قال الخازن العام للمملكة، نور الدين بنسودة، إن الدين العام الموحد الذي يشمل دين الخزينة والمؤسسات والمقاولات العمومية والجماعات الترابية والمتأخرات المستحقة على الدولة، إضافة إلى الالتزامات الخارجة عن الميزانية، كلها تشكل تحديا رئيسيا لا يمكن تجاهله. وأوضح بنسودة خلال مداخلته في افتتاح أشغال الدورة الرابعة عشر للمناظرة الدولية للمالية العمومية، أمس الجمعة بالرباط، أن للمالية العامة منطقها وتشمل تخصصات متعددة، لافتا إلى أن تحديات القرن الحادي والعشرين تتطلب "دقة وعدالة" المالية العمومية. وأشار المسؤول المالي إلى أن مجموع الإصلاحات الرئيسية التي التزم بها المغرب تتطلب "مالية عمومية سليمة" من أجل إعادة هيكلة الهوامش المالية التي ستمكن الدولة من بناء المستقبل، وفق تعبيره. وأضاف أن مشروع قانون المالية لسنة 2022 بدأ مسلسل الإصلاح، بتخليه عن الضريبة التصاعدية على الشركات التي تسببت في خسارة الخزانة لمداخيل لايستهان بها وزادت بلا جدوى من تعقيد النظام الضريبي الذي كان تدبيره مكلفا للدولة والفاعلين الاقتصاديين. ويرى الخازن العام للمملكة أن الهندسة المالية التي تستخدم، من بين أمور أخرى، بيع الأصول، لا تعالج القضايا الاقتصادية والسياسية والاجتماعية على المدى البعيد. واعتبر أن الأمر يتعلق هنا بقضية دولة تتطلب مشاركة جميع الفاعلين، مع التنسيق الجيد بين القطاعين الخاص والعام، بالاعتماد على رأس مال بشري ذي جودة وتحديد مسار واضح ومحدد. وشدد على أن القطاعين العام والخاص محكومان بالعيش معا، ويتعين عليهما أن يحترما بعضهما والأخذ بعين الاعتبار متغير الوقت، العامل الأساسي للمقاول من أجل تنفيذ مشاريعه، وللدولة لضمان خدمة عمومية ذات جودة. وفي نفس السياق، قال بنسودة إن السياسة الضريبية تشكل إحدى السبل للتقليص من الفوارق الاجتماعية والترابية، التي تعد إحدى التحديات الرئيسية للمجتمع المغربي، مبرزا الحاجة إلى ضمان إعادة توزيع الدخل بشكل أفضل، أساسا برفع حصة الضرائب المباشرة في بنية المداخيل الضريبية. وشدد بالمقابل على تجنب ما يسمى بالإصلاحات "الرتيبة" التي تتمثل في منح، على سبيل المثال، تخفيضات ضريبية على جميع الدخول، مع تخفيضات مهمة جدا تستفيد منها الدخول العليا، مسجلا أن العدالة الاجتماعية النموذجية لا تنحصر في العدالة الضريبية، بل تمتد أيضا إلى عدالة في الاختيارات المالية. يُشار إلى أن المناظرة الدولية للمالية العمومية التي تستمر إلى غاية 20 نونبر الجاري، تأتي بمبادرة من وزارة الاقتصاد والمالية (الخزينة العامة للمملكة) وبشراكة مع جمعية المؤسسة الدولية للمالية العمومية "فوندافيب".