توقيع اتفاقية شراكة بين جمعية جهات المغرب وICLEI Africa        إندرايف تغير مشهد النقل الذكي في المغرب: 30% من سائقيها كانوا يعملون بسيارات الأجرة    ميناء الداخلة الأطلسي: مشروع استراتيجي يحقق تقدمًا بنسبة 27%    مجموعة صناعية دنماركية كبرى تفتح مكتباً في الداخلة لتطوير مشاريع الطاقات المتجددة في الصحراء المغربية    مجموعة ال20 تعلن وقوفها خلف قرار وقف إطلاق النار في غزة    ارتفاع حصيلة ضحايا فيضانات فالنسيا بإسبانيا إلى 227 قتيلاً ومفقودين في عداد الغائبين    الركراكي: الصبر والمثابرة أعطيا ثمارهما    يحدث هذا في فرنسا … !    توقيف شخص بمكناس يشتبه في تورطه في حيازة وترويج المخدرات    حادثة سير مميتة بتارودانت تخلف أربعة قتلى    الصناعة الرياضية: من الملاعب إلى التنمية    غارة إسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت وإصابات في تل أبيب إثر قصف صاروخي من لبنان    مكناس.. اعتقال شخص بحوزته 1689 قرص من "الإكستازي" و"الريفوتريل"    اليوم ال1000 للحرب الأوكرانية.. بوتين يوقّع مرسوما يوسع إمكان اللجوء إلى السلاح النووي    النفط يرتفع مع توقف الإنتاج في حقول نفطية    زنيبر: الاضطرابات الناجمة عن كوفيد-19 زادت من تفاقم الآثار "المدمرة بالفعل" للفساد    العسكريات يسيطرن على التشكيلة المثالية لدوري أبطال إفريقيا    شركة سوفيرين برو بارتنر جروب في قطر تعلن عن انضمام مدير عام جديد إلى فريقها، لقيادة مسيرة التوسع وتعزيز التعاون الاستراتيجي، في خطوة طموحة تنسجم مع رؤية قطر الوطنية 2030    جمعية الإمارات لطب وجراحة الصدر تضيء برج خليفة في حملة توعوية لمكافحة مرض الانسداد الرئوي المزمن    المنتخب الكويتي يختبر المدرب سلامي    نشرة إنذارية: زخات رعدية ورياح عاصفية في عدد من أقاليم المملكة        جبهة مناهضة التطبيع تتضامن مع ناشط متابع على خلفية احتجاجات ضد سفينة إسرائيلية    كيوسك الثلاثاء | مؤشر إتقان اللغة الإنجليزية يصنف المغرب في المركز 76 عالميا    شخص يعاني من اضطراب نفسي يضع حدًّا لحياته شنقا ببني عمارت نواحي الحسيمة    المدير الإقليمي للشركة المتعددة الخدمات لبرشيد: المحطة الجديدة جزء من الاستثمار المستمر في تحسين أنظمة توزيع المياه بالمدينة وبجودة عالية    عرض الفليم المغربي "راضية" لمخرجته خولة بنعمر في مهرجان القاهرة السينمائي الدولي        صحافيون جزائريون يستحضرون مساهمة المغرب في استقلال الجارة الشرقية    أشرف حكيمي ضمن المرشحين الخمسة للفوز بلقب أفضل لاعب إفريقي للسنة    زخات رعدية محليا قوية مصحوبة بهبات رياح عاصفية مرتقبة بعدد من أقاليم الممكلة    المفوضية الجهوية للأمن بأزرو…استعمال السلاح الوظيفي من قبل شرطي لتوقيف متورطين في اعتراض وتهديد سائق أجرة    "أطباء القطاع العام" يعلنون خوض إضراب وطني عن العمل احتجاجا على حكومة أخنوش    المنتخب المغربي يختتم تصفيات كأس إفريقيا 2025 بالعلامة الكاملة    الشرادي يكتب : عندما تنتصر إرادة العرش والشعب دفاعا عن حوزة الوطن وسيادته    العراقي محمد السالم يعود لجمهوره المغربي بحفل كبير في مراكش    المغنية هند السداسي تثير الجدل بإعلان طلاقها عبر "إنستغرام"    مجموعة العشرين تعقد قمة في البرازيل يطغى عليها التغير المناخي والحروب وانتخاب ترامب        الفرحة تعم أرجاء القصر الملكي غدا الثلاثاء بهذه المناسبة    جائزة ابن رشد للوئام تشجع التعايش    المغرب يستضيف الملتقي العربي الثاني للتنمية السياحية    مركز موكادور للدراسات والأبحاث يستنكر التدمير الكامل لقنطرة واد تدزي    الكرملين يتهم بايدن ب"تأجيج النزاع" في أوكرانيا بعد سماح واشنطن باستخدام كييف أسلحتها لضرب موسكو    فاتي جمالي تغوص أول تجربة في الدراما المصرية    تنظيم النسخة 13 من مهرجان العرائش الدولي لتلاقح الثقافات    بعد صراع مع المرض...ملك جمال الأردن أيمن العلي يودّع العالم    خبراء يحذرون من "مسدس التدليك"    شبيبة الأندية السينمائية تعقد دورتها التكوينية في طنجة    دراسة علمية: فيتامين "د" يقلل ضغط الدم لدى مرضى السمنة    بوغطاط المغربي | تصريحات خطيرة لحميد المهداوي تضعه في صدام مباشر مع الشعب المغربي والملك والدين.. في إساءة وتطاول غير مسبوقين !!!    حشرات في غيبوبة .. "فطر شرير" يسيطر على الذباب    دراسة تكشف العلاقة بين الحر وأمراض القلب    في تنظيم العلاقة بين الأغنياء والفقراء    غياب علماء الدين عن النقاش العمومي.. سكنفل: علماء الأمة ليسوا مثيرين للفتنة ولا ساكتين عن الحق    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    كيفية صلاة الشفع والوتر .. حكمها وفضلها وعدد ركعاتها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كيف يفكر الانسان؟
نشر في العمق المغربي يوم 22 - 05 - 2021

يبدو أن الإجابة على هذا السؤال ليست بالأمر البسيط، ولكنها أيضا ليست مستحيلة، يكفي أن نتجرد من ذاتنا ونخرج خارجها، وهذا أيضا ليس بالأمر البسيط، إلا أن هذه العملية هي بداية الطريق نحو الوضع السليم للتفكير، كلما كانت لدينا القدرة على التجرد من ذواتنا والنظر اليها كأنها ليست منا، كلما كانت لدينا القدرة الكافية لانتاج فكر يتميز بالحد الادنى من الحياد.
لكن إذا عدنا للسؤال، نكون أمام وضعين أساسيين للتفكير وإنتاجه، إما أن الفرد يكون غير منتج للفكر، وبالتالي كل الافكار التي يتداولها، تكون نتيجة برمجية مسبقة، تمت على امتداد زمن طويل منذ الصغر، فيصبح غير قادر على التمرد عليها وتجاوزها لانتاج أفكار تخصه، بل وقد يصبح متعصبا لها ولا يقبل من يعارضها أو حتى من ينتقدها أو ينظر إليها بغير الرضى ويطعن فيها، ولتوضيح الامر نسوق هنا مثالا يعرفه المتخصصون في علم النفس و بشكلٍ أدق الباحثون النفسانيون، إذا ازداد عندنا توأمين، و مباشرة بعد الازدياد فرقنا بينهما ليعيشا في بيئتين مختلفتين، من حيث الدين والمعتقدات و التقاليد وما الى ذلك، بدون شك لن تكون لهما نفس الألية لإنتاج الأفكار، كما لن تكون لهما نفس الرؤيا للحياة والعالم بشكل عام، نقول هنا أن كل منهما برمج ليكون كذلك.
الوضع الآخر هو منذ البداية، أي منذ السنوات الأولى للفرد نعلمه كيف يتعلم، بمعنى أخر نمكنه من كل الادوات العلمية ليتعلم، وليس ليتلقى ويقبل كل ما يقال اليه دون وضعه في ميزان الشك، و دون أن نوجهه الى مسار معين، فقط نحرس على أن نزوده بالأدوات العلمية لبناء تفكيره، وبناء ترسانته الفكرية والتي أساسها بالطبع "ميزان الشك"، وما هو ميزان الشك هذا؟ ميزان الشك هذا يفرض علينا أن لا نقبل أي أمر إلا بعد إخضاعه للشك في حقيقته وصدقيته، وبعد التمحيص والتحليل والاختبار والتجريب، وهي الأدوات الأساسية (les outils de Besse)، التي قد تجعلنا نخلص الى قبوله كحقيقة أو كغيرها، حينها تكون الافكار التي تتولد لدينا هي أفكارنا وليست لغيرنا، و لم يسبق أن تمت برمجتنا لاعتناقها والتعصب لها دون حتى فهمها، ولنا في تجارب وبحوث العلماء النفسانيون الكثير من الأمثلة في هذا الصدد، وأشهرها مثال القردة والموز وصب الماء على من لا يقرب الموز، حيث من هذا المثال كما يعرف الجميع يصبح القرد يقوم بعمل ما وهو لا يعرف السبب.
وحتى نقرب القارئ الكريم أكثر من الوضعين السابقين، نسوق مثال التكنولوجيا الحديثة، يعلم الجميع أننا اليوم أصبحنا أمام نوعين من الالات الذكية، الات مبرمجة للقيام بمجموعة من الاعمال المضبوطة والدقيقة، وهامش الخطأ فيها ضعيف جدا، إن لم نقل منعدما، ولكنها رغم ذلك هي مبرمجة للقيام بذلك وليس غيره، بمعنى أنها لا تفكر ولا تنتج الافكار ولا يمكنها تجاوز ما برمجت مسبقا للقيام به، بل أنها لا تشعر حتى أنها أنها تقوم بعمل ما، هكذا هو الانسان الذي تمت برمجته مسبقا، ويكون غير قادر على حتى الشعور بنفسه، هو فقط ينفذ ما تمت برمجته من أجله، ولنا ما يكفي من الامثلة في هذا المجال، والواقع الانساني والبشري يعج بهذه الأصناف في كل مكان، وإن أغلبهم محركات للعديد من المشاكل بين البشر، بل حتى أن بعضهم وقودا لمجموعة من النقط المشتعلة عبر العالم، و لا يسعنا الحيز المكاني لسردها، هذا ما يهم الجيل الأول من هذه الالات الذكية.
ثم هناك جيل ثاني من هذه الالات الذكية، التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي، و التي لها القدرة على التعلم الذاتي وانتاج الافكار الخاصة بها، بغض النظر عن البرمجيات التي زودت بها في البداية، وأشهرها كما يعرف الجميع هي alpha go هذا البرنامج الحاسوبي الذي هزم بطل العالم في لعبة GO الصينية، ومعلوم أن هذه اللعبة الصينية ( وهي بالمناسبة لعبة تقوم على وضع الاستراتيجيات)، وهي تتطلب الكثير من الذكاء وبمعنى أخر تعتمد على انتاج الافكار وليس على ترديدها كما تعلمها الفرد بداية، وقد صرح هذا البطل بعد الهزيمة لوكالة الانباء الكورية الجنوبية يونهاب: "بصراحة شعرت بالهزيمة حتى قبل بدء المباراة ضد alpha go، فالناس من شركة deepMind التابعة للعملاق GOOGLE كانوا واثقين جدا منذ البداية" ومنذ ذلك الحين تم تطوير العديد من مثل هذه البرامج التي تعتمد الذكاء الاصطناعي وهي آلات ذكية تعتمد على منهاج deep learning أي آلات تتعلم ذاتيا، من مثل Fine Art الصيني وأيضا Han Dol الكوري الجنوبي، ثم توالت البرامج من هذا النوع، وسنرى قريبا سيارات ذاتية القيادة، يكون هامش الخطأ فيها صفر،أي صفر حادثة في السنة، – وقد نعود الى بتفصيل الى هذه السيارات والشاحنات والطائرات ... في مقال قادم-، سقنا هذا المثال للآلات الذكية و نوعيهما لنفهم الانسان الذي تمت برمجته على مجموعة من الافكار ولا يمكنه الخروج عنها أو التفكير خارجها، والانسان الذي بنى ترسانة أدوات تفكيره على مبدأ الشك أولا، (بمعنى أوضح على مبدأ العلم، وليس على مبدأ الخرافة والأساطير)، وهذا النوع البشري هو من يفكر وينتج الافكار ويطور الحياة في مختلف مجالاتها، وينتج الآلات الذكية التي تقدم المنافع للإنسان، من مثل الأجهزة العالية الذكاء لتشخيص الأمراض المستعصية، في الوقت المناسب لعلاجها، أما النوع الاخر، ليس سوى كائنا حيا، مثله مثل الكائنات الحية الاخرى التي تعيش جواره أو فيه وهو لا يشعر حتى بوجودها، ويبقى وضعه بين كل تلك الكائنات الحية الأخرى، مجرد ببغاء يكرر أفكار الاخرين ويتعصب لها ويدافع عنها، بل قد ينفجر من أجلها وهو لا يعرف ماهيتها، ولنا في البلاد الاسلامية الكثير من هؤلاء.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.