أثارت مؤخرا حلقة لليوتوبر المصري أحمد الغندوز في برنامجه الشهير “الدحيح” على قناة AJ+ بعنوان “الدحيح كوميدي”، الكثير من اللغط بخصوص فقرة من هذه الحلقة (الدقيقة 10) تحدث فيها عن ظهور المنهج العلمي على يد فرانسيس بيكون في أواخر القرن 17، والذي أدى لإزاحة الخرافة والأساطير والدين، ما يهمني هنا ليس حديثه عن إزاحة المنهجية العلمية للدين فالجميع يعلم أن هذا الكلام ليس علميا وليس منطقيا وليس حقيقيا، فالدين كان قبل هذه المنهجية واستمر معها وسيستمر بعدها لأنه ليس هناك تعارض أو تداخل بين المنهجية العلمية والدين. بل ما يهمني هنا هو حديثه بكل ثقة وحدية وقطعية عن ظهور المنهج العلمي في أواخر القرن 17 و بداية القرن 18 على يد علماء أوروبيين مثل بيكون ونيوتون وغيرهما، ولو صدر هذا الكلام عن شخص غير متخصص أو لا يدعي أن كل ما يقوله موثوق المصدر لتقبلت الأمر، أما وأن صديقنا الدحيح الذي أتابع أغلب حلقاته ينسب هذا الكلام للعلم والتاريخ، فلا يسعني إلا أن أقول أنه مزور يأخذ عن مؤرخين أوروبيين يرون أن العرق الأبيض المتفوق هو الوحيد الذي يجب أن ينسب إليه العلم وأن كل إنجازات الأقوام والحضارات الأخرى لا يجب ذكرها في أفضل الحالات بل وسرقتها ونسبتها للغربيين في أسوء الحالات. وهنا لابد من الإشارة أن هناك الكثير من الدارسين لتاريخ العلوم من الأوروبيين من أنصفوا المؤسسين الحقيقيين للمنهجية العلمية وعلى رأسهم ابن الهيثم الذي تحتفي به منظمة اليونسكو كمؤسس للمنهج العلمي التجريبي في مجال البصريات، والهدف من هذا المقال هو توضيح حقيقة تأسيس المنهج العلمي على يد علماء المسلمين قبل قرون من ظهور بيكون ونيوتن وغاليليو وأن بيكون لم يكن سوى مترجم لعلوم وإنجازات هؤلاء العلماء أولا: شبهات بخصوص تأسيس المسلمين للمنهج التجريبي إن التراث العلمي للمسلمين يشمل جزءًا كبيرًا من التاريخ العلمي والحضاري للبشرية ويمثل دور هذه الأمة الرائد في مسيرة الحضارة الإنسانية، بشهادة المنصفين من المؤرخين، لكن بعض المنظرين يغفلون هذا الدور الإسلامي الرائد في الوقت الذي يحاولون فيه أن يؤرخوا لنظرية العلم بإيجاد أساس لها عند أفلاطون وأرسطو في الحضارة الإغريقية، أو عند بيكون وديكارت وغيرهم من رواد النهضة العلمية الحديثة. إننا نفاجأ عند مراجعة كتب الإبستمولوجيا وتاريخ العلوم أننا قد لا نجد في أغلبها أي ذكر لعلماء الحضارة الإسلامية الذين أسسوا وأرسوا المنهج العلمي التجريبي نظريا وعمليا، فنجد على سبيل المثال في موسوعة universalis الفرنسية تتحدث عن أن واضع أسس المنهج التجريبي هو بيكون (1560-1626) ومن ثم إسحاق نيوتن (1642-1727) ضاربة عرض الحائط كل من سبقهما لهذا المجال . ولم يستطع أكثر المؤرخين المعاصرين إنصافًا للحضارة العربية الإسلامية مثل سارتون أن يخفى نزعته العرقية عندما تحدث عما أسماه “بالمعجزة اليونانية” وتفوقها على الحضارات المجاورة لها، قائلاً: .. وحديثنا عن الماضي محدود من عدة وجوه: وأحد هذه الوجوه الضرورية أنه يجب علينا أن نقصر أنفسنا علي أسلافنا فحسب .. والواقع أن ثقافتنا النابعة من الأصل الإغريقي والعبري هي الثقافة التي تعنينا كثيرًا، إن لم تكن هي كل ما يعنينا . وفي كتاب “العلم في التاريخ” لم يستطع المؤلف “جون ديزموند برنال” (John Desmond Bernal) أن يخفى تحيزه الواضح إلى جانب الإغريق والفرس والرومان، في الوقت الذي يكيل فيه اتهامات متنوعة للإسلام والمسلمين دون أن يشرحها أو يدلل عليها. فالإسلام -فيما يزعم برنال- أقام ثقافة متلاحمة ظلت باقية إلى يومنا هذا بالرغم من أنها ليست ثقافة تقدمية، واللغة العربية هي التي حجبت الدور الكبير للعنصر الفارسي في العلوم الإسلامية الشرقية، والمسلمون يتحملون مسئولية كبيرة عن إقامة حواجز بين العلوم الطبيعية والعلوم الإنسانية إلى يومنا هذا، بدعوى أنهم لم يترجموا إنسانيات الإغريق مثلما ترجموا معارفهم العلمية والفلسفية، فانتقلت الإنسانيات والعلوم إلى الثقافة الحديثة عن طريقين مختلفين، وينكر برنال مآثر علماء المسلمين ويقصرها فقط على مجرد حفظهم لميراث القدماء، قائلاً “رضي معظم علماء المسلمين بالنمط الكلاسيكي الأخير للعلوم، ووثقوا هذا النمط، ولم يكن لديهم طموح كبير ليحسنوه، ولم يكن لديهم أي طموح لأن يطوروه تطويرًا ثوريًّا”. إن مثل هذه المواقف المتحيزة بدرجات متفاوتة للعلم الغربي، بل لكل ما هو غربي، على حساب الإنجازات الحضارية للأمم الأخرى بصورة عامة، ومثل هذه الدعاوي والافتراءات الموجهة ضد الإسلام، والمشككة في قدرات العقلية العربية الإسلامية وأصالة الفكر العلمي الإسلامي، والمشوّهة لحقائق التاريخ والعلم على حد سواء، هو الذي يدعونا إلى البحث في كنوز التراث لتأصيل ثقافتنا الإسلامية وإعادة صياغتها بما يلائم إيقاعات العصر، وتوقعات المستقبل، وذلك في إطار الإلمام الواعي بكل الخصائص الحضارية التي تخصنا وتميزنا عن الآخرين. من ناحية أخرى، يجب أن نثنى على ما يبديه الباحثون الغربيون من اهتمام متزايد بالتراث العلمي عند العرب والمسلمين، وعلى تفوقهم بالنسبة لما لديهم من معاهد وأقسام علمية ودوريات متخصصة في هذا المجال، مقارنة بما هو موجود في العالم العربي والإسلامي، الأمر الذي يفرض علينا مضاعفة الجهود للحاق بركبهم ومشاركتهم في كتابة ما يخصنا على الأقل من تاريخ العلم والحضارة، وأفضل مثال لذلك هي مجهودات البروفيسور فؤاد سيزكين صاحب موسوعة تاريخ التراث العربي التي أخرجها في 18 مجلدا ضخما، ردت الكثير من الاختراعات والاكتشافات العلمية المسروقة من طرف الأوروبيين لأصحابها الأصليين من علماء العرب والمسلمين. ثانيا: المنهج العلمي التجريبي عند المسلمين 1) مراحل تطور العلوم عند علماء المسلمين : يمكننا تمييز ثلاثة فترات مرت بها نشأة وتطور العلوم الأساسية عند العرب والمسلمين وهي : المرحلة الأولى: مرحلة النقل والترجمة واستيعاب الثقافات العلمية المختلفة: امتدت هذه الفترة من القرن السابع إلى القرن التاسع الميلاديين نقل فيها العرب أمهات الكتب في الحضارات السابقة إلى اللغة العربية وقاموا بدراستها وشرحها والتعليق عليها، وتنوعت المصادر الرئيسة التي اعتمدت عليها العلوم الأساسية العربية الإسلامية على التراث العام للحضارات القديمة البابلية والمصرية والصينية والهندية والفينيقية. المرحلة الثانية: فترة تكوين الفكر العلمي في العلوم الأساسية: ساهم العرب والمسلمين في هذه المرحلة بإسهامات قيمة وإثراء عظيما لشتي فروع العلوم الأساسية من رياضيات وطبيعة وكيمياء وفلك وعلوم الحياء والطب، و يمكن القول أن هذه المرحلة اتسمت بتكوين فكر علمي للعلماء العرب والمسلمين في شتي مكونات العلوم الأساسية مع تأثر واضح بالثقافة اليونانية من حيث المنطق والبراهين الرياضية و الفلسفة اليونانية، مع توسع في علم الهندسة و الجبر والطبيعة والكيمياء وعلوم الحياة . المرحلة الثالثة: فترة الانطلاقة العلمية في العلوم الأساسية: تميزت هذه المرحلة بالانطلاقة الفعلية لجميع فروع العلوم الأساسية وغيرها من العلوم الأخرى، وتعتبر مرحلة انتقال العلم العربي الإسلامي إلى العالم الغربي بطريق الترجمات اللاتينية التي جري جانب كبير منها في اسبانيا وبفضل هذه الترجمات خرجت أوروبا من عصورها الوسيطة المظلمة 2) الرواد المسلمون: المؤسسون الحقيقيون للعلم التجريبي يقول “Briffault” مؤلف كتاب بناة الإنسانية: “إن روجر بيكون درَس اللغةَ العربية والعلمَ العربي في مدرسة أكسفورد على يد خلفاء معلمي العرب في الأندلس، وليس لروجر بيكون ولا لسميِّه الذي جاء بعده الحق في أن ينسب إليهما الفضل في ابتكار المنهج التجريبِي، فلم يكن روجر بيكون إلا رسولاً من رسل العلم والمنهج الإسلامي التجريبِي إلى أوروبا المسيحية” . وسنستعرض هنا أهم إسهامات العلماء المسلمين المؤسسين الحقيقيين للمنهج العلمي التجريبي وسنقتصر على ذكر أعلامهم ممن اشتهروا بالمنهج التجريبي دون أن نحيط بجميع من ساهموا في تأسيسه ووضع أركانه: أ- جابر بن حيان: رائد المنهج العلمي التجريبي في الكيمياء يقول جابر بن حيَّان، رائد الكيمياء الحديثة (721 – 815م) في كتابه عن نتائج تجاربه العملية: “يجبُ أن تعلم أننا نذكر في هذه الكتب خواص ما رأيناه فقط دون ما سمعناه، أو ما قيل لنا وقرأناه بعد أن امتحناه وجرَّبناه، فما صحَّ أوردناه، وما بطل رفضناه ” . تذكر المصادر أنه أبو عبد الله جابر ابن حيان. وتاريخ ميلاده غير معروف على وجه اليقين، ولكنه عاش خلال النصف الثاني من القرن الثامن الميلادي والجزء الأول من القرن التاسع على ما ينتهي إليه “هولميارد” ويعتبر جابر بن حيان عبقرية عربية وإسلامية أصلية، بفضل كثرة مؤلفاته العلمية في مختلف المعارف الإنسانية بالإضافة إلى ريادته وإسهامه الجذري في تكوين منهج البحث العلمي بالمعنى الحديث، فقد ساهم هو وعبقريات أخرى كالرازي وابن الهيثم والبيروني في تكوين ذلك المنهج العلمي ووضع مبادئه وتأسيس أصوله. منهج البحث عند جابر بن حيان 1- التجربة: توصل جابر بن حيان في القرن الثامن وأوائل القرن التاسع الميلادي إلى مبادئ منهج البحث العلمي الحديث، فإن من يتصفح مؤلفاته العلمية يجد هذا المنهج منثورا ومبثوثا في كل كتاباته، ويمكن لعين الباحث الفاحصة أن تتبين شتات هذا المنهج منثورة هنا وهناك، حيث تجد منهجا تجريبيا يصطنعه في بحوثه الكيميائية جدير بالفحص والتحليل فهو يلزم نفسه بأسلوب من البحث النظري والسلوك العملي، يضم تحته كلا المنهجين الاستدلالي والاستقرائي، والذي هو في النهاية الأسلوب العلمي بالمعنى الحديث. وعن أهمية التجربة يقول: “من كان دربا كان عالما حقا، ومن لم يكن دربا لم يكن عالما. وحسبك بالدُربة في جميع الصنائع أن الصانع الدرب يحذق وغير الدرب يعطل” 2- منهج البحث العلمي: وقد توصل جابر إلى مفهوم شبه متكامل لمنهج البحث العلمي من حيث انه أدرك وظيفة كل من الاستنباط أو الاستدلال أو الاستقراء، وزاوج بين كل منها بعد أن أدراك حقيقة وظيفة كل منها على حدة، ثم استخدم كل منهج في موضعه، فهو في كتابه “البحث” يميز بين الجانب الاستقرائي والجانب الاستنباطي في المعرفة، الأول ما تدركه الحواس والثاني يكتسب بالعقل والبديهة. كان لجابر بن حيان منهج اعتمد على الاستنباط والاستقراء معا، اعتمادا واعيا صريحا، فاقرأ- مثلا – هذه الجملة ليصف بها منهجه ذاك: ” … قد عملته بيدي وبعقلي من قبل، وبحثت عنه حتى صح، وامتحنته فما كذب “. فها هنا قد أجمل جابر كل ما نريده نحن من الباحث العلمي في كلمات قلائل رتبت أدق ما يكون الترتيب، فعمل باليد، ثانيا حتى تنتهي منه إلى نظرية مفروضة، ثم امتحان تطبيقي، ثالثا، للغرض العقلي الذي فرضناه. وهو يفيض في شرح هذا المنهج إفاضة كافية في مواضع كثيرة من كتبه. ب- أبو بكر الرازي وابن سينا: التجربة في خدمة الطب كان الأطباء قبل الرازي يعتبرون أن الأسس التي ببُني عليها الطب الإغريقي غير قابلة للنقد والتعديل. وعلى الرغم من أن “أبقراط” مهندس الطب الإغريقي كان يؤمن بأهمية الخبرة العملية في الطب، ولكنها كانت تأتي في المرتبة الثانية، وأن الكليات والأساسيات التي بنيت عمليها غير قابلة للنقد ، ولكن في عهد الرازي انقلبت المعادلة إذ أصبحت الخبرة والتجربة هي المحك بقبول أو رفض فعالية العلاج، مما يقتضي الأمر تأويل الكليات لتطابق المشاهدة. ومما يوضح ميل الرازي إلى الجانب العلمي أنه أجرى العديد من التجارب في الكيمياء والغذاء والدواء على الحيوان والإنسان على السواء، وضمن ذلك في كتابيه الحاوي والمنصوري اللذين حفلا بملاحظاته في التشريح والملاحظات السريرية على مرضاه . أما الشيخ الرئيس ابن سينا فقد ناقش في كتابه الشفاء فلسفة العلوم، ووصف منهجًا علميًا قديمًا للبحث في كتاب البرهان لأرسطو، وخالفه في الكثير من النقاط. وقد ناقش ابن سينا مسألة وضع إجراءات خاصة للبحث العلمي، ومسألة “كيف للفرد أن يكتسب المبادئ الأساسية للعلم؟”، وتساءل كيف يمكن للعالم أن يجد “البديهيات الأولية أو الفرضيات من استنباط العلم دون استقرائها من بعض مصادرها الأساسية؟”. وأوضح ابن سينا أن الوضع المثالي هو عندما يقبض العالم على “علاقة بين مصطلحات من شأنها أن تصل به إلى المُطلق واليقين العام”. كما أوضح ابن سينا أنه هناك طريقتين للوصول إلى المبادئ الأساسية: الطريقة الأرسطية القديمة (الاستقراء)، والطريقة الأحدث (الفحص والتجربة). ت- ثابت بن قرة التجربة في الجغرافيا والفلك في مجال الفلك وجغرافيا الأرض استطاع علماء المسلمين استعمال المنهج التجريبي وقاموا بقياس طول قطر الأرض ومحيطها، وقد رأَس “ثابت بن قرة” لجنة قياس طول قطر الأرض ومحيطها أيامَ هارون الرشيد، وذلك بأن قاس طول الدرجة القوسية بدقة، واتجه فريق صوبَ الشمال، بينما اتجه فريق آخر صوبَ الجنوب، في نفس خط الطول، وكان يقيس خطوط العرض بقياس ارتفاع النجم القطبي، وهي طريقة سليمة، ولقد وجد أن طول الدرجة القوسية يعادل نحو 56 ميلاً . ث- الخوارزمي والبيروني في الرياضيات والهندسة : يعتبر الخوارزمي من أكبر العلماء العالميين العرب الذين تركوا مآثر جليلة في العلوم الرياضية والفلكية، وكان نجماً متألقاً في سماء الرياضيات، ويدين له كثير من علماء العرب وعلماء أوربا واهتدوا بنوره لما أضافه من كنوز جديدة لكنوز المعرفة الثمينة، فكان على رأس مجموعة كبيرة من المترجمين والعلماء الفلكيين والرياضيين في بيت الحكمة في بغداد في عهد المأمون فلقد طور الخوارزمي في بيت الحكمة الفكر الرياضي بإيجاد نظام لحل كل معادلات الدرجة الأولى والثانية ذات المجهول الواحد بطرق جبرية وهندسية، ويعتبر كتاب “الجبر والمقابلة” للخوارزمي هو أول محاولة منظمة لتطوير علم الجبر على أسس علمية منطقية، وقد وصف جورج سارتون النصف الأول من القرن التاسع بعصر الخوارزمي في كتابه “مقدمة في تاريخ العلوم” لأن الخوارزمي كن أعظم رياضي في ذلك العصر . وقد أتى أبو الريحان محمد بن أحمد البيروني في أَوْج العصر الذهبي للحضارة الإسلامية ليُمَثِّل أعلى مَدٍّ بَلَغَتْه العقلية العلمية، فقد كانت عقلية البيروني مصبوبة في أُطُر المنهجية العلمية ومدموغة بسيماء العلم، ومتمثلة لقيم العلم، ومتكرسة لأهداف العلم، بالمفهوم الحديث لمصطلح العلم؛ أي المفهوم الإخباري المنهجي المُقَنَّن المُنْصَب على العالم الواقعي المتعين . فقد كان المنطلَق الأساسي لهذا المبحث أن البيروني لم يَبْلُغ مَكَانَتَه التي جَعَلَتْه الوحيد في الحضارة العربية الذي يُلَقَّب بلقب» الأستاذ«، وجعلَت المستشرق الألماني إدوارد ساخاو بعد أن حَقَّق بعض كُتُب البيروني يقول عنه عام : 1887 إنه أَعْظَم عقلية عَرَفَها التاريخ، إلا لأنه جَعَلَ التجريب من عمد البحث العلمي، ومارَسَهُ مُتَحَرِّيًا الضبط عن طريق الآلات الدقيقة قَدْرَ المستطاع آنذاك، فلو لم يفعل لَمَا أصبح عالمًا طبيعيٍّا مذكورًا، فاهتم بتحري المشاهَدة والاستقراء والرصد والتتبع، ورأى “أن العلم اليقيني لا يُحَصَّل إلا من إحساسات يُؤَلِّف بينها العقل علي نمط منطقي”. وكثيرًا ما يقول » لم تسكن نفسي إلى غير المشاهَدة».