لم يكتب جملة موسيقية أبدأ إلا للتغني بحب القيم في أبعادها الجغرافية و العمرانية و الإنسانية والتاريخية. أيقظ ارواحا بمجاز في شفشاون و تافيلالت و مراكش و زاكورة و مدن قديمة و غنى للصبح و المساء و للماء و الطفلة المريضة، غنى للوطن في عمقه وجغرافيته المتنوعة والغالية على قلوب المغاربة عبر الأجيال. ولا زال نعمان لحلو يحلم بغد أفضل يغمره السلم وتبنى فيه الكثير من الجسور مع شرقه وجنوبه وشماله. يغني من أجل فتح الحدود غير ابه بالهستيريا التي تسكن من يسبحون ضد التاريخ و ضد أماني الشعوب. وانتصرت جملة الموسيقى على إيقاع طبول الحرب وغنى نعمان لحلو لنصرة حق الجزائري و المغربي المنتمين للعائلة الواحدة التي سطر المستعمر خطوطا وهمية للتفريق بينهما. ومهما تكالبت النيات السيءة فإن الحدود ستفتح غدا. وكل هذا الأمل يحمل رغبة في التغني بالأمل و رفع الألم عن أجيال كانت إلى أمس قريب تعيش في طمأنينة و تحتفل بارتياح باللقاء وبالاعراس وبالمناسبات الدينية وبالفصول وبكل شهور السنة الميلادية والهجرية والأمازيغية. ولأن من يتكلم لغة الإحساس بالاوتار و الإيقاعات يسكنه حب من نوع أصيل فقد غنى نعمان لحلو كلاما عميق المعاني يضع الحدود كفاصل بين الشاعر و جواهر وأن يعبر بشجون عن حيرة و التعبير عن ضعفه لكونه ليس بساحر. و تتواصل الإيقاعات و الجمل الموسيقية ليتفرد صوت الفنان بالتعبير عن ما يتيحه واقع التعبير عن السعادة أو عن الهزيمة أمام حدود مغلقة بين الأطلس و الجزائر. ولكن الشاعر يقسم على أن يرفع الستائر ويفي بوعده لجواهر أن غدا ستفتح الحدود. لن نحاسب الفنان لأن حلمه كبير ولأنه يسحرنا بابداعه من خلال مقامات موسيقية تبدأ بمقام الكرد الممزوج بالصبا و يتنقل في الكوبلي الثالث إلى مقامي الحجاز و الرست لإضفاء نوع من الأمل. وتنتقل الأغنية في الأخير إيقاعات أصيلة من نوع" الحضاري" الذي يعرفه الثرات الغنائي المغربي و الجزائري و هو إيقاع يهز الفؤاد و يصنع السحر الذي يقوي الإنتماء و يغري بمواصلة النضال من أجل هذا المغرب الكبير الذي يستحق كل التضحيات من أجل غد أفضل. غدا ستفتح الحدود رغم أنف الكابران الذي حولته قوى الإستعمار إلى جنرال يسيطر على القرار و المال والقاضي ومواجهة من لا يتغذى على فتات الماضي الإستعماري. وخير دليل على قبول طائرات فرنسية مفروضة على السلطات العسكرية الماسكة بالقرار بالجزائر. وستظل أغنية فتح الحدود مزعجة رغم ما تحمله من قيم الجمال لتلطيف الأجواء و فضح من "يخربق الإيقاع " وهكذا وجب الإستماع إلى من يحبب الجمال إلى من هو جميل.