بفعل الثورة الرقمية التي هيمنت على الفضاءين العام والخاص في حياةِ الإنسان، أضحت عاملا أساسا في تطويرِ ألياتِ تواصله، من جهة الشكل والمضمون. لكن من جهة أخرى أفرزت تحديات كبرى أمامه، منها، انتشار الأخبار الزائفة، التي تهدد "الأمن الرقمي" لمستعملي الأنترنيت. وفي هذا الإطار أعد المجلس الاجتماعي والاقتصادي والبيئي، "رأيا"، في الأسبوع المنصرم، بعنوان "الأخبار الزائفة: من التضليل الإعلامي إلى المعلومة الموثوقة والمتاحة" يسلط فيه الضوء على انتشار الأخبار الزائفة في المغرب، والتحديات التي تطرحها، وسبل معالجتها. من خلال هذا تقدم "العلم"، أهم عناصر هذا العمل "الرأي"، بالتركيز على إشاعة الأخبار الزائفة. وفي هذا السياق، قال المجلس الاجتماعي الاقتصادي والبيئي، إن عدد الملفات القضائية التي عرضت على أنظار محاكم المملكة حول الأخبار الزائفة بلغت 226 ملفًا قضائيا، منذ 2019 إلى نهاية غشت 2022، وهيَ موزعة بحسب طبيعة الأخبار الزائفة التي تنشر بسوء النية كما يلي: - أولا: أخبار تمس بالنظام العام أو تثير الفزع في الناس، وقد بلغ عدد هذه القضايا التي صدرت فيها الأحكام ما يناهز 175 قضية. - ثانيا: أخبار تؤثر على انضباط أو معنوية الجيوش، وقد وصلت إلى 9 قضايا صدرت فيها الأحكام. - ثالثا: أخبار تحرض على الكراهية أو التمييز بشكل مباشر، وصلت إلى 42 حكما. ويشير "الرأي" إلى أن شبكات التواصل الاجتماعي، أصبحت تؤثر بشكل جذري في سلوك عموم مستعملي هذه المنصات. فما كانَ ينشر في إطار مقيد، من وجهات نظر وآراء وتعليقات، صار متاحًا اليوم أكثر من ذي قبل، إذ أصبحَ بوسع جميع مستعملي شبكة الأنترنيت تبادل هذه المعلومات وتقاسمها. وتوفر شبكات التواصل الاجتماعي وطريقة عملها إمكانية الحصول على المعلومة وتداولها في حينها. وتشير إحصائيات الوكالة الوطنية لتقنين المواصلات إلى أنه يشارك أزيدَ من 99 في المائة منَ الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم ما بين 12 و39 سنة في الشبكات الاجتماعية، ويتجاوز استخدام 73 في المائة من هؤلاء لهذه الشبكات ساعة واحدة يوميًا. وأظهرت نتائج الاستشارة التي أطلقها المجلس، على منصة "أشارك"، أنه يتلقى ما يناهز 93 في المائة من المشاركين معلومات وأخبار غير موثوقة. بينما أكد 51 بالمائة من المشاركين في الاستشارة، بأنهم سبق لهم أن بثوا بينَ معارفهم معلومات وأخبار مشكوك في صحةِ مضمونها، دون وعي منهم في أغلبِ الأحيان. وأبرز المجلس، أن تعاظم الأخبار الزائفة، تضاعفَ إثرَ تفشي وباء كورونا في 2020، حيث أفرزَ واقعا معقدا استعصى على جزء كبير من الناس فهمه. وكشفت نتائج استطلاع للرأي في المغرب شاركَ فيه 121.687 شخصا أن 30 في المائة منهم يرونَ أن تفشي فيروس كورونا في مختلف أنحاء العالم هو محض مؤامرة. وأكد المجلس في "رأيه"، أن الأخبار الزائفة تنتشر ب 6 مرات أضعاف المعلومة الصحيحة، ويعود السبب في ذلك إلى التركيز على مضاعفة الربح المادي، من طرف أغلب المنصات الرقمية، التي تنشر مضمونها دونَ التأكد مما تنشره. بالإضافة إلى ذلك، من الدوافع الرئيسة في انتشار الأخبار الزائفة، البحثُ عن الإثارة ونشر بعض الأفكار، وأفاد أزيد من 70 في المائة من المشاركين بأن المعلومة الرسمية والموثوقة تكون إما صعبة الحصول عليها أو ناقصة أو غير محينة، في حين تعمل وسائل التواصل الاجتماعي على الوصول إلى المعلومة كيف ما كان مصدرها ونوعها، وبالتالي تسهل عملية نشرها بشكل سريع، ما يترك فراغات لناشري هاته الأخبار باستغلال "الأمية الرقمية" التي يعيشها المواطنون الذين يجهلون التعامل مع المنصات الرقمية ووسائل التواصل الاجتماعي. وللحد من الأخبار الزائفة، أوصى المجلس بمجموعة باتخاذ مجموعة من التدابير لمواجهتها: - تفعيل الحق في الحصول على المعلومة، لا سيما المنصات العمومية في غضون 24 ساعة؛ - التحقق من صحة المعلومات، من خلال إحداث بوابة رقمية عمومية للتحقق من المعلومات بخصوص الأخبار الرسمية في المغرب؛ - إحداث صندوق دعم مالي للمنصات الرقمية المتخصصة في التحقق من الأخبار الزائفة؛ - تعزيز قدرات المهنيين ومستعملي هذه المنصات، لرصد الأخبار الزائفة، وتعزيز البرامج التربوية والإعلامية التي تنمي الحس النقدي في سن مبكرة.