دعا رئيس مجلس المستشارين النعم ميارة، اليوم الأربعاء، إلى استئناف المفاوضات من أجل إحداث منطقة تبادل حر بين أوروبا والخليج، وذلك في كلمة له خلال الدورة التأسيسية لمنتدى مراكش البرلماني الاقتصادي للمنطقة الأورومتوسطية والخليج. الدورة التأسيسية لمنتدى مراكش الذي ينظمه برلمان البحر الأبيض المتوسط، والتي احتضنها مجلس المستشارين، تأتي كتجسيد فعلي لحرص المملكة المغربية تحت قيادة الملك محمد السادس على المساهمة الفعالة في الديناميات الاقليمية الجادة ودفع عجلة التنمية المشتركة المنصفة والشاملة، بحسب تعبير ميارة. وأشار ميارة إلى الظروف الاقتصادية الوجيو سياسية غير مسبوقة، وتعثر مسار التعافي الاقتصادي والاجتماعي لما بعد جائحة كوفيد 19، ناهيك عن "بروز مستجدات جيو استراتيجية كبرى قد تعيد تشكيل خارطة موازين القوى بالعالم، بجانب ظهور إشكالات بنيوية في سلاسل القيمة وسلاسل الإمداد العالمية واستفحال ظاهرة التغيرات المناخية. الدورة التأسيسية لمنتدى مراكش البرلماني الاقتصادي للمنطقة الأورومتوسطية والخليج هذا الكم الكبير من التحديات، بحسب ميارة، يسائل القدرات الجماعية لدول المنطقتين على تعزيز التكتلات الجهوية والاقليمية واستثمار مؤهلاتنا المشتركة في بناء نظام عالمي جديد للتعاون العادل والمنصف، القادر على إحداث نقلة نوعية في النظام الاقتصادي العالمي، وتأسيس نموذج جديد للشراكات بين دول الشمال ودول الجنوب. إن أمانة تعزيز السلم والأمن والرفاه والازدهار العالمي تطوقنا أخلاقيا كبرلمانيين ومسؤولين، وهو ما يلزمنا بتسخير كل الطاقات والجهود من أجل بناء "أجندة مشتركة من أجل المستقبل"، يضيف ميارة. واسترسل بأن هدف هذه الأجندة المشتركة هو "إنضاج شروط انبثاق جيل جديد من الحقوق الاقتصادية والاجتماعية وتقوية السيادة الغدائية والصحية والطاقية، والعمل على تعزيز آليات التعاون الدولي بشكل يجعل العلاقات بين دول العالم مبنية أساسا على الاحترام المتبادل لسيادة بلداننا وسلامة أراضيها والالتزام بالمبادئ الفضلى للإنسانية والأثر الفعلي والملموس للتعاون على المواطنات والمواطنين". ونبه إلى أن العلاقة الاقتصادية بين المنطقتين الأورومتوسطية والخليجية، لا زالت دون طموحات التكامل الاقتصادي المنشود، وحجم المبادلات التجارية بين المنطقتين لا يتجاوز 150 مليار دولار، علما أن حجم هذه المبادلات يمكن أن يصل لأزيد من 230 مليار دولار إذا تم اعتماد نموذج تعاون مبتكر بين المنطقتين. وأضاف أن شأن هذا التعاون أن يمكن من تدبير براغماتي للخلافات على المستوى الجمركي ويتيح حرية أكبر لتدفقات رؤوس الأموال والسلع والخدمات، داعيا إلى التفكير في إطلاق "آلية للحوار الاستراتيجي الاقتصادي" من أجل إبتكار منهجية جديدة لإعادة إحياء مسار برشلونة وتوسيع نطاقه والتقوية المؤسساتية للاتحاد من أجل المتوسط واستئناف المفاوضات من أجل إحداث منطقة تبادل حر بين أوروبا والخليج قابلة للتوسع مستقبلا لتشمل دول الضفة الجنوبية للبحر الأبيض المتوسط. وحث على ضرورة التنسيق من أجل الترافع المشترك في مسار إصلاح منظمة التجارة العالمية، للدفاع عن المصالح التجارية على المستويات البرلمانية والحكومية والمتعددة الأطراف، "خاصة وأن هذا الإصلاح يشكل فرصة تاريخية لإعادة النظر في أساليب عمل منظمة التجارة العالمية وتجديد هياكلها ومنهجية اشتغالها". ومن أجل إنجاح هذه المسارات، دعا المتحدث إلى العمل على مواكبتها بمجموعة من التدابير التقنية واللوجيستية، أبرزها التفكير في إحداث صندوق استثمار أورومتوسطي خليجي، توجه اعتماداته لتقوية الربط اللوجيستي البيني بين المنطقتين وتثمين الخريطة المينائية المشتركة خاصة المثلث اللوجيستي لميناء طنجة المتوسط وميناء جينوى(Genova) وميناء جبل علي. ودعا ميارة أيضا إلى العمل على توسيع التوطين المشترك للأنشطة الاقتصادية من أجل انبثاق سلسلة قيمة أورومتوسطية خليجية خالقة للقيمة المضافة وللفرص لكل مقاولات المنطقة. بجانب العمل على تعزيز تبادل الممارسات الفضلى الاقتصادية والخبرات، خاصة في المهن العالمية الجديدة المرتبطة بالذكاء الاصطناعي وصناعة الرقاقات الإلكترونية والتعلم العميق(Deep learning) والصناعات الفضائية وأساليب تدبير وتطوير المقاولات الناشئة المبتكرة(startups).