تعتبر ظاهرة التحرش الجنسي، من بين السلوكيات المشينة والمنبوذة مجتمعيا، والضارة بسمعة وصورة المتحرش بهم، ناهيك عن تأثيرها النفسي القوي و الطويل الأمد، فلا فرق بين التحرش اللفظي والجسدي وغيرها من الأفعال الماسة بجسد وبكرامة الإنسان، وبالحق في العيش السليم و الآمن، دونما أي تفرقة بين المتحرش بهم إن كانت أنثى أم ذكر. وقد يقول قائل بأن التحرش الجنسي أصبح سلوكا متفشيا في أوساط المجتمعات رغم تحضرها ورقيها، بطريقة يصعب معها المنع أو التقليل منها، لدرجة أصبحت عملية التحرش الجنسي أو التحريض عليها يتم تصويرها و كأنها عملا بطوليا يفتخر به أمام مشاهدي المقطع المسجل، ونشرها في مواقع التواصل الاجتماعي، بهدف جلب عدد كبير من المتابعين بقصد أو بدون قصد في هذا النشر. غير مدركين بأن القانون المغربي يجرم في نصوص عديدة كل أنواع التحرش الجنسي، كما يعاقب المشاركة والمساهم في هذا الفعل الا أخلاقي، وانطلاقا من المبدأ القائل " لا يعذر أحد بجهله للقانون" ولكي لا يتخيل لفاعل هذا الجرم المشين، بأن عدم معرفته بالقوانين الوطنية، قد تعتبر مبررا لعدم المتابعة، بالنسبة لهؤلاء فنشر القوانين في الجريدة الرسمية، تصبح بذلك واجبة التطبيق إلا إذا تم التنصيص على مهلة لسريانها. ولقد اهتم المشرع المغربي بحماية الأفراد من كل مساس بحياتهم وكرامتهم وحريتهم في العيش الآمن والسليم، بحيث أعطى اهتماما كبيرا في نصوصه القانونية، بدءا من مجموعة القانون الجنائي وصولا إلى القانون رقم 103.13 المتعلق بمحاربة العنف ضد النساء، لردع مثل هذه الظواهر المشينة، ضاربا بيد من حديد ضد كل من سولت له نفسه الاعتداء على الآخر بأي شكل من الأشكال. كما أن مثل هذه الأفعال المشينة والمنبوذة بكل المقاييس وعلى جميع الأصعدة، لا يجب أن تؤثر على انخراط المواطن في النهوض بمجتمع ديمقراطي محترم للقوانين الوطنية وحقوق الإنسان المتعارف عليها دوليا، إضافة إلى اعتبارها فعلا منفردا غير مرحب به بين جميع الفئات بالمجتمع.