”أحب الناس إلى الله أنفعهم، وأحب الأعمال إلى الله عز وجل سرور تدخله على مسلم، أو تكشف عنه كربة، أوتقضي عنه ديناً، أوتطرد عنه جوعاً، ولأن أمشي مع أخي المسلم في حاجة أحب إلي من أن أعتكف في المسجد شهراً. ” ربما يحتاج كل منا وقفة تأمل مع ذاته، يقرأ فيها ملِّيا هذه الكلمات ، ويسترجع كل العناوين المهمة المسطورة في حياتة…. هل ساعدت شخصا ما يوما؟ هل خففت معاناة أحدهم يوما؟ هل فرجت كربت أحد يوما؟… ماذا قدمت من أعمال إنسانية تطوعية تفيد بها الآخرين . العمل التطوعي، كلمتين صغيرتين بمدلول عميق، كلمتين تحملان من الإنسانية ما افتقدناه في عالم الرقميات. تشارك، تعاون، تآزر، إحساس بمعاناة الآخر، كلها ركائز أساسية تزرع في الفرد مبادئ سامية ونبيلة، وتعيدنا إلى فطرتنا التي خلقنا عليها، فطرتنا التي تحثنا على فعل الخير وحب الخير وتنمية مبدأ الإنسانية بداخلنا . إن مبدأ العمل التطوعي هو مبدأ حياة، مبدأ يحيي قيم اجتماعية، ويساهم في تعزيز التكافل بين جميع الأفراد تاركين وراءنا كل ما يعزز التفرقة الطبقية. وهذا ما جسدته جمعية الأيادي المتضامنة من خلال مهرجانها السنوي للتحسيس بطيف التوحد تحت شعار ” توحدي أنا مختلف مثلك ” ، حيث نظمت المهرجان الوطني للتوحد في نسخته الثالتة والذي سعت من خلاله إلى التحسيس ولو بجزء بسيط من معاناة هاته الفئة التي تعاني من التهميش المجتمعي والتي قلّما نجد من يعرف عنها … وقد عرفت هذه النسخة من المهرجان انطلاق فعالياتها يوم 19 أبريل بندوة علمية إجتماعية تحت عنوان “المقاربة العلمية والإجتماعية لملف التوحد بالمغرب ” بقاعة باب بوحاجة بسلا على الساعة 3 زوالا وذلك من تأطير أخصائين في العلاج السلوكي المعرفي وأخصائيين في تقويم النطق أساتذة من تخصصات مختلفة وذلك من تنشيط مندوب جمعية الأيادي المتضامنة إلياس العبدلاوي وقد عرفت الندوة نقاشات وتدخلات جد مفيدة لأسر أطفال توحديين ساهمت في إغناء مضمون هذه الندوة . وقد إستمرت فعاليات المهرجان لليوم الثاني 20 أبريل بتنظيم حملة طبية مجانية لفائدة أطفال حاملين لإعاقات مختلفة تحت إشراف أطباء ذوو كفاء ات عالية من مختلف المجالات بما في ذلك طب الأطفال، طب عام، طب الأسنان، أخصائي النطق، أخصائية في تعديل السلوك الحسي الحركي … ثم بعد ذلك إرتأت الجمعية أن تختم مهرجانها يوم 21 أبريل بحفل كان أبطاله يافعين رسالتهم الوحيدة أن بذرة الخير والتضامن والتآزر ستنمو وستكبر ما دمنا يدا واحدة. وقد تم افتتاح الحفل بآيات بينات من الذكر الحكيم ثم تقديم مجموعة من العروض المتنوعة كمسرحية “توحدي أنا موهوب مثلك” التي أبدع في تجسيدها يافعين و يافعات جمعية الأيادي المتضامنة لذوي الاحتياجات الخاصة و كذلك عرض أنشودة أطفال التوحد الذي تمت كتابته وتلحينه من طرف أطر الجمعية وكذا عرض فيلم قصير “الرفيق ” الذي يجسد معاناة واقعية للتوحدي، ثم بعد كل ذلك تم فتح معرض خاص بالفنون التشكيلية والفخار والأعمال اليدوية الذي كانت من إبداع أطفال حاملين لإعاقات مختلفة . فعلا نحن بحاجة ماسة لمثل هكذا فعاليات تذكرنا أننا لسنا الوحيدين الذين لنا الحق في العيش على هذه الأرض وإنما هناك أناس علينا الإلتفات إليهم والإهتمام بهم ليكتمل توازن الحياة فلربما نحن في حاجة لهم أكثر ما هم في حاجة إلينا . إن تأصيل ثقافة العمل التطوعي في المجتمعات بدأ من الطفل وصولا إلى الراشد سيغير الكثير بل وأكثر من الكثير… دعونا نعود لفطرتنا التي فطرنا الله عليها من حب الخير للغير، وكن أنت التغيير الذي تريد أن تراه .