في موجة من الفوضى سارعت فضائيات للاستعانة بمشاهير فنانين لتنشيط برامج حوارية، منها السياسي، والثقافي و الاجتماعي بل حتى الديني….دون الوقوف على مبدأ الأهلية و التخصص. مع نكسة القنوات الفضائية، وصعود الشبكات التواصلية، وانفلات قيد الاحتكار على منصات التواصل و التعبير، ظهر صحفيون من نوع آخر، واعلاميون من نوع آخر، نشطاء و باحثون،مؤثرون و فاعلون،شعراء و أدباء،مثقفون و سياسيون، محللون و مفكرون…وكل ما تتصورون، مادامت المنصة نقرة و بث و جدار… بعد افلاس الصحافة المكتوبة أيضا، وأفول المرئية، وحتى المواقع المتخصصة على الشبكة دون منصات التواصل، بات من الصعب التمييز بين من صاحب اللقب بعمارته، وبين منتحل الصفة و زحمته، فالتقييد يبدي المعدن، والفوضى تبدي الشائبة، والجهل و الطفق يوازن بينهما، فصار المؤثر على علله بصيته لدى غالبية ممن نشأ ينتجع على ندرة المعلومة مع كدرتها، فأين المآل، وكيف الحل؟ كلمة المؤثر، التي باتت تنتشر اليوم للتعبير عن حسابات، تتحدث و توجه الرأي العام بما يخالجها من وجهات نظر، يستقبلها البعض ليرددها أو ينشرها، فيصبح بذلك تحت هالة الاستهلاك دون معالجة مستعرضة للفكرة أو المعلومة أو حتى المعرفة الجاهزة و المؤدلجة و المسوقة من حساب لم يجد من تعريف له غير كلمة " مؤثر"، فهل هو صحفي، أم اعلامي، أم مثقف أديب شاعر…، أو رجل دين، أو اقتصادي، أو رياضي، أو فنان…أو كل الصفات تشابكت و تشاكلت و امتزجت و حلت و اتحدت في كلمة " مؤثر"…!!!! وقد يكون المؤثر غير ذلك كله، فقط هو شخص مشهور، شهرته مماذا؟ المهم هو اكتسب شهرة واسعة النطاق، من محتوى نشره و ينشره قد يكون تافها للأسف، لكن صناعته جعلته بجماهير تستمع له و تشاهده، وهو في هذه الحالة قد يكون أداة جيدة لتمرير خطابات و محتويات من نوع آخر…في هذه الحالة هو واجهة يكتري شعبيته و صيته لمن يدفع أو من يوجه. الغريب أن يحمل كثير من هؤلاء المؤثرين، خطابا واحدا، نوع آخر من الاعلام الواحد، مركزية في التأثير، وصياغة و تمرير لوجهة نظر واحدة، مختزلة أو ممرغة في وحل التأثير. تنافس به السلطة كل طرف آخر، و تستحوذ به على مجال غير مقيد من خلال هؤلاء المؤثرين.