احتضن المغرب، حيث الإسلام دين الدولة، أقلية من المسيحيين منذ العصر الروماني قبل قرون. وبات المهاجرون من إفريقيا جنوب الصحراء يشكلون في الوقت الراهن غالبيتهم، بعد تراجع أعداد الأوروبيين إثر استقلال المملكة. وتقدر الكنسية الكاثوليكية الرومانية عدد أتباعها في المغرب بما بين 30 ألفا إلى 35 ألفا. ويعترف القانون المغربي بهذه الكنسية بموجب مرسوم صدر سنة 1984، قبل أول زيارة قام بها البابا جان بول الثاني إلى المغرب في غشت من السنة الموالية. ويشكل البروتستانت "حوالي 3000 فرد"، بينما ينتمي باقي المسيحيين المقدر عددهم "ببضعة آلاف" إلى كنائس لا تعترف بها السلطات، مثل الكنسية الخمسينية والكاريزماتية والرسولية، حسب ما أفاد أكاديمي متخصص في الموضوع وكالة فرانس برس. الأوروبيون والجنوب صحراويون يتحدر أكثر من 90% من المسيحيين المقيمين حاليا في المغرب من إفريقيا جنوب الصحراء. ويتوزع هؤلاء بين الطلبة الذين يتابعون دراستهم العليا مستفيدين من نظام المنح الجامعية، وبين المهاجرين الذين حلوا بالمغرب على أمل العبور نحو أوروبا، سواء النظاميون منهم أو الموجودون في وضعية غير نظامية. في المقابل، تراجعت نسبة المسيحيين الأوروبيين منذ استقلال المغرب عن الاستعمار الفرنسي والإسباني سنة 1956. وكان المغرب يضم، آنذاك، أكثر من 200 كنسية كاثوليكية وحوالي 300 ألف مسيحي. وتحولت بعض الكنائس إلى مساجد أو مراكز ثقافية، وأصاب الخراب بعضها الآخر، بعد رحيلهم. ويبلغ عدد الكنائس الموجودة حاليا في المملكة 44 يديرها 57 راهبا من 15 جنسية مختلفة، تحت مراقبة أساقفة في طنجة والرباط. الأجانب والمغاربة يمثل الأجانب النسبة الأكبر من المسيحيين الذين يعيشون في المغرب، لكن المملكة تضم أيضا مغاربة اعتنقوا المسيحية. ويقدر مرصد الحريات الدينية عددهم بحوالى 8000 شخص، معظمهم بروتستانت. وتعلن السلطات المغربية مرارا تبنيها سياسة تحترم قيم التسامح الديني، ويؤكد الملك محمد السادس، أمير المؤمنين، حرصه على الدفاع عن "إسلام معتدل" وحماية الأقليات الدينية. وينص الدستور المغربي على أن "الإسلام دين الدولة، والدولة تضمن لكل واحد حرية ممارسة شؤونه الدينية". ويتمتع المسيحيون الأجانب المرتبطون بكنائس "رسمية"، عمليا، بحرية تامة في ممارسة شعائرهم تحت حماية السلطات؛ لكنهم لا يحظون بوضع قانوني، مثل ذلك الذي يتمتع به المغاربة اليهود. في المقابل، يضطر المغاربة الذين يعتنقون المسيحية إلى التخفي. وهم معرضون للملاحقة إذا جاهروا باعتناق دين آخر غير الإسلام، بموجب قانون يجرم التبشير. ويعاقب القانون الجنائي المغربي بالحبس، لمدة تتراوح بين ستة أشهر إلى ثلاث سنوات، كل شخص "استعمل وسائل الإغراء لزعزعة عقيدة مسلم أو تحويله إلى ديانة أخرى". وتطالب كل من "تنسيقية المسيحيين المغاربة" و"الجمعية المغربية للأقليات الدينية" بإلغاء هذا القانون، وضمان حرية العقيدة وممارسة الشعائر الدينية. وتندد هاتان الجمعيتان، غير المعترف بهما، بالتمييز الذي يعانيه معتنقو أديان أخرى من المغاربة. الأغلبية المسلمة تشكل الأقليات الدينية، من يهود ومسيحيين وبهائيين أو شيعة، أقل من 1 في المائة من سكان المغرب الذين يدينون بالإسلام ويتبعون المذهب السني المالكي. وكان المغرب يضم طائفة يهودية كبيرة؛ لكن عدد أفرادها تراجع من حوالي 300 ألف إلى نحو 3000 شخص، منذ إعلان قيام دولة إسرائيل ثم استقلال المملكة في الخمسينيات من القرن الماضي. وفي المقابل، لا يعرف بشكل دقيق عدد الملحدين من بين المغاربة، والذين يواجهون في الغالب ردود أفعال سلبية من المجتمع. والحال نفسه بالنسبة إلى قلة قليلة من النشطاء الذين يطالبون بإلغاء القانون الذي يجرم الإفطار علانية في رمضان، والذي تصل عقوبته إلى الحبس ستة أشهر.