بعد الرفض الشعبي الواسع لعملية التطبيع مع الكيان الصهيوني، وما واكبه من إدانة جماهيرية؛ تنظيمات سياسية وجمعوية ونقابية…، وشخصيات سياسية وعلمية وازنة، تحركت في المقابل آلة الإعلام الموجه والمدجن، لإقناع المواطن أن الخير كل الخير في التطبيع، إذ تروج أنه وبموجب الاتفاقيات التي ستتم بين المغرب والكيان الصهيوني، سيعرف اقتصادنا طفرة نوعيه، بسبب ما ستضخه إسرائيل لصالح اقتصادنا، من خلال خلق شركات، ودعم مؤسسات انتاحية، وتحديث البنية التحتية، مطارات_ موانئ…، من اموال، وهذا سيكون له أثر إيجابي على واقع المواطن المغربي، نظرا لما سيحدثه من فرص في سوق الشغل. هذه الشعارات والأخبار التي تزفها بعض الجهات والمواقع الاخبارية المُطبِّعة، هي مجرد أوهام، وكلام لا يستقيم ومنطق الاقتصاد الذي لا يخضع للعواطف والأماني، وإنما يحكمه منطق الربح والخسارة، والتنافسية العالمية،والصراع حول من سيربح السوق، هذه هي الحقيقة التي بحجبها الإعلام المضلل، وما يحاول الذباب الالكتروني ترويجه على صفحات التواصل الاجتماعي. قديما قِيل: الاتجار مع الغَنِي يفقر، إذ لا يمكن لفقير، في علاقته التجارية مع غني، أن تزدهر تجارته، بل يصبح دائما مدينا وتابعا له، بناء على هذه القاعدة الذهبية، يمكننا أن نفهم مستقبل اقتصادنا مع الاستثمارات الاسرائيلية والأمريكية. ولا يحتاج المرء كثيرا من الجهد كي يدرك هذه الحقيقة، فنحن ومنذ فترة الاستقلال إلى الآن، على علاقة بفرنسا الاستعمارية، وشركاتها تحظى بامتيازات خاصة، وكانت فرنسا شريكا اقتصاديا استراتيجيا، فماذا كانت النتيجة؟ النتيجة اقتصاد استعماري، تابع وموجه، وأصبحنا رهينة الشركات الفرنسية، وتعاظم عجز ميزانيتنا، وتفشت البطالة في المجتمع المغربي بشكل خطير، مما اضطرت معه الدولة أن تقوم بإجراءات تجميلية للتخفيف منها، كبرنامج الشباب والمستقبل بقياد الحبيب المالكي، في عهد المرحوم الحسن الثاني، وفتح صناديق موازية لدعم الشباب، كصندوق المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، والقيام بإجراءات اجتماعية، كدعم الأرامل والمطلقات، ودعم الاستثمار الذاتي، أخيرا فتح مجال التوظيف في بعض القطاعات، وفي مقدمتها قطاع التعليم، كل هذه الاجراءات تعبر، في تقديري، عن حالة الضعف والهساشة في بنيتنا الاقتصادية، وعدم قدرتنا على بناء اقصاد قوي ومنافس، وأنى لنا ذلك ونحن ننافس اقتصادا قويا كاقتصاد فرنسا. هذا من جهة، ومن جهة أخرى، وبنفس المنطق الاقتصادي، أخفق المغرب في تجربته الاقتصادية مع أمريكا، من خلال اتفاقية التبادل الحر، وكيف انتقل العجز التجاري مع الولاياتالمتحدة من 7مليار درهم درهم إلى 25 مليار درهم، وقريبا سمعنا بأن المغرب راجع اتفاقيته مع تركيا، فاستناداإلى "مكتب الصرف أصبح الميزان التجاري لصالح تركيا"، فقد تضاعف في ظرف خمس سنوات، بعد أن وصل هذا الأخير إلى 16مليار درهم، مقابل قرابة 7,80 مليار درهم في سنة 2013". حدث هذا مع الاقتصاد الفرنسي والأمريكي والتركي، فكيف نصدق أن ينتعش اقتصادنا مع اقتصاد إسرائيلي أكثر قوة وتطورا، وله قدرة جهنمية على ابتلاع الأسواق الناشئة وتدميرها. إن من يراهنون في معركتهم من أجل التمكين للوجود الصهيوني بالمغرب، تحت غطاء الاقتصاد والرفاهية ورفع من مستوى الدخل الفردي وتحريك سوق الشغل،هو أكذوبة وخداع، بل، ولا أجازف إذا قلت، هو خطأ استراتيجي وتاريخي، ومجازفة غير محسوبة العواقب، وأسائل كل مطبع مغربي، هاتوا برهانكم، وأعطونا مثالا لدولة من دول العالم، طبعت مع الاحتلال الصهيوني، وحققت لشعبها ما تمنون المغاربة به؟!! اللهم إني أشهدك، أني لا أملك غير كلمات أفرغ فيها رأيي، عساها تجد آذانا تسمع وعقولا تعي وقلوبا تفقه، وإني موقن أن التطبيع مع الصهاينة خطر على اقتصادنا ووحدتنا وهويتنا، قبل أن يكون خطرا على شعب عربي مسلم، الشعب الفلسطيني الجريح.