أثار القانون الإطار المتعلق بمنظومة التربية والتكوين 51.17، في شقه المتعلق بفرنسة المواد العلمية، جدلا واسعا بين فئتين؛ فئة مؤيدة، وفئة معارضة، فالفئة الأولى ترى في الفرنسة ضربا للهوية وانسلاخا وتغريبا، مدعمين رأيهم بدستور المملكة الذي أقر لغتين؛ العربية والأمازيغية، في حين تراه الفئة الأخرى فتحا مبينا سيساوي أبناء عامة الشعب بأبناء الموجودين بدواليب القرار الذين يؤهلون أبناءهم لمناصب عالية بفضل تمكنهم من اللغات، ويبني هذا الفريق أطروحته أيضا على الشرخ بين المرحلة الثانوية والمرحلة الجامعية، لغة التدريس في الثانوي هي اللغة العربية، وفي الجامعة اللغة الفرنسية. إن الدعوة لفرنسة العلوم، تحت غطاء الانفتاح على بعض اللغات، تحمل في طياتها اتهاما مبطنا للغة العربية بالتخلف عن مسايرة العلوم، وبمعنى آخر اعتماد اللغات الأجنبية أو بتعبير القانون الإطار الانفتاح على بعض اللغات الأجنبية قصد تحسين التحصيل الدراسي، الذي تعد اللغة سببا في تدنيه. الشرخ بين الثانوي والجامعي، هو الآخر حجة ضعيفة للدعوة لتغيير لغة التدريس، فالكثير من الطلبة المغاربة ذهبوا إلى أوكرانيا وروسيا، وغيرهما من الدول، لدراسة الطب والصيدلة، على سبيل المثال، فلم تطرح اللغة إشكالا، علما أنهم يلقنونها في سنة واحدة. القانون الإطار يطرح، في المادة الثانية، المرتبطة بالتناوب اللغوي، إمكانية تدريس بعض المضامين أو بعض المجزوءات في مادة ما بلغات أجنبية، شخصيا لا أرى أي ضرر في الانفتاح على بعض اللغات، شرط أن تكون هناك إضافة للمتعلمين، ولتكن الإنجليزية نظرا لموقعها في البحث العلمي، لكن كيف ستثبت الإنجليزية قدميها في وطن سادت فيه الفرنسية على العربية والأمازيغية، ولكم أمثلة في المعاملات البنكية، وفي الرسائل الإدارية… عود على بدء، لم لم يثر إرساء البكالوريا الدولية بمجموعة من الثانويات، وكذا الأولى إعدادي دولي بمجموعة من الإعداديات هذه الضجة؟ لم لم تثره مذكرات أكاديمية تدعو جهارا إلى تعميم تدريس البكالوريا الدولية والأولى إعدادي دولي؛ أكاديمية سوس ماسة على سبيل المثال، المذكرة 18|6600؟هذه البنيات التربوية أضافت طبقية أخرية، إلى طبقية أدبي/ علمي، وهي طبقية داخل الشعبة نفسها؛ علمي عربي/ علمي فرنسي أرى أن السجال حول لغة التدريس، تحوير للنقاش الحقيقي، الذي يمكن أن نلخصه في السؤال الآتي: لماذا لا تنتج مدارسنا؟ أو بتعبير آخر ماذا لماذا لا يتوافق إنتاج مدارسنا مع تحديات الحاضر؟ إن خطوة فرنسة المواد، أو بزعم القانون الإطار بعض المضامين أو بعض المجزوءات، لن ينتج شيئا ذال بال، ذلك أن الإشكال ليس في اللغة، بل في الفضاءات التي تغتال الإبداع وتسرف في النظري كأن تلك الدروس غيبيات، ومن صميم واقعنا “المفرنس”(المقصود التعبير الدارج، للتقريب ابتسامة) أساتذة مادة الإعلاميات منهم من قدم دروسا في اللوح الأسود، والحاسوب شيء يسمعه المتعلم ولا يراه، ومنهم من يحدث التلاميذ في برمجيات أمام حواسيب تجاوزها الزمان، أزيزها يشعر المتعلم وكأنه في معمل، الأمر نفسه يجري على علوم الحياة والأرض، مختبرات خالية على عروشها إلا من مسلاط عاكس في بعض الأحيان، فما النتائج المنتظرة غير الاجترار؟ إن الرقي بأداء المتعلمين اللغوي لا يعالج بمذكرات فوقية، بل بالنزول للميدان والجلوس إلى الفاعلين الحقيقيين، فعلى سبيل المثال، ما الغاية من تدريس روايات ضخمة لمتعلمين غير متمكنين من اللغة الفرنسية؟ بل ما الغاية من تدريس المقرر نفسه للشعبتين؛ العلمية والأدبية؟ وأي خطة لتدريس الترجمة بشعبة العلوم؟ يستخلص مما سبق غياب رؤية واضحة للسياسة اللغوية بالمدرسة المغربية، تعلم اللغات لم يعد اختيارا، لقد أضحى ضرورة تفرض نفسها، وهو ما يستدعي وجود تصور تربوي، ذي مدخلات ومخرجات، بعيدا عن المزايدات الإديولوجية، ومبتدأ هذه المدخلات تحديد الغاية من تدريس اللغات الأجنبية بالشعب، والانتصار للمعنى على الكم، إضافة لتأهيل الموارد البشرية، التي تعد أس أي إصلاح، من خلال التكوينات والمواكبة والحوافز، فضلا عن توفير الوسائل الديدكتيكة؛ أعني تجهيز المختبرات، وقاعات اللغات. ومنتهاها أفراد مساهمون في تطوير البحث العلمي، تستفيد البلاد من كفاءتهم عوض إهدائهم لدول أخرى لم تصرف على تكوينهم سنتيما. ومما لا ينبغي أن يعزب عن بال الفاعلين التربويينأن هذا السجال اللغوي له انعكاس على تكوين الأفراد، لذا ينبغي العمل على تحقيق التناغم اللغوي، ودرء الطائفية اللغوية، فلنينجح، حسب محمد الأوراغي، في مقالة له بعنون التدريس بأي لغة لأي تنمية، نظام تربوي يتضمن قيما حضارية متدافعة، أو توسل في التدريس بلغات متنافسة على الانفراد بالاستعمال في المجال نفسه، في ترسيخ التماسك الاجتماعي. 1. وسوم