دعا المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي إلى اتخاذ العديد من الاجراءات، لمواجهة انتشار الأخبار الزائفة في المملكة، محذراً من خطرها لما تشكله من تهديد للثقة في مؤسسات الدولة والأمن المجتمعي وانتهاك الحياة الخاصة للأفراد. وكشف رأي المجلس الذي أصدره حول "الأخبار الزائفة: من التضليل الإعلامي إلى المعلومة الموثوقة والمتاحة"، عن العديد من مكامن الخلل والهشاشة التي تساهم في انتشار الأخبار الزائفة بالمغرب، منها عدم نشر البيانات الرسمية التي في حوزة بعض الإدارات العمومية بكيفية ممنهجة ومنتظمة أو بطريقة مُحيَّنة ، وذلك بالرَّغم مِمَّا يَنُصُّ عليه صراحةً القانون رقم 31.13 المتعلق بالحق في الحصول على المعلومات، خيث لفت المجلس إلى أن تواصل الإدارات والمؤسسات الحكومية "بطيء وغير متفاعل بالقدر الكافي"، وأن القانون المتعلق بالحق في الحصول على المعلومات "إما غير مطبق على النحو السليم أو غير مطبق بالمرة". ينضاف إلى ذلك محدودية الموارد البشرية والمادية لمختلِف وسائل الإعلام العمومية لتضطلع بدورها كاملاً في التصدي لانتشار الأخبار الزائفة، ونقص واضح في منصات فعَّالة للتحقق من المعلومات بشكل أفضل، باستثناء بعض المبادراتِ المعدودةِ على رؤوس الأصابع، حيث لا توجد في المغرب سوى أربع منصات تعود ثلاث منها إلى الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة، ووكالة المغرب العربي للأنباء، والهيئة العليا للاتصال السمعي البصري، إضافة إلى منصة لمتدخل خاص". وحسب نتائج الاستشارة المواطنة التي أطلقها المجلس في الموضوع على منصته الرقمية "أشارك"، تتمثل الدوافع الرئيسة في إشاعة الأخبار الزائفة في السعي إلى تحقيق الربح المادي والبحث عن الإثارة ونشر بعض الأفكار. و لمواجهة الأخبار الزائفة في المغرب، دعا المجلس إلى اعتماد رؤية تستند إلى أدواتٍ ومقارباتٍ تَكفُل حصولَ المواطِنات والمواطنين على المعلومة المؤكَّدة ، مع تزويدهم بالوسائل التي تمكِّنهم من رصد الأخبار الزائفة ومن ثَمَّ الحد من انتشارها، عبر اتخاذ عدد من التدابير، خاصة من قبل المؤسسات والإدارات العمومية، إضافة إلى إطلاق حملة للتواصل والتوعية بالتفكير العلمي وتنمية الحس النقدي في عقول الناشئة منذ الصغر وتوعية وإذكاء روح المسؤولية لديها. كما أوصى بإحداث علامة مميزة مستقلة ودعم مواقع "التحقق من المعلومات"، فضلاً على التكوين المستمر لوسائل الإعلام المهنية، وتأهيل المواقع الرسمية لمواكبة المستجدات التي يشهدها العالم الرقمي. ومن ضمن التدابير التي يقترحها المجلس ، تفعيل الحق في الحصول على المعلومة، لا سيما من خلال إقرار إلزامية نشر جميع الوثائق الرسمية العمومية في غضون 24 ساعة من تاريخ المصادقة عليها على موقع الإدارة المعنية، واعتماد إجراءات تفاعلية مناسبة مع سرعة التكنولوجيا الرقمية واستخدام علامات التصنيف للمواقع، إلى جانب إحداث منصة وطنية للتحقق من المعلومات، وإنشاء هيئة وطنية للمعطيات المفتوحة، ووضع برامج توعوية وتكوينية لفائدة منتجي المعلومات من غير المهنيين من منتجي المعلومات (المدوِّنون والمؤثرون وغيرهم) بدورِهم والمسؤوليةِ الملقاةِ على عاتِقهم في مجال مكافحة الأخبار الزائفة. كما دعا المجلس إلى إحداث بوابة رقمية عمومية للتحققِ من المعلومات بخصوص الأخبار الرسمية في المغرب، مع ترصيد المبادرات التي تم إطلاقها على مستوى عدد من المؤسسات الإعلامية . وللنجاح في ذلك ، حث المجلس على ضرورة تقديم الدعم المالي لمواقع "التحقق من المعلومات" من خلال صناديق مستقلة على غرار صندوق الخدمة الأساسية للمواصلات، وذلك لضمان حسن سير هذه المواقع، مع الحرص على ضمان حِيادها وتعزيز مصداقيتها ، وإحداث نظام علامة مميزة مُوَجَّه لمواقع "التحقق من المعلومات"، وذلك على غرار علامة "[email protected]" بالنسبة لمقاولات التجارة الإلكترونية. إلى جانب ذلك، دعا مجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي إلى دعم المبادرات الرامية إلى إنشاء نُظُمٍ لرصد وتبادل المعلومات الزائفة بين المهنيين الإعلاميين، وذلك تيسيراً للتحقق من هذه الأخبار قبل نقلها والحد من انتشارها قدر الإمكان.