ذكرت صحيفة يديعوت احرنوت، استنادا على معطيات معهد التصدير الصهيوني، أن حجم المبادلات التجارية بين الكيان الصهيوني والمغرب ارتفعت بنسبة مهمة في النصف الأول من السنة الجارية 2004 مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، بحيث ارتفعت واردات المغرب من الصهاينة ب 100%، وبلغ حجمها 2,5 مليون دولار، أما صادرات المغرب لدولة الاحتلال فزادت ب13% ووصلت إلى 99 ألف دولار،تظل تلك المعطيات قائمة في غياب أرقام رسمية مغربية، ذلك أن الموقع الرسمي لمكتب الصرف (مؤسسة عمومية إحصائية ترصد مبادلات المغرب مع الخارج وتحولات ميزانه التجاري وميزان أدائه) يخلو من أي إشارة إلى الكيان الصهيوني في الجداول المبينة لحجم ونوع المبادلات التي تجمع بلادنا مع الخارج. ويعزى هذا الغياب إلى أن المغرب، وإن كان لا يتعامل تجاريا بشكل رسمي وقانوني مع الصهاينة بحكم التزاماتهم العربية والإسلامية، إلا أن حركة تبادل السلع والخدمات ما فتئت تتواصل حتى مع إغلاق مكتب الاتصال الصهيوني في الرباط سنة 2001 عقب اندلاع انتفاضة الأقصى. وتشير جملة من الأحداث إلى أن التطبيع الرسمي للمغرب مع الكيان الصهيوني سيستمر، ومن مؤشرات ذلك توقيع بلادنا على اتفاقية التبادل الحر بين المغرب والولاياتالمتحدةالأمريكية، والتي تتضمن مقتضيات تساهم في الرفع من العلاقات الاقتصادية مع الكيان الغاصب، وتضرب عرض الحائط بمبادئ المقاطعة الاقتصادية ومناهضة التطبيع الاقتصادي التي تبلورت بمبادرات شعبية ورسمية (لجنة المقاطعة بجامعة الدول العربية)، وما يجدر ذكره هنا أن اتفاقية مثيلة للتبادل الحر تجمع منذ مدة طويلة الكيان الصهيوني والولاياتالمتحدة، كما أن الممثل التجاري الأمريكي روبرت زولويك (الذي عهدت إليه بلاده إدارة مفاوضات اتفاق التبادل الحر مع المغرب) يعد ناشطا بارزا في مجال الانفتاح الاقتصادي على الكيان الصهيوني من خلال استثمار بوابة اتفاقيات التجارة الحرة. ومن أوجه التطبيع الصهيوني للمغرب الجانب الاقتصادي، بحيث أن أكبر مؤسسات العدو الاقتصادية، وهي مؤسسة كور تصدر إلى بلادنا منتجات مختلفة، من بينها مواد صيدلانية وتجهيزات طبية، بل ويعتبر المغرب سوقا رئيسا لها، وهي مؤسسة تضم عدة شركات تجارية وصناعية تجني أموالا طائلة، كما أن هناك مجالات أخرى للاختراق الصهيوني بالمغرب كالمجال الفلاحي والبحث الزراعي، ومجالات التجارة، والثقافة والإعلام... وكان وزير الخارجية الصهيوني قد طلب من المسؤولين المغاربة في شتنبر 2003 إعادة تطبيع العلاقات وفتح مكتب الاتصال الصهيوني بالرباط، ونظيره المغربي في تل أبيب، وذلك بعد قطيعة دبلوماسية ظاهرة استمرت منذ 23 أكتوبر 2000 مع أنه تخللتها لقاءات ديبلوماسية شكلية غير رسمية، وما فتئ الكيان الصهيوني يبذل مساعي حثيثة تستهدف تدراك التراجع الذي عرفته المبادلات الاقتصادية لهذا الكيان مع المنطقة العربية، والبحث عن مشاريع لحل أزمة اقتصاده المتفاقمة كضعف الاستهلاك الداخلي وتكبيد انتفاضة الأقصى لاقتصاد الصهاينة خسائر جسيمة، وهو ما لا يمكن الكيان الغاصب من الحياة إلا بالمساعدات الأمريكية الضخمة والمراهنة على تطبيع العلاقات السياسية والاقتصادية والثقافية مع جوار عربي تناهض شعوبه أي تطبيع معه، وإن أعربت حكوماتها عن استعدادها لذلك. ويستعين الصهاينة في مساعيهم للتطبيع بتعاظم نفوذ حليفته الاستراتيجية الولاياتالمتحدة في العالم، وفي المنطقة العربية والإسلامية على وجه الخصوص. وتسأل هذه الأرقام والمؤشرات الخطيرة التي أوردها معهد التصدير الصهيوني تصريحات مسؤولين رسميين مغاربة، ومنهم وزير الاقتصاد والخوصصة فتح الله ولعلو الذي صرح تحت قبة البرلمان في مارس 2002 بأن المغرب لا تربطه بالكيان الصهيوني أية علاقة اقتصادية. كما كان فريق العدالة والتنمية بمجلس النواب قد طرح في ولاية تشريعية سابقة تعديلا يخص مدونة الجمارك والضرائب غير المباشرة، ويقضي بإدخال مادة تنص صراحة على منع تصدير واستيراد أي منتوج من و إلى الكيان الصهيوني (المادة 32 مكررة)، غير أن حكومة التناوب تماطلت في إدراجه ضمن جدول أعمالها لتنتهي الولاية التشريعية دون إخراجه إلى حيز التطبيق. محمد بنكاسم