قال النعم ميارة، رئيس مجلس المستشارين، صباح اليوم خلال الدورة التأسيسية "لمنتدى مراكش الاقتصادي للمنطقة الأورومتوسطية والخليج"، الذي ينعقد بمراكش، أن التقارير الدولية تشير الى أن العلاقة الاقتصادية بين المنطقتين الأورومتوسطية والخليجية، لا زالت دون طموحات التكامل الاقتصادي المنشود، وأن حجم المبادلات التجارية بين المنطقتين لا يتجاوز 150 مليار دولار، في حين أن حجم هذه المبادلات يمكن أن يصل لأزيد من 230 مليار دولار إذا تم اعتماد نموذج تعاون مبتكر بين المنطقتين، يمكن من تدبير براغماتي للخلافات على المستوى الجمركي ويتيح حرية أكبر لتدفقات رؤوس الأموال والسلع والخدمات. ودعا ميارة إلى التفكير في إطلاق "آلية للحوار الاستراتيجي الاقتصادي" من أجل إبتكار منهجية جديدة لإعادة إحياء مسار برشلونة وتوسيع نطاقه والتقوية المؤسساتية للاتحاد من أجل المتوسط. كما دعا إلى استئناف المفاوضات من أجل إحداث منطقة تبادل حر بين أوروبا والخليج قابلة للتوسع مستقبلا لتشمل دول الضفة الجنوبية للبحر الأبيض المتوسط، والتنسيق من أجل الترافع المشترك في مسار إصلاح منظمة التجارة العالمية، للدفاع عن المصالح التجارية على المستويات البرلمانية والحكومية والمتعددة الأطراف. واعتبر ميارة أن هذا الإصلاح يشكل فرصة تاريخية لإعادة النظر في أساليب عمل منظمة التجارة العالمية وتجديد هياكلها ومنهجية اشتغالها. ومن أجل إنجاح هذه المسارات، اقترح ميارة اتخاذ مجموعة التدابير التقنية واللوجيستية، أبرزها التفكير في إحداث "صندوق استثمار أورومتوسطي خليجي"، توجه اعتماداته لتقوية الربط اللوجيستي البيني بين المنطقتين وتثمين الخريطة المينائية المشتركة خاصة المثلث اللوجيستي لميناء طنجة المتوسط وميناء جينوى(Genova) وميناء جبل علي. كما دعا إلى توسيع التوطين المشترك للأنشطة الاقتصادية من أجل انبثاق سلسلة قيمة أورومتوسطية خليجية خالقة للقيمة المضافة وللفرص لكل مقاولات المنطقة. وذلك بجانب العمل على تعزيز تبادل الممارسات الفضلى الاقتصادية والخبرات، خاصة في المهن العالمية الجديدة المرتبطة بالذكاء الاصطناعي وصناعة الرقاقات الإلكترونية والتعلم العميق(Deep learning) والصناعات الفضائية وأساليب تدبير وتطوير المقاولات الناشئة المبتكرة(startups). وقال ميارة "نحن على يقين أن تطوير المبادلات التجارية وإطارها المؤسساتي والقانوني بين المنطقتين سيمكن من فتح آفاق جديدة لدولنا جميعا، وذلك من خلال توسيع التموقع على مستوى الأسواق العالمية وولوج مقاولاتنا لمنطقة التبادل الحر بالقارة الافريقي ومنطقة التبادل الحر لآسيا والباسيفيك والسوق المشتركة للجنوب الميكوسور(MERCOSUR)" وأضاف أنه اذا كان البحر الأبيض المتوسط عبر التاريخ فضاءا تجاريا قويا والقلب الاقتصادي للعالم، فتحالفه مع دول الخليج سيمكن كل دول المنطقتين من تسريع التنمية وتقوية التكامل وتجاوز مأزق الأزمات الاقتصادية المتتالية وتعزيز التموقع في الخريطة الاقتصادية العالمية وتوفير الفرص لمقاولات وشعوب المنطقة. وأكد ميارة أن المملكة المغربية مستعدة للمساهمة في كل الديناميات التي من شأنها تقوية الشراكات الاقتصادية بين المنطقتين الأورمتوسطية والخليجية، وذلك انطلاقا من قوة الشراكات الاستراتيجية لبلادنا مع المنطقتين والرصيد الحضاري للعلاقات الانسانية المشتركة وتطابق وجهات النظر في الملفات المشتركة. وذكر بمضمون الخطاب الملكي خلال القمة العربية الأوروبية الأولى، حيث ورد فيه "التأكيد على استعداد المملكة المغربية الكامل للانخراط، بكل جدية وتفاعلية، في أية دينامية جديدة من شأنها أن ترتقي بالحوار العربي الأوروبي إلى مستوى تعاون حقيقي ومجدي، بما يعود بالنفع العميم على بلدان المنطقتين، ويسهم في تحقيق طموحات وتطلعات شعوبهما." وينظم مجلس المستشارين وبرلمان البحر الأبيض المتوسط فعاليات "المنتدى البرلماني الاقتصادي الأورومتوسطي والخليجي"، يومي 7و8 دجنبر 2022 بمدينة مراكش. وسينكب هذا المنتدى، الذي يستضيف مجلس المستشارين دورته الأولى على استشراف معالم نموذج جديد في التعامل مع القضايا الاقتصادية والبيئية الأكثر إلحاحا على المنطقتين الأورومتوسطية والخليجية، خاصة في ظل وضعية دولية تتسم بالإضطراب واللايقين مع استمرار تفاقم تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية على مجمل القطاعات الاقتصادية في كل دول العالم.