يبدو أن منصات التواصل الاجتماعي باتت اليوم فضاء خصبا لنشر المشاهير والمؤثرين حياتهم الخاصة، وتحويلها إلى مرتع مناسب للإخبار عن كل مستجد يتعلق سواء بحياتهم العاطفية أو الأسرية أو المهنية إرضاءً للجمهور. هذه المنصات الافتراضية بقدر ما يستغلها المشاهير لنشر أخبار سارة تخصهم، بقدر ما يهتبلها المؤثرون آخرون لبث أخبار محزنة لا تروق عموم المتتبعين، على أمل كسب تعاطف وتضامن افتراضيين من قبل المتتبعين. وتُعدّ الممثلة المغربية نرجس الحلاق آخر من نشر حياتها الخاصة على مواقع التواصل الاجتماعي؛ بعدما أذاعت، بالدموع والحسرة والأسى، خبر انفصالها عن زوجها ووالد ابنتها مهدي فلان، وما خلفه هذا الموضوع الشخصي من نقاش مجتمعي انخرط فيه رواد الفيسبوك. واختلف نشطاء بخصوص موضوع نشر المؤثرين حياتهم الخاصة على منصات التواصل؛ بين من يرى أنه عادي أن يقرب المشاهير حياتهم من عشاقهم ومتتبعيهم؛ وبين من يدعو إلى أن تظل الحياة الخاصة من ضمن الأسرار، وتجنب نشر غسيل العلاقات بين الأفراد على الشبكات الاجتماعية مهما بلغت حدة الخلافات بينهم. وعلى هذا الأساس، يرى الباحث في علم الاجتماع زكرياء أكضيض أن "دخول شبكات التواصل الاجتماعي إلى حياة المواطن المغربي لها تداعيات على سلوكاته"، مشيرا إلى أن "هذه الشبكات لم تعد مرتبطة بجزء من حياة المواطن المغربي؛ بل توغلت في تفاصيل معيشته". وزاد أكضيض، في تصريح خصّ به موقع "أخبارنا"، أنه "لم يعد ملاحظا أن هناك تناقضا بين العالم المادي والافتراضي؛ بل هناك نوع من التطابق"، مؤكدا أن "الإنسان الموجود في العالم الواقعي هو نفسه الذي يعكس قيمه وتصرفاته في العالم الافتراضي". الباحث في علم الاجتماع اعتبر أن "ارتباط المرء بالعالم الافتراضي رهين بالنماذج القيمية التي يتبناها الأفراد؛ إذ هناك من لا مشكلة لديه إن قدّم للمتبعين حياته الخاصة دون قيود؛ وهناك من يسجل حضوره في الشبكات الاجتماعية لكن في حدود"، موردا أن "القيم هنا ليست واحدة وإنما متعددة". واستدرك أكضيض بالقول إن "الشبكات الاجتماعية باتت تعيش تفاصيل حياتنا اليومية"، خالصا في ختام تصريحه إلى أن "طريقة التعامل مع هذه المنصات مرتبط بالنموذج القيمي الذي يحمله كل فرد على حدة".