فاتح ماي هو مناسبة سنوية نقف عندها لتعزيز مكتسبات الشغيلة المغربية واستشراف سبل تطويرها، وهي كذلك محطة محورية لتقوية الحس الوطني الجماعي، كما أنها فرصة لعرض حصيلة بلادنا وما حققته من إنجازات وإصلاحات التي تهم ضمان كرامة المواطن وتحقيق استقراره النفسي والاجتماعي. وفي هذا الإطار، عمل رئيس الحكومة الدكتور سعد الدين العثماني على إرساء شراكة بناءة بين الحكومة والمركزيات النقابات والباطرونا، قائمة على قواعد التشاور المستمر خدمة لمصالح البلاد، تعرفه بلادنا.. وقد تجلى هذا الأمر في الحرص على إطلاق وإنجاح الحوار الاجتماعي الذي أسفر عن اتفاق 25 أبريل 2019، والذي كان له الأثر في تهيئة الظروف وتعزيز الاستقرار والأمن الاجتماعي الذي تعرفه بلادنا، وقد بلغت التكلفة الإجمالية لالتزامات الخاصة بموظفي الدولة بموجب هذا الاتفاق حوالي 14,25 مليار درهم.. وفي نفس السياق، تجاوبت الحكومة بشكل إيجابي وقبلي مع الملفات المطلبية القطاعية، وعالجت وضعية عدد من الفئات القطاعية من الموظفين الذين كانوا متضررين، وحرصت الحكومة على حماية الفئات الضعيفة والهشة في الوظيفة واتخذت إجراءات قوية لتحقيق كرامتها وتعزيز قدرتها الشرائية، وأغلقت بذلك باب من أبواب الاختلالات وعملت على تحقيق العدالة الوظيفية. وقد أسهمت سياسة الحكومة هذه في تسجيل ارتفاع ملحوظ في متوسط صافي أجور الوظيفة العمومية بنسبة 38,24 بالمائة بين 2010 و2020 ،منتقلا من 6550 درهم إلى 8147 درهم. كما ارتفع الحد الادنى للأجور بشكل غير مسبوقة ما بين 2010 و2020، بانتقاله من 1800 درهم إلى 3258 درهم، أي بزيادة قدرها 81 بالمائة. وفي سياق متصل، جعلت الحكومة من التشغيل أولوية كبرى، إذ اعتمدت لأول مرة بالمغرب مخططا وطنيا للنهوض بالتشغيل 2017 -2021، بطريقة تشاركية مع جهات المملكة ومع القطاع الخاص، وأطلقت برامج مندمجة ومتكاملة لضمان ملاءمة أكبر بين التكوين والتشغيل، وتوفير التأهيل والمواكبة للباحثين عن الشغل، وإطلاق مبادرات لإحداث فرص الشغل، وتطوير البرامج النشيطة للتشغيل، ودعم المقاولات المشغلة، وتقوية حماية الشغيلة. وحرصا منها على تعزيز حماية الشغيلة، انكبت الحكومة على تطوير منظومة الصحة والسلامة في عالم الشغل، ورفعت من قدرات وأداء آلية مفتشية الشغل وعززتها ب 182مفتشا جديدا خلال 2021، وهو عدد غير مسبوق في تاريخ هذه الهيئة التي تضم 320 مفتشا. وكنتائج أولية، تحسنت قابلية التشغيل ل 770 ألف باحث عن الشغل خلال الفترة 2017-2020، وتم إدماج 406 ألف منهم في إطار برنامج التشغيل المأجور، أي بنسبة إنجاز بلغت 80 بالمائة مقارنة مع الأهداف المسطرة. كما عززت الحكومة نظام التعويض عن فقدان الشغل وتبسيط إجراءات الاستفادة منه، مع تسجيل حوالي 74 ألف مستفيد من هذا النظام خلال الفترة 2016-2020، بتكلفة مالية تجاوزت 977 مليون درهم. كما بذلت الحكومة مجهودا غير مسبوق في مجال التشغيل العمومي، بإحداث أكثر من 212 ألف منصب مالي خلال الفترة 2017-2021، بمعدل سنوي يتجاوز 42 ألف منصب، مقابل أقل من 21 ألف ما بين 2007 و2016. وقد ساهمت الاجراءات العديدة التي اتخذتها الحكومة في جائحة كورونا، خصوصا تلك الموجهة للمقاولات، في حماية هذه الأخيرة من الإفلاس ومَكَّنَتْها من الحفاظ على جزء كبير من أُجَرائها، مما حال دون تسجيل ارتفاع كبير في نسبة البطالة، كما حصل بعدد من البلدان المجاورة، إذ تم احتواء نسبة البطالة في 11.9% عوض أكثر من 14% حسب عدد من التوقعات، لو لم يتم اتخاذ الآليات والتدابير السالف ذكرها. هي محصلة إيجابية لفائدة شغيلة المغرب ولفائدة الشباب المغربي، وكما عبر عنه رئيس الحكومة، ستواصل بلادنا هذه الدينامية بالتعاون مع شركائها، من أجل الحفاظ على مناصب الشغل الحالية، وإحداث فرص أكثر للتشغيل، لاسيما لفائدة الشباب وحاملي الشهادات. * عضو الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية