تابعت باهتمام كبير؛ وبشكل مستمر الانتخابات الرئاسية الأمريكية منذ يوم الاقتراع ( الثلاثاء 3 نونبر 2020 ) الى حدود كتابة هذه السطور؛ سواء على القنوات الفضائية أو عبر تغريدات الديمقراطيين والجمهوريين عبر تويتر بالخصوص؛وسأستمر في متابعتها الى إعلان النتائج النهائية؛متابعتي لهذه الانتخابات لم تكن تهمني وكأنني مواطن أمريكي؛ولكنه كانت تهمني بوصفي مهتما بالديمقراطية في بلادي ومتابعا لها ومساهما فيها من خلال كتاباتي أو ممارستي إياها لسنوات كثيرة في صفوف حزب التقدم والاشتراكية الذي غادرته مجبرا؛ كما سعيت من وراء ذلك إلى الاستفادة من التجربة الامريكية؛بكون الدولة الامريكية تتدخل في العديد من الدول وتدعوهم لتطبيق الديمقراطية وتنعتهم بالفساد في ممارسة الديمقراطية؛ وقلت في قرارات نفسي أيضا؛ لنتابع هذه الانتخابات ونرى إن كانت فعلا أمريكا دولة ديمقراطية حقا أم هي فقط تتدعي ذلك! الملاحظة البارزة في هذه الانتخابات هي المشاركة المكثفة فيها من لدن المواطنين الامريكيين؛ وحرصهم على الادلاء بأصواتهم؛وهو ما يثبت أن القيمة التي يعطيها المواطن الأمريكي لصوته الانتخابي؛ تختلف جذريا عن القيمة التي يعطيها المواطن العربي لهذا الصوت؛(ولا سيما المواطن المغربي)؛ ولعل ما أثار انتباهي أيضا هي تلك الطرق الثلاث لتمكين المواطن بالادلاء بصوته ( التصويت المبكر؛ التصويت المباشر يوم الاقتراع أو عبر البريد في نفس اليوم وليس بعده؛ ولا تحسب البطائق التي لا تحمل طابع البريد ليوم الاقتراع) ورغم هذا التعدد للتصويت ليس هناك تزوير؛إلا بعض المخالفات وهي أمور طبيعة تحدث في كل الانتخابات وفي كل الدول الديمقراطية، وعلى امتداد الولاياتالامريكية كلها هناك مراقبون؛ و يتم عد الاصوات بشكل الكتروني؛جندت له الولايات العنصر البشري اللازم. صحيح أن الرئيس ترامب يدعي أن الانتخابات سرقت منه وتم التلاعب ببعض البطاقات في بعض الولايات؛ولكن هذا الادعاء يبدو مجرد ادعاء بحسب مجموعة من المحللين السياسيين بما فيهم أعضاء من الحزب الجمهوري الحزب الذي ترشح باسمه دونالد ترامب. الملاحظة الثانية البارزة أيضا في هذه الانتخابات هي المستوى العالي للنقاش بين الحزبين الرئيسين في امريكا (الديمقراطيون والجمهوريون)؛ ظل المترشحان باسم الحزبين يتبادلان الرسائل المشفرة ولكن باحترام كامل لبعضهما البعض؛ وأيضا للحزبين؛كما كانت التصريحات أو التغريدات من كلا الطرفين تتمركز بالأساس حول الديمقراطية وسمعة البلاد؛ولم ينفلت النقاش ويتحول الى الشخصنة أو الى السب والقذف كما يحدث في كثير من الاحيان بين الاحزاب في الوطن العربي؛ كما لاحظنا أن بعض كبار الحزب الجمهوري ( سواء على مستوى مجلس النواب أو مجلس الشيوخ ) خالفوا الرئيس ترامب في ادعائه ومنهم من نصحه بقبول النتيجة؛حتى لا تتضرر سمعة الديمقراطية الامريكية أمام الشعب الامريكي وأمام العالم؛وهو ما نرى عكسه تماما ببلادنا في كثير من المناسبات من مثل ( لن نسلمكم أخانا أو لن نسلمكم أختنا ) بل رأينا أكثر من هذا؛حيث حج قياديو الحزب وهم بالمناسبة أعضاء في الحكومة؛ حجوا بكثافة الى المحكمة تحت حجة مؤازرة أخيهم؛بينما الواقع كان هو تشكيل ضغط على المحكمة. لاحظنا أيضا الشكل السلمي والمتحضر الذي عبر عنه مؤيدي دونالد ترامب؛حيث جاءوا لتشجيعه ودعمه؛ولم يسيؤون للجانب الديمقراطي؛الا من بعض المناوشات القليلة التي قام بها بعض المتطرفين ويبقون حالات استثنائية امام المسيرة الحاشدة التي بلغ عددها ما يقارب عشرات الآلاف من الجمهوريين. متى سيسمو الفكر الحزبي والمعاملة ببلادنا وبكل الاوطان العربية، الى هذا المستوى الذي ابان عنه الديمقراطيون والجمهوريون بأمريكا في هذه الانتخابات الرئاسية؟ حيث يضعون مصلحة البلاد فوق كل اعتبار؛بينما ببلادنا تكون المصلحة الذاتية قبل المصلحة الوطنية. متى سيسمو الوعي الانتخابي للمواطن العربي الى ما لاحظناه من خلال المواطن الامريكى؛والى متى سننتظر حتى يصبح المواطن العربي حريصا ومتمسكا بصوته ولا يمنحه الا للذي يستحقه؟!