تخوض الجزائر منذ سنوات حربا مسعورة ضد المغرب، من خلال احتضان كيان انفصالي على أراضيها، ودعمه ماديا ومعنويا، من أجل المس بوحدة الأقاليم الجنوبية للمملكة. وفشلت كل الأساليب العدائية في النيل من عزيمة المغرب القوية والراسخة في الدفاع عن وحدته الترابية ومصالحه الإستراتيجية، بل راكم إنجازات ميدانية كتحرير معبر الكركرات وتأمين الجدار الحدودي، وإنجازات دبلوماسية من قبيل اعتراف الولاياتالمتحدةالأمريكية بالصحراء المغربية، فضلا عن الدخول في تحالفات قوية مكَّنته من فرض وجوده كفاعل دولي في المنطقة. وفشل النظام الجزائري في التشكيك المستمر في الشرعية الدينية والتاريخية لبعض الطرق الصوفية، كالطريقة التيجانية والعلاوية، لأنه اصطدم بنظام ديني محكم في المغرب، أساسه إمارة المؤمنين ووحدة المذهب والعقيدة، كما وجد النظام الجزائري نفسه عاجزا أمام النموذج الديني المغربي، الذي أصبح مثالا يحتدى به في العالم في إشاعة مبادئ الوسطية والتسامح الديني. وظهر مؤخرا أن الجزائر نقلت صراعها الديني مع المغرب إلى أوروبا، ولاسيما بفرنسا ، حيث بات مؤكدا أنها تستعمل لغرض التحريض ضد المغرب، أحد عملاء المخابرات الجزائرية، وهو المدعو "شمس الدين حافيظ"، المشرف العام على المسجد الكبير بباريس، وهو بالمناسبة محامي شرذمة البوليساريو والمدافع عن ترهات المرتزقة المدعومين من الجزائر. وقد أقدم مسؤولو المسجد الكبير في باريس على إشعال نار الاحتقان الديني بفرنسا، في أواخر شهر دجنبر 2020 عندما أقدموا على الانسحاب من مشروع تأسيس مجلس وطني للأئمة بعدما سبق للرئيس الفرنسي أن أعلن عن تشكيله في إطار "مشروع قانون مكافحة الانعزالية"،حيث قام بتفويض مهمة تنفيذ هذا المشروع إلى المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية، الذي يترأسه المغربي- الفرنسي "محمد الموساوي". وسارع مسجد باريس الكبير ومعه بعض المنظمات الإسلامية التي تدور في فلكه، في مناورة استباقية، إلى الإعلان الشهر الماضي عن تأسيس "مجلس وطني للأئمة"، والذي ولد ميتا، وكيف لا وهو يضم أئمة جزائريين انتهازيين وبعض المحسوبين على تيار الإخوان المسلمين، لاسيما من داخل هيئة "مسلمي فرنسا" الإخوانية رغم محاولاتها ابعاد هذه الحقيقية من خلال تغيير اسمها القديم. وأمام هذه الانجازات المغربية المتراكمة لم يعد أمام النظام العسكري الجزائري سوى خيار المقاطعة الشاملة، وإعلان حرب متهورة ضد مصالح المغرب، دبلوماسيا وسياسيا واقتصاديا وثقافيا وإعلاميا، بل حتى الشأن الديني لم يسلم من التوظيف المغرض في هذه المعركة من قبل الجارة الجزائر. وعمد هذا النظام العدائي إلى شن معركة دينية ضد المغرب منذ سنوات، عبر الادعاء الكاذب بأن الزاوية التيجانية هي جزائرية وليست مغربية، انطلاقا من أن شيخها المؤسس "احمد التيجاني" ولد بمنطقة "عين ماضي" قبل أن تكون الجزائر موجودة، حيث اختار الاحتماء بفاس "المحروسة" والتي كانت على الدوام الحصن الحصين للطريقة التيجانية. وقد فشلت هذه المناورة التشكيكية أمام تجديد الملايين من "التيجانيين" عبر العالم بيعتهم لأمير المؤمنين محمد السادس، وتأكيدهم على الارتباط الروحي بمدينة فاس، باعتبارها محجًّا لهم، ومعقلا تاريخيا لشيخ الطريقة احمد التيجاني. وخاضت الجزائر منذ سنوات أيضا صراعا دينيا شرسا من أجل الاستيلاء على الطريقة "العلاوية المغربية"، ومحاولة تسجيل الزوايا التابعة لها في المدن المغربية باسم شيخ الطريقة الجزائري "خالد بن تونس" على أساس أن مؤسسها الأول أحمد بن مصطفى العلاوي هو من الجزائر، ووظف النظام العسكري جمعية "عيسى" بأوروبا للقيام بتحركات مشبوهة من أجل مناوشة المغرب في مجاله التصوفي وتدبير شأنه الديني الداخلي. وقد اتضح أن هاته الخطوة كانت تقف وراءها الأجهزة الاستخباراتية الجزائرية، التي توظف "شمس الدين حافيظ" بلا هوادة من أجل إفشال مشروع "محمد الموساوي" في تشكيل مجلس للأئمة وفق تمثيلية حقيقية للإسلام والمسلمين في فرنسا. لكن المثير والخطير في هذا الصراع الديني الذي تخوضه الجزائر ضد المغرب، هو انضمام شخصيات مغربية بفرنسا إلى هذا المخطط المشبوه الذي يقوده الجزائري شمس الدين حافيظ في تأسيس "مجلس وطني لأئمة فرنسا"، والذي يضم في غالبيته العظمى أئمة جزائريين يتحركون وفق الأجندة الأمنية الجزائرية. وذكرت مصادر إعلامية أن المغربي "أنور قبيبش" مهندس فرنسي من أصول مغربية يترأس تجمع مسلمي فرنسا منذ عام 2013 وأصبح بعدها رئيساً للمجلس الفرنسي للديانة الإسلامية سنة 2015، بالإضافة إلى عبد الله السفيري و محمد إقبال الزيدوني وأمين نجدي وتوفيق السبتي ومولاي الحسن العلوي، وكلهم محسوبون على حركة التوحيد والإصلاح المغربية، إذ أنهم اختاروا أن يكونوا أدوات لتنفيذ أجندات النظام العسكري الجزائري ضد المملكة المغربية، وذلك عبر دعم المناورات الجزائرية لخلخلة الحقل الديني الفرنسي من خلال التورط مع العميل الجزائري شمس الدين حافيظ في تشكيل مجلس وطني للأئمة، على الطريقة الجزائرية وليس الفرنسية، خصوصا في الوقت الراهن الذي تخوض فيه جارة السوء حربا عدائية ضد مصالح المغرب في كل مكان.