلى أن المواقع الإلكترونية المؤسساتية لا تخضع للتحيين بالقدر الكافي. إلى ذلك أكد 93 في المائة، من المشاركين في منصة "أشارك" حول الأخبار الزائفة، أنه سبق لهم تلقي معلومات مشكوك في صحة مضمونها، فيما اعترف 51 في المائة أنهم سبق لهم أن نشروا بين معارفهم "عن غير قصد" معلومات مشكوكة في صحتها، في وقت أبرز 40 في المائة من المشاركين بأن المعلمومة الرسمية من المؤسسات والإدارات العمومية غير محينة. "صعبة المنال أو غير محينة". وفي هذا الإطار، أوضح أحمد رضى الشامي، رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، أن موضوع "الأخبار الزائفة" يتمتع باهتمام خاص من قبل المواطنين، مشيرا إلى أنها ظاهرة قديمة وعالمية، غير أنها انتشرت في السنوات الأخيرة على نطاق واسع بسبب التكنولوجيات الحديثة وخاصة شبكات التواصل الاجتماعي. وأوضح الشامي، في تصريح للصحافة، أن سرعة انتشار الأخبار الزائفة "سريعة جدا" مقدما المثال على ذلك بالخبر الزائف الذي انتشر قبل أسابيع بخصوص سعر الدرهم المغربي مقابل عملتي الدولار والأورو، ما قد يتسبب، على حد تعبيره، في ضرب مصداقية المؤسسات وخلق اضطرابات في الأسواق الاقتصادية وتؤسس لرأي عام مزيف. كما أشار المتحدث ذاته إلى أن عدد منصات التحقق من المعلومات "محدود" في المغرب حيث تبلغ 4 منصات فقط، معتبرا أن الموارد المالية والبشرية المتواجدة في قطاع الإعلام العمومي "ضعيفة"، مع لجوء بعض وسائل الإعلام الكبرى ل"لوغاريثميات" يصعب معها، حسب الشامي، من التحقق من المعلومة. توصيات للتصدي للأخبار الزائفة قدم المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي عددا من التوصيات للتصدي للأخبار الزائف بالمغرب، تخص المواطنين والمهنيين والمؤسسات، حيث دعا إلى ضرورة احترام وتفعيل الحق في الحصول على المعلومة خاصة من قبل المؤسسات والإدارات العمومية، فضلا على إطلاق حملة للتواصل للتوعية بالتفكير العلمي وتنمية الحس النقدي في عقول الناشئة منذ الصغر وتوعية وإذكاء روح المسؤولية لديها. كما أوصى المجلس ذاته بإحداث علامة مميزة مستقلة ودعم مواقع "التحقق من المعلومات"، فضلا على التكوين المستمر لوسائل الإعلام المهنية، وتأهيل المواقع الرسمية لمواكبة المستجدات التي يشهدها العالم الرقمي. وشدد مجلس الشامي على ضرورة نشر جميع الوثائق الرسمية العمومية في غضون 24 ساعة من تاريخ المصادقة عليها، واعتماد إجراءات تفاعلية مناسبة مع سرعة التكنولوجيا الرقمية واستخدام علامات التصنيف للمواقع. كما دعا المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي لإحداث منصة وطنية للتحقق من المعلومات، مع إحداث هيئة وطنية للمعطيات المفتوحة، ووضع برامج توعوية وتكوينية لفائدة منتجي المعلومات من غير المهنيين.