تنشر جريدة "العمق"، على حلقات، ترجمة حصرية لكتاب "مملكة التناقضات .. المغرب في مئة سؤال"* الذي قام بتأليفه المؤرخ الفرنسي الشهير بيير فيرمورين. ويتكون الكتاب من مقدمة، بالإضافة إلى ثمانية أقسام؛ الأول تحت عنوان: "التاريخ .. مملكة ذات شرعية" ويشمل 14 فصلا، والثاني تحت عنوان: "الجغرافيا .. صلة الوصل بين فضائين كبيرين" ويشمل 8 فصول. أما القسم الثالث فهو تحت عنوان: "المجتمع .. رصيد من التراكمات"، ويشمل 15 فصلا، في حين تمت عنونة القسم الرابع ب "الديانة .. قوة إسلامية واعية بدورها"، ويشمل 10 فصول، أما القسم الخامس فقد جاء تحت عنوان: "السياسة .. تحت قيادة أمير المؤمنين"، ويشمل 15 فصلا. القسم السادس، والمكون من 12 فصلا فقد جاء تحت عنوان: "الاقتصاد .. من الحمار إلى القطار فائق السرعة"، في حين اهتم القسم السابع المكون من 12 فصلا أيضا بالثقافة، بينما تم تخصيص القسم الثامن والأخير لمسألة العلاقة الدولية للمغرب، حيث "كل شيء من أجل الصحراء". وتكمن أهمية الكتابة في أنه يقدم نظرة حول المغرب بعيون مؤرخ فرنسي، حاول قدر الإمكان، أن يكون محايدا في قراءته لتاريخ المغرب، كما أن الكتاب سيكون وثيقة مهمة للباحثين المغاربة وغيرهم من أجل معرفة الشيء الكثير عن المغرب، الذي قال المؤلف إنه "مملكة التناقضات". الحلقة 35: هل الإسلام دين الدولة في المغرب؟ الجواب وارد في المادة 3 من الدستور المغربي الحالي: "الإسلام دين الدولة". ويلي هذا الإقرار على الفور تخفيف يفرق بين المغرب والمملكة العربية السعودية، لأنه ينص على أن "الدولة المغربية تضمن للجميع حرية العبادة". ولكن هذا الإقرار النسبي الثاني صحيح جزئياً فقط. أولاً، إنه موجه ضمنياً إلى الديانتين اليهودية والمسيحية فقط، ولكن الديانات الأخرى غير معترف بها في القرآن، وهذا لا يمنع دخول الأجانب البوذيين إلى المغرب، على سبيل المثال. ولذلك يمكن للطائفتين اليهودية والمسيحية ممارسة شعائرهما بكامل الحرية. ولكن من غير الوارد أن يعتنق المسلم المغربي المسيحية أو اليهودية. إن الانتماء إلى دين غير الإسلام لا يشكل مشكلة عندما يكون المؤمنون أجانب. رسميا، في الواقع، لا يوجد مسيحيون مغاربة معروفون، والرهبان الممارسون في المغرب، وكلهم أجانب، لا يسمح لهم بالتبشير. كما أن تعميد طفل صغير مغربي سيجلب لمن يفعله الكثير من المتاعب فلا يتجرأ أحد على ذلك ومن حين للآخر تطرد السلطات بعض الرهبان البروتستانتيين المتهمين بالتبشير. الأمر مختلف بالنسبة لليهود لأن ديانتهم موجودة في المغرب قبل الإسلام ولأن أمير المؤمنين هو الذي يحمي معتنقي هذه الديانة رسميا … ومع ذلك، ولأسباب سياسية واقتصادية وأمنية، غادر البلاد تقريبا جميع اليهود. ولذلك فإن الإسلام ليس دين الدولة فحسب، وهذا أقل ما ينتظر من نظام سياسي – ديني الذي يحكمه خليفة يحمل لقب أمير المؤمنين، ولكنه أيضا دين الشعب بأكمله تقريبا. هناك بالطبع مغاربة لديهم علاقات مختلفة مع المعتقد، تتراوح بين التصوف المطلق والإلحاد. ولكن في حالة التدين المخفف لا بد من التزام الصمت، ولا يمكن إلا لعدد قليل جداً من الشخصيات أن يعلنوا عن أنفسهم ملحدين أو اعتنقوا ديناً آخر. ولا يأتي الرفض بالضرورة من الدولة لأن المجتمع يتكلف بفرض الاحترام الضمني للإسلام ولذلك يمكن للملحد أن يعيش حرا إذا ما هو التزم الصمت. وتنص المادة 4 من الدستور على أن شعار المملكة هو "الله، الوطن، الملك" وفي الفصل المخصص للملك نجد أنه في نفس الوقت رئيس الدولة وأمير المؤمنين حيق يقول الفصل "41 الملك، أمير المؤمنين وحامي حمى الملة والدين، والضامن لحرية ممارسة الشؤون الدينية". ومرة أخرى، نجد في الفصل 3: "يرأس الملك أمير المؤمنين، المجلس العلمي الأعلى، الذي يتولى دراسة القضايا التي يعرضها عليه ويعتبر المجلس الجهة الوحيدة المؤهلة لإصدار الفتاوى المعتمدة رسميا". هذا التنصيص لم يكن موجودا في عهد الحسن الثاني وأصبح مكرسا في القانون الدستوري تحت حكم محمد السادس له أهميته، بما أنّ الملك ليس فحسب زعيما للإسلام، وبما أنه لا توجد في الإسلام هيئة دينية لا تخضع لسلطته فإن الدين يصبح مجسدا في شخص الملك رئيس الدولة. ويضيف الفصل 41 من الدستور: "يمارس الملك الصلاحيات الدينية المتعلقة بإمارة المؤمنين، والمخولة له حصريا، بمقتضى هذا الفصل، بواسطة ظهائر". والخلاصة هي أن الدولة والله والملك ممتزجون بشكل جوهري في المغرب.