ترامب طرد زيلينسكي من البيت الأبيض بعد مواجهة حادة وألغى المؤتمر الصحفي    قطار الرجاء يتوقف أمام المغرب الفاسي … !    رسمياً .. المغرب يُعلن عن أول أيام رمضان المبارك    إحياء اليوم العالمي للوقاية المدنية بإقليم العرائش    جمهورية كازاخستان تجدد تأكيدها على دعم مغربية الصحراء ووحدة أراضي المملكة    أكثر من 40 مليون مشترك ضمن خدمات الإنترنت بالمغرب سنة 2024    كرة القدم.. تكسية أرضية ملعب الوحدة الترابية ببوجدور بالعشب الاصطناعي من الجيل الجديد    أعضاء من غرفة الفلاحة بطنجة يقاطعون اجتماعًا مع المديرة الإقليمية للفلاحة بطنجة أصيلة    بالموازاة مع تكثيف الجهود لتأمين تموين الأسواق خلال شهر رمضان.. إطلاق رقم وطني لتلقي الشكايات    القناة الثقافية المغربية تكشف برمجتها الرمضانية    إدريس المريني يعرض فيلمه الجديد جبل موسى بالعرائش    أمطار الخير تعم عدة مناطق بالمغرب وهذه مقاييسها خلال 24 ساعة الأخيرة    ارتطام جسم مجهول يؤخر رحلة "البراق" نحو طنجة    عطل عالمي مفاجئ يصيب تطبيق "واتساب"    خسائر مادية محدودة.. الوقاية المدنية تُخمد حريق سوق الجملة بتطوان    باتشوكا المكسيكي يجدد للإدريسي    السبت بداية رمضان في دول عديدة    موازين يستعد لبدء فعالياته بالتفاوض مع ألمع نجوم العالم    أكرد بخصوص كيفية الحفاظ على لياقته: "رمضان شهر مقدس بالنسبة لنا ومع خبراء التغذية فإنه يسير بشكل جيد للغاية"    طاقم تحكيمي صومالي يقود مباراة المغرب والنيجر في تصفيات مونديال 2026    توقعات الطقس ليوم غد السبت: أجواء باردة وتساقطات ثلجية متوقعة    خط جوي مباشر بين أتلانتا ومراكش بمعدل 3 رحلات أسبوعية ابتداء من أكتوبر 2025    أعربي يتولى إدارة "طنجة المتوسط"    تتطلب إعادة النظر في الأنشطة الملكية المعتادة خلال شهر رمضان المبارك .. جلالة الملك محمد السادس يواصل حصص التأهيل الوظيفي عقب العملية الجراحية    حجز 1160 قرصا طبيا وتوقيف شخص يشتبه في تورطه في قضية تتعلق بحيازة وترويج المخدرات والأقراص المهلوسة    شهر رمضان في مازاغان : تجربة طهي تجمع بين الأصالة والرقي    موسوعة "أنطولوجيا الكاتبة المغربية" للكاتب حسن بيريش    المكسيك.. رئيس لجنة التنسيق السياسي لكونغرس مكسيكو يدعو الحكومة لمراجعة موقفها بشأن قضية الصحراء المغربية    حوامض المغرب تصل السوق الياباني    الصين تتهم الولايات المتحدة بالابتزاز    الكلفة ترتفع في الصناعة التحويلية    أكادير تحتضن اجتماع التخطيط النهائي لمناورات الأسد الإفريقي 2025    تقديم خدمات استشارية في إسبانيا يطيح بالمدير العام لميناء طنجة المتوسط    "مورينيو" يعاقب بالإيقاف والغرامة    النائب البرلماني محمد لامين حرمة الله يشيد بهذا القرار الملكي    هذا هو موضوع خطبة الجمعة    رحيمي ثالث أغلى لاعبي الدوري الإماراتي    "نصاب" في الرباط يقنع متابعيه في فايسبوك بجمع المال بهدف بناء محطة بنزين واقتسام الأرباح!    أخبار الساحة    "أگورا الحقوق والتعبيرات الثقافية".. بوعياش تدعو إلى وضع استراتيجية وطنية متكاملة لحماية التعبيرات الثقافية وإلى النهوض بإدماجها في الدورة الاقتصادية    المغرب يشارك في احتفالات الذكرى الستين لاستقلال غامبيا بوفد عسكري رفيع المستوى    تنسيق نقابي بقطاع الصحة يحذر من تأزم وضعية القطاع ويحمل الحكومة مسؤولية "انفجار الوضع"    في الحاجة إلى مثقف قلق    في بلاغ توضيحي لأعضاء المكتب التنفيذي لاتحاد كتاب المغرب: أغلبية الأعضاء قدموا اقتراحات لحل الأزمة، لكن الرئيس المنتهية ولايته لم يأل جهدا لإجهاضها    مصطفى الزارعي يكتب: مستحيلان على أرض مستحيلة.. مهما انتصر الغزاة وطال انتصارنهم فإن ساعة هزيمتهم لا ريب فيها    حذر من إلغاءها في حالة عدم تلقي جواب . .فرنسا تمهل الجزائر شهرا إلى ستة أسابيع لمراجعة جميع الاتفاقيات معها وعلى رأسها اتفاقية الهجرة    ملعب بنسليمان سيكون جاهزا في دجنبر 2027    الفريق الاشتراكي بمجلس المستشارين يستغرب فرض ثلاث وكالات للأسفار بأداء مناسك الحج    الصين تعتزم رفع القدرة المركبة لتوليد الطاقة إلى أكثر من 3,6 مليار كيلوواط في 2025    المياه الراكدة    في لقاء تاريخي بالجديدة.. عزيز أخنوش يلتقي بمناضلي حزبه ويستعرض أهم إنجازات ومشاريع الحكومة    ندوة تلامس النهوض باللغة العربية    بنسعيد وقطبي يفتتحان متحف ذاكرة البيضاء لاستكشاف تاريخ المدينة    "حضن الفراشة" .. سلاح فتاك لمواجهة التوترات النفسية    شبكة صحية تدعو إلى تكثيف الحملات التطعيمية ضد "بوحمرون"    بعد مليلية.. مخاوف من تسلل "بوحمرون" إلى سبتة    متى تحتاج حالات "النسيان" إلى القيام باستشارة الطبيب؟    دراسة علمية تكشف تفاصيل فيروس جديد لدى الخفافيش وخبير يطمئن المواطنين عبر "رسالة24"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قراءة في خلفيات تعيين "هجا" مندوبا للأوقاف بدرعا تافيلالت
نشر في العمق المغربي يوم 03 - 11 - 2015

أثار قرار ترقية "محمد هجا" من منصب مندوب إقليمي للأوقاف الإسلامية بالرشيدية إلى منصب مندوب جهوي للجهة الجديدة درعة تافيلالت استغراب المتتبعين للشأن الديني بالجهة. وتساءل مهتمون: كيف لرجل فشل في تدبير الشأن الديني إقليميا أن ينجح في تدبير الملف جهويا؟ وعلى أي أساس تمت تزكية رجل كان الجميع ينتظر قرار إقالته لا قرار ترقيته؟
جميعنا نتذكر كيف أشعل "محمد هجا" فتيل التوتر بإقليم الرشيدية منذ توليته منصب المندوب الإقليمي حين أقدم على توقيف عدد من الأئمة والوعاظ والمرشدين، بل إن الرجل حطم رقما قياسيا لم يسبق إليه، حيث تتحدث المصادر عن أزيد من 130 واعظا ومرشدا وخطيبا تم توقيفهم دون أن يرتكبوا أخطاء مهنية توجب التوقيف، وأحيانا بطرق مهينة لا تراعي حرمة المهمة النبيلة المنوطة بهم.
قرارات التوقيف هاته خلقت توترا بين المندوب الإقليمي وساكنة تافيلالت الذين خرجوا في أشكال احتجاجية متنوعة بلغت حد محاصرة المندوب الإقليمي داخل مقر عمله من قبل ساكنة الجرف (بلدة تبعد عن مقر المندوبية بأزيد من 70 كلم) احتجاجا على تعسفه في حرمان البلدة من خدمات إمام شاب نجح بجدارة في امتحان الأئمة الذي أشرفت عليه المندوبية.
ولعل آخر شكل احتجاجي تحتفظ به ذاكرة الراشديين ما أقدم عليه مرارا رواد مسجد بحاضرة الرشيدية من خروج جماعي كلما اعتلى المنبر خطيب جمعة عينه المندوب الإقليمي ضدا على رغبة الساكنة بعدما أقدم على توقيف خطيب يحظى بالإجماع والقبول، بل كان الاحتفاظ به شرطا التزمت به المندوبية الإقليمية حين تسلمت المسجد من الجمعية التي أشرفت على بنائه من أموال المحسنين لكنها بعد التسليم نقضت عهدها.
وإذا كانت ساكنة تافيلالت لم تستوعب بعد تعسفات المندوب الإقليمي، فإنها تستغرب أكثر لقرار تنصيبه مندوبا جهويا وتتساءل: ما الخلفية أو الخلفيات المتحكمة في قرار الترقية؟ وما أبعاد التنصيب الذي أشرف عليه وزير الأوقاف شخصيا؟
بعض القراءات تذهب إلى أن قرابة المندوب "هجا" بالكاتب العام للوزارة الأوقاف، كونه ابن أخته، جعلت الرجل يتمتع بحظوة خاصة، وقد بدا الأمر واضحا منذ تعيينه موظفا بالمندوبية الإقليمية للرشيدية، مع العلم أن الرجل لا صلة علمية أو معرفية تربطه بالقطاع، قبل أن تتم ترقيته مندوبا إقليميا فجهويا. لكن المتأمل في الوقائع التي شهدتها ولايته الإقليمية يدرك أن الأمر أكثر من مجرد حظوة ينعم بها المعني بالأمر من قرابته بالكاتب العام.
إن المتمعن في قائمة الموقوفين خصوصا بإقليم الرشيدية يجد أن أغلبهم ينتسبون إلى حركة التوحيد والإصلاح أو متعاطفين معها. وقد دشن "محمد هجا" منذ أن تقلد مهامه الإقليمية حملة تطهير واسعة في صفوف كل من تشتم منه رائحة الانتماء أو التعاطف مع هذا الفاعل المدني الذي يشتغل في الحقل الديني أساسا، ولم تشفع للموقوفين كفاءاتهم العلمية ولا شواهدهم الأكاديمية. فهل هي حرب تشنها الوزارة على حركة التوحيد والإصلاح؟ وهل كافأت الوزارة المندوب "هجا" على خدماته التطهيرية؟ وهل ترغب الوزارة في إقصاء فاعل مدني مشهود له بحركيته وفاعليته ووسطيته واعتداله؟ وهل أصبح تدبير الشأن الديني يعني احتكار الوزارة للملف وإقصاء الفاعلين المدنيين من المساهمة فيه ضدا على منطق التدبير التشاركي الذي تنهجه كل المؤسسات الرسمية وغير الرسمية؟
إن ما يعضد هاته القراءة ما أقدمت عليه مندوبيات إقليمية أخرى بجهة درعة تافيلالت بداية الموسم الحالي، حيث أكدت مصادر مطلعة أنه تم توقيف عدد من المرشدات المشتغلات في مجال محو الأمية بكل من زاكورة وورزازات بتهمة الانتماء لحركة التوحيد والإصلاح مع العلم أن منهن من قضت زهاء عشر سنوات بين محو الأمية وبين تأطير المرشدات لكن ذلك لم يشفع لها.
قراءة أخرى تذهب أبعد من ذلك وتربط بين نازلة ترقية المندوب "محمد هجا" وبينعودة منطق التحكم خصوصا بعد ما حصل في الانتخابات الجماعية الأخيرة من تدخل سافر للدولة العميقة، واغتصاب لإرادة الناخبين عند تشكيل المجالس الجهوية وانتخابات مجلس المستشارين. كيف لا و"البام" منذ نشأته كان يرى في التوحيد والإصلاح خصما لذوذا بل إن من غايات تأسيسه "محاصرة المد الأصولي"، ولابد أن نستحضر هنا تصريحات النافذ إلياس العماري في برنامج "90 دقيقة للاقناع" حين صرح أن حزب العدالة والتنمية لا يشكل خطرا بل الخطر الأكبر يكمن في "الذراع الدعوي" حركة التوحيد والإصلاح، لأنها حسب هؤلاء تشكل الحاضنة الشعبية والخزان الانتخابي للبيجيدي. ورغم اجتهاد الحركة في الفصل بين الدعوي والسياسي إلا أنها تتهم دوما من قبل خصومها بازدواجية الخطاب.
إن المتتبع لصولات وجولات التدافع بين أنصار التحكم والاستبداد وأنصار الإصلاح ومحاربة الفساد يجد من الوقائع ما يزكي هاته القراءة. فهل أصبحت وزارة الأوقاف أداة من أدوات التحكم في يد الدولة العميقة؟ وهل وجد رعاة التحكم في "محمد هجا" الرجل المناسب لمحاصرة "المد الأصولي" بجهة درعة تافيلالت التي يسير جل عواصمها ومجالسها المنتخبة حزب العدالة والتنمية، ويرأسها الحبيب الشوباني الذي حاولت قوى الردة الديمقراطية استبعاده عن رئاسة الجهة بعدما نجحت من استبعاده على رأس الوزارة المكلفة بالمجتمع المدني والعلاقة مع البرلمان؟ وهل أصبحت "محاصرة المد الأصولي" هدفا مشتركا بين قوى التحكم وبين المندوب الجهوي الذي لم يكن حسب مقربين منه سوى شخصا تشبع بأفكار التيار القاعدي أيام كان طالبا بكلية الآداب بمكناس؟
قد تكون هاته القراءات مجرد هواجس لكن المؤكد أن مياها جرت تحت الجسر، وأن تدبير الشأن الديني بجهة درعة تافيلالت يحيد عن منهج المقاربة التشاركية، ويتجه نحو مزيد من الضبط والتحكم.
فهل تعي الدولة خطورة مثل هاته الخطوات على الأمن الروحي للمواطنين؟ من يتحمل مسؤولية الجمود الذي يعيشه الشأن الديني بتافيلالت وبالجهة عموما؟ وما هي انعكاسات تصفية وعاظ وخطباء معروفين باعتدالهم ووسطيتهم؟ أليس في ذلك فتحا للتأطير الديني على المجهول؟ ألا يُخشى أن تتدخل على الخط تيارات متطرفة من الدواعش وأمثالهم وتستغل الفراغ الذي أحدثته قرارات التوقيف؟ أسئلة كثيرة تنبئ أن القادم لا يطمئن لكننا ننبه أن العبث بقطاع حيوي وحساس مثل الشأن الديني قد تكون له انعكاسات لا تحمد عقباها لا قدر الله.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.