ساكنة جهة كليميم وادنون،التي خرجت بأغلبيتها من اجل التصويت خلال استحقاقات 2015 على اختيار أعضاء بجهتها وبباقي المجالس المنتخبة،و الذين يمثلونهم طيلة ست سنوات ومضى أكثر من نصفها والمواطن بهذه الجهة ينتظر بلا أمل ولم يلحظ أن هناك ما في الطريق من بارقة يتجه إليها مع ما نراه من تعصب وتشنج الكثير من السياسيين كتلا وأحزابا ،وهم يلعبون بمشاعر هذه الساكنة المسكينة دون أن يقدموا له شيئا غير الأزمات والمشاكل المتتالية وفقا للنزاعات التي يفتعلونها كل يوم. رغم هذا نبقى من الذين يقولون إن ما يجري في كليميم وعموم الجهة اليوم هو مخاض ضروري، وإن كان مؤلما جدا، وذلك حتى ننتقل من مرحلة الفضح إلى مرحلة الكنس، وهي التي كانت قد وصلت إلى مرحلة الاختناق والتدهور الواضح السريع، فقدت معها كل ما يمكن أن يحسب لها على محمل إيجابي. هذا المخاض المؤلم ضروري، لأن كل الأطراف، وقبلها جميعا الساكنة نفسها، وإلى عهد قريب، لم تكن تريد أن تدرك وتقتنع بأن أحزاب الشكارة وممثليها ليسوا سوى باحثين عن الترقي في السلم الاجتماعي وحصد مزيد من المنافع الشخصية لهم ولمن يدور في فلكهم،وأن أحلام وتطلعات الساكنة ليست أبدا على قائمة أولوياتهم بل إنها سقطت من القائمة بعدما أدت دورها كوعود وردية ذغذغت مشاعر الساكنة ومكّنتهم من كسب ثقتها وولوج المؤسسات التمثيلية. بل إن المؤلم حقا، أن هناك اليوم من لم يكتف بذلك، بل يسعى جاهدا لتهديد السلم الاجتماعي بين شرائح المجتمع واعتماد الشحن القبلي والعرقي ظنا منه أن هذه هي الطريقة الأنجع للسيطرة على مقاليد الأمور، وأن هناك من الناس أنفسهم، من يسعد بذلك ويصفق له طربا، ظنا منه أن هكذا يستعاد ما ضاع بنظرهم، وهذا خطأ عميق وفادح، سيغرق السفينة بجميع من فيها، لو كانوا يعلمون. لكن، وبطبيعة الحال، فهناك احتمالات أصعب في المسألة، فهذا المخاض قد يطول جدا وإن ظن البعض أنه حلّ، ورأينا ذلك يحصل في مدن كثيرة (الحسيمة،جرادة،زاكورة..)، استمر فيها الاحتقان الاجتماعي لسنوات طويلة،ليتحول إلى احتجاجات اتجهت إلى ما لا يحمد عقباه، حيث الخسارة طالت جميع الأطراف، ولن يكون هناك رابح حقيقي، ابتداء من الدولة وانتهاء بالناس أنفسهم. هي مجرد احتمالات ، ولا يمكن لأحد أن ينفي حصول أي منها، ولكنني سأظل أومن بألا سبيل لجهتنا ووطننا أن يخرجا من هذا النفق المظلم، الذي إن بقينا فيه، فنحن نتجه إلى أسوأ الحالات قطعا، إلا بالمرور بهذا المخاض الصعب، على أمل أن يكتب الله لنا من خلاله فرجا ولبلادنا انفراجا. وبالطبع فإن ترجيح أحد الاحتمالات عن الآخر هو بيد الدولة وحدها، وتميل الكفة لمصلحة من بيدهم مفاتيح أكثر ليس صحي، لذلك فإن عجز هؤلاء عن إدراك حساسية ما يجري اليوم، وإدراك حقيقة أنه أشبه باللعب بأعواد ثقاب في غرفة مليئة بأصابع الديناميت، وتساهلوا مع الموضوع، أو أنهم، وهذا الأخطر، حولوا المسألة برمتها إلى عناد وصراع شخصي، فإننا جميعا سائرون نحو الأسوأ وللأسف. أحداث اليوم (شراء ذمم منتخبين،بلوكاج،مفاوضات،استقالة ونفيها) كشفت الحقيقة المعروفة لمن يريد رؤيتها اليوم حقا بعدما تجاهلها وتعامى عنها سابقا. كشفت كيف أن الفساد مستشرٍ بشكل لم يسبق له مثيل على كل المستويات من أعلاها إلى أدناها، وأن المؤسسات التمثيلية كوسيط وشريك بين الدولة والساكنة صارت فاقدة لقيمتها، ما بين استلاب صلاحياتها وتلوث الذمة المالية للكثير من أعضائها واختطاف قرارهم المستقل، وأن مفهوم الوطنية عند أغلب الناس قد صار هشا وغير واضح وربما بلا قيمة ودلالة، وغير ذلك كثير. إرهاصات هذا الواقع البائس كانت ظاهرة منذ زمن،وحذرنا منها في حينها، ولكن أحدا لم يتحرك، واليوم عمّ وطمّ، حتى وصلت السكين إلى العظم، وصار لابد من المواجهة أو النهاية. ختاماً،سأظل متفائلا بمستقبل أفضل، رغم كل هذا الأحداث المحزنة، لأن الوقت في مصلحتنا، نحن عشاق هذا الوطن الجميل في قلوبنا وخيالنا وأحلامنا، نحن الذين نرفض أن يتم اختطافه على يد الفاسدين والمتعصبين والوصوليين، وسيلقَّاها الذين صبروا، ولذلك سنظل صامدين ما دام في العمر بقية، وإن رحلنا فسوف يأتي من بعدنا من يكمل المسيرة، وإن كنا اليوم نألم فإنهم يألمون بشكل مضاعف، ولكننا سنظل نرجو من الله ما لا يرجون. آخر الكلام: إلى السادة الحقيقيين ساكنة هذه الجهة العزيزة، إياكم والإحباط واليأس، فهما من ضمن الوسائل المستخدمة لتوجيه سلوك الساكنة ولتجنب عقابها للسياسيين في الاستحقاقات المقبلة.