أطلق مثقفون مغاربة وجزائريون نداء لإعلاء صوت الحكمة والحوار وتصفية الأجواء بين البلدين الجارين، لحل نزاع الصحراء الذي استمر زهاء 50 سنة وعطل وحدة الشعوب المغاربية. وقال المثقفون في بيان، إن السبيل لحل الخلافات بين المغرب والجزائر "هو الحوار في دائرة المصلحة المشتركة التي لا تزري بأي طرف، سواء أتخذ الحوار شكلا رسميا مباشرا، أو من خلال مساعي حميدة، أو بشكل موازي غير رسمي". وساترسل المصدر ذاته "غايته، أيا كان مصدره، تغليب صوت الحكمة والعقل، وعدم إهدار الأواصر المشتركة، أو شتيمة المستقبل، والمستقبل هو في وحدة شعوب شمال إفريقيا لأن ذلك يندرج في مسلسل التاريخ، مع ما تفرضه العقلانية الاقتصادية والتحديات الجيو استراتيجية القائمة، وما أكثرها.. نعم لصوت الحكمة ما بين الشعبين الجزائري و المغربي. لا للتنافر ولا لما يُغذي التوتر". وقال البيان "عاد التوتر في الآونة الأخيرة في شمال إفريقيا، وعلت سُحب البلاغات، وصخب الإعلام، واستعراض القوة، في ظرفية عالمية متأزمة لعلع فيها السلاح في أرجاء عدة من العالم، واحتدم فيها صِدام الحضارات، ولاحت نُذُر الحرب الباردة، وتوزع العالم العربي بين أقطاب ورؤى متنافرة عمّقت شرخه وانعكس ذلك سلبا على قضاياه المصيرية". "لزهاء خمسين سنة والمنطقة تتأثر بنزاع الصحراء وتداعياته"، يضيف البيان، "مما عطّل مشروع وحدتها، وعمّق الجفاء بين قطبيها الجزائر والمغرب. بيد أن ما يُسجّل أن الحكمة سادت دوما من أجل الإبقاء على الوشائج العميقة بين الشعبين، ولم تذهب حتى في أوج التوتر إلى ركوب المغامرة، وقبِل المغرب بالحل السياسي في نطاق الأممالمتحدة"، معتبرا أن نجاح الأممالمتحدة في وضع حد للنزاع رهين بتصفية الأجواء في المنطقة. وذكر المثقفون بأن الأواصر ما بين الشعبين الجزائري والمغربي "أوسع من أن تُحصى"، كما ذكروا بإيمان الجزائر والمغرب منذ عهد الاستعمار الفرنسي، بوحدة المصير، كما أشاروا إلى مشاركتهما معا في الحرب ضد النازية أثناء الحرب العالمية الثانية، و"لما اندلعت حرب التحرير المجيدة للجزائر في نوبر 1954، كان صداها يعم المنطقة كلها، وغذّاها أبناء تونس والمغرب بدمائهم وأسهموا بالغالي والنفيس من أجل تحرير أشقائهم. "استطاعت أيادي الاستعمار أن تفصل وحدة المصير بين الشعوب الثلاثة، التونسي والمغربي والجزائري، في خضم معارك التحرير لنيل الاستقلال، وسعت أن تثير مشاكل حدودية تكون قنابل موقوتة، لكن تبصر الزعماء المغاربيين عطلوا تلك القنابل في مؤتمر طنجة، سنة1958 وفي رفض أي علاقات مع ضفة الشمالية من البحر الأبيض المتوسط قبل استقلال الجزائر كما نادى بذلك الزعيم المهدي بنبركة في ندوة فلورنسا في أكتوبر 1958″، يضيف البيان. وستدرك المصدر ذاته "لكن تلك القنابل الموقوتة ما لبثت أن اندلعت بعد استقلال الجزائر حول الحدود، التي كان ما كان أن تكون عائقا أمام وحدة الشعوب وتماثل المصير"، مشيرا إلى أن جذوة الحكمة لم تنطفئ، "الرصيد الذي لا ينبغي التفريط فيها مهما كانت الخلافات". واعتبر المثقفون أن دورهم هو التذكير بالمشترك حين تحجبه غيوم الخلاف، والتحذير من الأخطار حين تعمى الأبصار، "لا يمكن للشعبين مهما كانت طبيعة الخلافات ركوب المغامرة، لأن المغامرة هي بكل بساطة عملية انتحارية، وبؤرة لن تهدأ على خاصرة حول البحر الأبيض المتوسط لن توفر افريقيا و لا أوروبا، فضلا عن العالم العربي والإسلامي". ما تزال منطقة شمال إفريقيا تشكل موئلا ومآلا في العالم العربي، وقطبا جذابا لأفريقيا، وأرضا للحوار والتلاقي والتعاون المثمر مع أوروبا. لا يمكن أن نَخْلف آمال شعوبنا، ولا إرث أجدادنا، ولا من يتحلقون حولنا"، يقول البيان. الموقعون على البيان: – محمد بن سعيد آيت إيدر، قيادي في جيش التحرير (المغرب) – حسني عبيدي، أستاذ بجامعة جنيف ومدير مركز الدراسات حول العالم العربي والمتوسط (الجزائر) – حسن أوريد، جامعي وكاتب (المغرب) – ناصر جابي، جامعي وكاتب (الجزائر) – ثريا لحرش، عضو مجلس المستشارين (المغرب) – قادر عبد الرحيم ، أستاذ العلوم السياسية بمعهد الدراسات السياسية بباريس (الجزائر) – أكرم بلقايد، كاتب وصحافي (الجزائر) – عمر محمود بنجلون محامي وجامعي (المغرب)